وصف المؤرخ المغربي الطيب بياض الشخصية المغربية بأنها نتيجة مجموعة من التراكمات والتفاعلات مع المحيط والأحداث، وذلك في محاضرة ألقاها صباح يومه الثلاثاء بالمكتبة الجامعية محمد السقاط بمدينة الدار البيضاء. وأشار بياض في المحاضرة التي كانت تحت عنوان "تشكل الشخصية المغربية عبر التاريخ"، إلى أن هذا التراكم "مؤسس على الاستمرارية والتحول"، موضحا: "معنى ذلك أن إعادة التفكير في صيرورة تشكل الشخصية خلال مدة طويلة سيقود إلى تلمس طبقات من التاريخ باعتبارها بنية تحتية، وسيمكن تعميق البحث بشقيه الأدبي والأثري من إدراك مكونات مختلف هذه الطبقات، وما واكبها من تطعيمات وترميمات". وأكد بياض أنه إذا ما تم وضع الترسبات الحضارية للشخصية المغربية ضمن إطار جغرافي، سنجد أن هذا الأخير يتقاسم مع الغرب الأمريكي وأقصى الغرب الفرنسي "تلك العلاقة الملغزة مع الشرق التي تستبطن ما يشبه الندية والبحث عن التمايز داخل مجال محكوم بحدود برية، تجعل التأثيرات الشرقية منحصرة على التخوم، ومفتقرة لزخمها إن قدر لها العبور، وحدود بحرية تجعل المنطقة منتهى المسير من جهة الغرب". وتحدث بياض عن أن الشخصية المغربية تبقى في مجملها "إيجابية" لكنها بالمقابل لديها نقاط سلبية كثيرة حسب المؤرخ المغربي عبد الله العروي "أوضحها وأكبرها ضررا للمجتمع هي التهرب من تحمل المسؤولية"، مستشهدا بمجموعة من العبارات في خطابنا اليومي ك"خلاص، على محال ..". هذا وأبرز بياض علاقة المغربي مع الزمن من خلال مجموعة من العبارات ك"لا زربة على صلاح، اللي زربوا ماتوا.."، مؤكدا أن هذه العلاقة تؤثر على الإنتاجية، حيث نسجل هدرا في الزمن التعليمي، الزمن الإداري والزمن الاقتصادي. وأوضح بياض أن الشخصية المغربية تشكلت أيضا بفعل الترحال، إذ أن المغربي "انسان متحرك بالسليقة" سواء لأسباب اختيارية أو قهرية، مشيرا إلى أنه مع الترحال تنتقل التعبيرات الثقافية ثم يحدث انصهار في الزمن الطويل. من جهة أخرى، أشار بياض إلى أن ثقافة المجتمع المغربي تميزت بكونها شفوية بسبب تأخر دخول المطبعة حسب تفسير المؤرخ المغربي ابراهيم بوطالب، منبها إلى أن الأمور التي كانت مكتوبة هي النوازل والفتاوى وهو ما يفسر الطابع المحافظ للمجتمع.
مشاركة :