ما توقعات نتائج جلسة مناقشة دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟ خبراء يجيبون

  • 1/10/2024
  • 23:46
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

المنامة - ياسر ابراهيم - مع انطلاق أولى جلسات محكمة العدل الدوليّة في لاهاي، غداً الخميس، للنظر في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعيّة بحق الفلسطينيين في غزّة، تتجه الأنظار نحو مآلات جلستي الخميس والجمعة وما يمكن أن تحققه المحكمة في وقف الحرب على غزّة ومحاسبة إسرائيل. ويتساءل العديد من المراقبين والمتابعين عن مدى إمكانية تحقيق محكمة العدل الدوليّة العدل للفلسطينيين؟ وإذا ما كان قضاة المحكمة الخمسة عشر هم مستقلون في قراراتهم أم يتبعون في مواقفهم لمواقف دولهم في السياسة الخارجيّة؟ وما هو المسار الذي ستتخذه المحكمة بعد جلسات هذ الأسبوع؟ وكيف ينعكس تمثيل طاقم القانونيين لكل من جنوب أفريقيا وإسرائيل على القضية؟ في هذا السياق، يقول المحامي والباحث القانوني علاء محاجنة، في حديثه مع "العربي الجديد"، حول استقلاليّة القضاة في قراراتهم: "في اعتقادي لا يوجد جهاز قضاء وطني أو دولي مستقل سياسياً بشكل تام. القضاة متأثرون من مواقف الدول التي يأتون منها، وهناك تاُير باللاوعي عندما يكون الموضوع متعلق بقضيّة سياسيّة وموجودة على الأجندة الإعلاميّة بشكل مكثّف، ويوجد حولها استقطاب داخل المجتمع، خصوصاً في دول حليفة لإسرائيل حتى لو كان الرأي العام في هذه الدول ضد الحرب". محاولات التأثير على القضاة وأضاف محاجنة أن "هذا الاستقطاب ما بين الرأي العام الشعبي والمؤسسات الرسميّة ينتج عنه سجالات، وهي تتغلغل وتعمل بشكل خفي في ذهنيّة القاضي عندما يعمل على قضية مثل التي نتابعها الآن، وهذا موضوع بنيوي في كل جهاز قضائي. يترافق ذلك مع الشحنة السياسيّة والاجتماعيّة لتكوين القاضي الشخصي ووجهات نظره". وأشار محاجنة إلى أن إسرائيل ستحاول استمالة هذه الدول التي لديها قضاة دائمين في المحكمة، وكذا "محاولة والتأثير عليهم بوسائل مختلفة، وقد ينتج حالة من التأثير الواعي أو غير الواعي"، مضيفاً أن "إسرائيل بدأت بالعمل وأرسلت برقيات للسفارات الإسرائيليّة للعمل في هذا الموضوع بهدف الضغط السياسي". ولفت محاجنة في حديثه عن سبب اختيار إسرائيل القاضي الإسرائيلي الليبرالي أهارون باراك، كجزء من الاستراتيجيّة الإسرائيليّة لمواجهة المحكمة، إلى أن "باراك قاضٍ معروف على مستوى عالمي، ومحاضر زائر في عدّة جامعات مرموقة حول العالم، ويُنسب له كل (الثورة القضائيّة) في إسرائيل، والتي تُدرّس كتجربة فريدة حول مدى فاعلية جهاز القضاء في القانون الدستوري والقانون المقارن". وأضاف أن "ما كانت تحاول الحكومة الإسرائيليّة القيام به السنة الأخيرة فيما يُعرف بالانقلال القضائي بإسرائيل هو انقلاب على الثورة الدستوريّة التي قام بها باراك، والآن تأتي هذه الحكومة اليمينيّة وتختار هذا القاضي ليمثلها أمام العالم، وهو بالمناسبة ابن للمؤسسة الإسرائيليّة حتّى النخاع". ويتوقع محاحنة أن تكون الاستراتيجيّة الإسرائيليّة على اعتبار أن "إسرائيل تخوض حرباً ضد عدو (إرهابي) يصنف عند العديد من الدول على أنه إرهابي (حماس)، وسيدّعون أنه في حرب ضد عدو خطير مثل حماس، قد يسقط أبرياء ومدنيين بهدف الدفاع عن النفس". لكن في ذات الوقت أكد المحامي أن الإسرائيليين "في ورطة بسبب حجم الدمار في غزّة وكمية أعداد المدنيين الذين قُتلوا بالقصف الإسرائيلي (...) هم أيضاً في ورطة بسبب التصريحات العديدة التي تدل على نية لارتكاب الإبادة الجماعيّة وتشجعها من المستوى السياسي والعسكري وفي الإعلام". محاولات إسرائيليّة لاستدراك الضرر وتطرّق محاجنة في حديثه للمحاولات الإسرائيليّة، في الأيام الأخيرة، من أجل استدراك الضرر