الرياص - اسماء السيد - يشارك المنتخب الفلسطيني، الملقب بـ"الفدائي"، في بطولة كأس آسيا 2023 لكرة القدم في قطر، في ظل حرب غزة التي تسببت بمقتل الآلاف، من ضمنهم لاعبون محليون، وأقاربُ لاعبين من المنتخب المشارك في البطولة التي تنطلق يوم 12 يناير/كانون الثاني. ففي صفوف المنتخب، فَقَدَ اللاعب الفلسطيني محمود وادي، وهو مهاجم نادي "المقاولون العرب" المصري، عمه وعددا من أولاد عمه وأقارب آخرين له قتلوا أثناء الحرب، كما فقد اللاعب محمد صالح، الذي يلعب في مركز الدفاع، كلا من خاله وخالته وأبناء لهما قبل أيام من انطلاق البطولة، وفقا لما قاله أحمد تيسير، المنسق الإعلامي المرافق للمنتخب الفلسطيني، لبي بي سي عربي نيوز. "اللاعب الفلسطيني جزء من النسيج الوطني الفلسطيني، والحالة النفسية للاعبين صعبة كحال جميع الفلسطينيين بعد أن فقدوا أقارب لهم في الحرب"، كما يقول تيسير. ولا تضم تشكيلة المنتخب الحاليّة أي لاعب يعيش في قطاع غزّة؛ فوفقا للمنسق الإعلامي لم يتمكن أي لاعب منهم من الالتحاق بالمنتخب الفلسطيني بسبب الحرب. أحداث رياضية في أوروبا شهدت ظهوراً لافتاً لأعلام ورموز مرتبطة بالحرب في غزة فلسطينيون يدفعون آلاف الدولارات في محاولة للفرار من الحرب في غزة – في الغارديان وكشف رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، الفريق جبريل الرجوب، لبي بي سي عربي، عن مقتل "67 لاعب كرة قدم من مختلف الأعمار، نسبة كبيرة منهم من الأطفال". ووثق الاتحاد مقتل "85 فلسطينياً من الأسرة الرياضية" عموما، بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و6 ديسمبر/كانون الأول. وأصدر الاتحاد تقريرا، أشار فيه إلى أن القوات الإسرائيلية "استهدفت" رياضيين فلسطينيين ومنشآت رياضية في المحافظات الشمالية والجنوبية، مما أدى إلى "تدمير 9 منشآت رياضية؛ 4 منها في الضفة الغربية المحتلة، و5 في قطاع غزة". وقتل صباح السبت (6 يناير/كانون الثاني)، مدرب المنتخب الفلسطيني الأولمبي ولاعب المنتخب الأسبق، هاني المصدّر، جراء إصابته بشظايا صاروخ، أسقطته الطائرات الإسرائيلية قرب منزله في قرية المصدّر في قطاع غزة، وفقا للاتحاد. وبعد ثلاثة أشهر على حرب غزة، قتل أكثر من 22 ألف شخص، وأصيب نحو 57 ألفا، وفقا لوزارة الصحة في غزة. ويلعب المنتخب الفلسطيني في المجموعة الثالثة، إلى جانب كل من منتخب إيران - بطل آسيا 3 مرات - والإمارات، وهونغ كونغ، في مهمة لا تبدو سهلة لرفاق المدرب التونسي، مكرم دبوب، المدير الفني للمنتخب الفلسطيني. وضمت القائمة التي استدعاها مكرم دبوب، كلاً من: رامي حمادة (من مدينة شفا عمرو)، نعيم أبو عكر (بيت لحم)، براء خروب (قلقيلية)، عمرو قدورة (فلسطيني يعيش في السويد)، الكابتن مصعب البطاط (مدينة الظاهرية)، موسى فيراوي (القدس)، محمد خليل (رام الله)، سامر الجندي (القدس)، كاميلو سالدانا (من بيت لحم، ومغترب في تشيلي)، ميشيل ميلاد (فلسطيني مغترب في السويد)، محمد صالح (من قطاع غزة، محترف مصر)، ياسر حمد (قطاع غزة، محترف في الهند)، المهدي عيسى (بيت لحم)، عميد محاجنة (مدينة أم الفحم)، عطاء جابر (مدينة مجد الكروم)، عدي خروب (قلقيلية)، محمد باسم (رام الله)، سامر