الذي نتج عن هذه التصريحات، مشيراً إلى ما قالته المستشارة القضائية الاسرائيلية مؤخراً عن أنّ التصريحات التي تدعو إلى إبادة شعب تعتبر مخالفة جنائيّة في إسرائيل. واعتبر محاجنة تصريحات المستشارة تأتي كرسالة خارجية في سياق محكمة العدل الدوليّة "وإدراك إسرائيل لامكانيات تعرّضها للمحاكمة وهي تصريحات غير بريئة، وهدفها أيضاً تهدئة الجمهور الإسرائيلي داخلياً للحد من هذه الظاهرة". المفاجآت المحتملة في جلسة يوم الجمعة وفي حديث مع أستاذ القانون في جامعة سيتي لندن مازن المصري، توقع أن تكون "كل الإفادات التي ستُقدّم غداً محضّرة بشكل مُسبق، ولن يكون هناك نقاشات، بل جلسات استماع"، مضيفاً أن "المحكمة سوف تستمع، يوم الخميس، لطاقم الادعاء الممثل لدولة جنوب أفريقيا، ويوم الجمعة سيدلي طاقم المحامين عن إسرائيل ردهم، وهو غير معروف حتّى الآن ولم ينشروا شيء رسمي حوله بخلاف جنوب أفريقيا التي قدّمت 84 صفحة نُشرت في موقع محكمة الجنايات الدوليّة". وأضاف المصري أنه "سيتم تلخيص أهم النقاط التي قُدّمت للمحكمة، وقد يركّزوا في مواضيع معينة ويستفيضوا في أخرى (...) كان هناك حديث في الإعلام الإسرائيلي عن أن إسرائيل قد تعرض فيلماً عن ما جرى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وباعتقادي أنه لا وزن قانوني له، لأنه لو حصل حقاً جرائم فإن هذا لا يبرر طريقة القتال التي ردت إسرائيل بها، لكن من الواضح أن عرض الفيلم بهدف التأثير النفسي والقانوني". واعتبر المصري أنه لا مفاجآت ستكون يوم الخميس لأن ادّعاءات جنوب أفريقيا معروفة وموثّقة، لكن قد تكون هناك مفاجآت يوم الجمعة بجلسة الاستماع لإسرائيل. احتمالات جيدة لوقف القتال وحول استقلاليّة القضاة في محكمة العدل الدوليّة، قال المصري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إنّه "بحسب نظام المحكمة يتم تعيين القضاة على أساس الاستقلاليّة، ويوجد نوع من الاستقلاليّة ولا نستطيع أن نقول أن القضاة ينفذون أوامر الدول التي هم منها. هم لا يمثلون الدول، وغالباً ما يكون القضاة قد عملوا سابقاً في دولهم أو عملوا في السلك الدبلوماسي أو كمستشارين، لذلك كل دولة تعرف من تُرشّح وتعرف تواجهاتهم وقابليتهم لأن تكون سياستهم متناسقة مع سياسة الدولة الخارجيّة فيما يتعلق بالقانون الدولي، وتتناغم مع مبادئ الدولة في ذلك". وعن احتمالات قبول محكمة العدل الدوليّة ادّعاءات جنوب أفريقيا في ارتكاب إسرائيل لجرائم الإبادة الجماعيّة، وإصدارها قراراً بوقف القتال، قال المحامي أنّ "الادعاءات التي قدّمتها جنوب أفريقيا قويّة وموثّقة، ورأينا كيف تعاملت المحكمة في قضايا سابقة تتعلق بالإبادة الجماعية في السنوات الأخيرة، في روسيا وأوكرانيا ومينيمار، لذلك هناك احتمال جيد أن تقبل المحكمة طلب وقف القتال المؤقت، لأن كل الأمور المطلوبة لذلك موجودة واحتمالات القبول تصل على الأقل لـ60 بالمائة". وأضاف: "لكن السؤال يبقى ما فحوى القرار الذي سيكون؟ هل سيتم إصدار شيء مشابه مثل روسيا وأوكرانيا بوقف القتال؟ أم سيتعلق بإدخال المساعدات الإنسانيّة؟ أو إلزام إسرائيل بالقتال بمعايير القانون الدولي؟ هذا ما سنعرفه الأيّام القادمة وهو ما قد يأخذ كحد أدنى أسبوع حتّى شهرين". وتطرق المصري في حديثه عن الطاقم القانوني لجنوب أفريقيا، قائلًا إنّه "طاقم لامع والأشخاص الموجودين فيه ذو خبرة كبيرة ومشهود لهم بقدراتهم العالية في هذا المجال. وإذ نظرنا إلى القضايا التي عملوا عليها سابقاً والآراء في منشوراتهم، من الواضح أنه يوجد التزام قوي تجاه حقوق الإنسان وتعاطف مع القضيّة الفلسطينيّة". وخلص المصري إلى القول أن الوثيقة التي قدمّتها جنوب أفريقيا للمحكمة مبنية على جهد كبير وبحث دقيق وترتكز على معاهدات ووثائق الأمم المتحدة. العربي الجديد

مشاركة :