الزبيدي (القدس)، تامر صيام (القدس)، محمود أبو وردة (مخيم بلاطة)، إسلام البطران (الخليل)، علاء الدين حسن (مدينة المشهد)، محمود وادي (قطاع غزة، محترف في مصر)، شهاب القنبر (القدس)، زيد القنبر (القدس)، عدي الدباغ (القدس). وبلغ المنتخب الفلسطيني النهائيات الآسيوية بعدما تصدر الترتيب العام لمجموعته برصيد 9 نقاط من 3 انتصارات متتالية، حيث اعتلى صدارة المجموعة أمام الفلبين 4 نقاط، منغوليا 3 نقاط، واليمن 1 نقطة. ويفتتح "الفدائي" مشواره في دور المجموعات، بمواجهة نظيره الإيراني في 14 يناير/ كانون الثاني، ثم يقابل منتخب الإمارات يوم 18 من الشهر نفسه، على أن يختتم مشواره في الدور الأول باللعب ضد هونغ كونغ في 23 من هذا الشهر. ومن البديهي أن الوضع النفسيّ للاعبين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى قطر ليس سهلاً؛ فكما يقول رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، الفريق جبريل الرجوب، فإن الضغط كبير جدا على اللاعبين "لا سيما عند من لديهم عائلات في غزة تعيش في ظروف لا يمكن وصفها من المعاناة الإنسانية". "كما أن اللاعبين من المحافظات الشمالية، بما فيها مدينة القدس، يبقون في حالة قلق على ذويهم جراء الاجتياحات المتتالية، والإغلاقات، واعتداءات المستوطنين في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية"، كما يقول. لكنه يضيف أن "عزيمتهم، وإصرارهم على المضي قدماً في تنفيذ استحقاقات المنتخب القارية والدولية بالرغم من كل الظروف، فاجأت الجميع". ويمنّي المنتخب الفلسطيني النفس بحصد انتصارات في هذه النسخة؛ حيث لم يفز بأي مباراة حتى الآن في كأس آسيا خلال مشاركتيه السابقتين، في حين حقق تعادلين في النسخة الماضية من البطولة. ويؤثر عامل آخر على نفسية اللاعبين يتعلق بتوقف النشاط الكروي في الأراضي الفلسطينية أثناء الحرب . يقول أحمد تيسير، المنسق الإعلامي المرافق للمنتخب الفلسطيني إن تعليق النشاط الرياضي في الأراضي الفلسطينية أوجد عدة مشاكل جسدية تمثلت بعدم الجاهزية البدنية بشكل كامل، بالإضافة إلى مشاكل فنية وتكتيكية. لأول مرة منذ عقود، بحسب الرجوب، يخوض المنتخب الفلسطيني تجربة التحضير لاستحقاقاته القارية والدولية خارج حدود الأراضي الفلسطينية، "الأمر الذي حصل خارج رغبته وإرادته" بسبب الدمار الذي طال البنية التحتية الرياضية. وأشار إلى أن "تضامن وحفاوة الأشقاء في الجزائر والكويت والسعودية وقطر والأردن خففت من وقع هذا البعد القاهر كثيراً". وخاض المنتخب الفلسطيني مباريات ودية ومعسكرات تدريبية خارجية في الجزائر والسعودية استعداداً لكأس آسيا 2023. وتحدّث الرجوب عن تدمير ملعب اليرموك في قطاع غزة الذي يعد "أحد أقدم الملاعب في فلسطين؛ إذ تأسس عام 1938". وأوضح أن الجيش الإسرائيلي "حوّل ملعب اليرموك لكرة القدم إلى مركز اعتقال وتنكيل وتحقيق، في خرق واضح للميثاق الأولمبي وكافة القوانين الدولية". وينص الميثاق الأولمبي على ضرورة حماية الرياضيين من أجل ضمان قدرتهم على التدريب والمنافسة في بيئة محمية وآمنة، ضمن بند "الرياضة الآمنة". وقال الجيش الإسرائيلي في رده على مقاطع الفيديو التي تُظهر فلسطينيين شبه عراة بينهم أطفال في ملعب اليرموك، إن هؤلاء الفلسطينيين في الصور يشتبه في تورطهم في "أنشطة إرهابية". كما دُمّر ملعب فلسطين الدولي في القطاع. وأعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أنه وجه "رسائل عاجلة إلى اللجنة الأولمبية الدولية وكل الاتحادات الدولية والقارية والإقليمية" بما فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "طالب فيها بفتح تحقيق دولي عاجل بجرائم الاحتلال بحق الرياضة والرياضيين في فلسطين". توقع تيسير أن يحظى المنتخب الفلسطيني بدعم كبير من الجاليات العربية، خاصة أن دولة قطر تولي القضية الفلسطينية اهتماماً ودعماً كبيراً، مشيراً إلى بيع أكثر من 70 في المئة من تذاكر مباريات المنتخب. ويتوقع أن تشهد البطولة حضوراً كبيراً من الجماهير العربية في قطر، وجرت العادة أن تهتف هذه الجماهير للمنتخب الفلسطيني من مدرجات الملاعب خاصة في ظل حرب غزة المستمرة، بحسب تيسير. وأشار إلى أن "الفدائي" يحظى دوما بدعم جماهيري كبير في المدرجات، حتى من قبل جماهير المنتخبات المنافسة، و"يرفع المشجعون العلم الفلسطيني للتعبير عن الحب والدعم الكبير للشعب الفلسطيني بغض النظر عن المنافسة الكروية على أرض الملعب". يعد كأس آسيا في قطر هو الظهور الثالث للمنتخب الفلسطيني في البطولة بعد أول مشاركة له في أستراليا عام 2015، تلتها مشاركة في الإمارات 2019 قبل أن يشارك حالياً في الدوحة في نسخة 2023، ليكون الظهور الثالث على التوالي. وتعتبر بطولة كأس آسيا البطولة العالمية الثانية التي تستضيفها الدوحة خلال عام تقريباً بعد استضافة كأس العالم 2022، وسيتنافس في المسابقة القارية 24 منتخباً من أجل التأهل إلى الدور الثاني. ولم يسجل المنتخب الفلسطيني أي هدف خلال النسخة الماضية من البطولة في الإمارات، فيما سجل اللاعب جاكا حبيشة هدفاً واحداً في مرمى الأردن ضمن بطولة عام 2015 التي أقيمت في أستراليا. ويقضي نظام البطولة بتأهل أول وثاني كل مجموعة، إلى جانب أفضل أربع منتخبات احتلت المركز الثالث في المجموعات الست، ما يمنح المنتخب الفلسطيني فرصة للتأهل إلى الدور الثاني لأول مرة بتاريخه. يُشارك 24 منتخباً في البطولة، والتي ستتوزع على 6 مجموعات، سيتأهل أصحاب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة، في وقت ستكون هناك فرصة لأربعة منتخبات احتلت المركز الثالث في المجموعات الست للتأهل والانضمام إلى الـ 16 منتخباً المتأهلة. وبعد نهاية دور المجموعات، ستُفرز المنتخبات الستة، التي احتلت المركز الثالث في المجموعات على مجموعة خاصة من 6 منتخبات، وتحتل أول 4 منتخبات أول 4 مراكز، وفقاً لعدة معايير بحسب النظام الخاص للبطولة الآسيوية. وبحسب هذا النظام، يُحدد عدد النقاط كأول معيار لتحديد تمركز المنتخب من المركز الأول حتى السادس، وثاني معيار فهو فارق الأهداف، أما المعيار الثالث الذي يؤخذ بعين الاعتبار فهو الأهداف المسجلة في دور المجموعات. وفي حالة تعادل منتخبين في عدد النقاط وفارق الأهداف والأهداف المسجلة، يلجأ النظام للمسألة التأديبية (بطاقات صفراء وحمراء)، وفي حال التعادل أيضاً، يلجأ لخيار آخر وهو القرعة لتحديد هوية المتأهل في النهاية.
مشاركة :