ينشأ قسم كبير من المناقشة الدائرة حاليا عن عمل أساس أجراه توماس بيكيتي، وإيمانويل سايز، والمنهجية التكميلية التي عملا على تطويرها بالتعاون مع جابرييل زوكمان. يرصد هذا الثلاثي الدخل الرأسمالي غير المبلغ عنه بطريقة تتابع من كثب توزيع الدخل الرأسمالي المبلغ عنه، فتتوصل بالتالي إلى زيادة مماثلة في عموم الأمر في حصة الدخل الإجمالي لأعلى 1 في المائة مقارنة بحصتها من الدخل المالي المرصود. ولكن الآن، يتحدى العمل الذي نشره أخيرا الاقتصاديان جيرالد أوتن وديفيد سبلنتر، النتائج الشهيرة التي توصل إليها الثلاثي. يتعلق جزء من الخلاف بالدخل الرأسمالي غير الخاضع للضريبة، سواء كان ذلك بسبب التهرب الضريبي أو الإعفاءات المختلفة، كتلك التي تطبق على أرباح الشركات المحتجزة والدخل في مختلف حسابات التقاعد والصناديق الائتمانية. وبما أن هذا العنصر غير الخاضع للضريبة يمثل الآن وفقا للتقديرات ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي الدخل الرأسمالي، فإن السؤال هو كيف يجري توزيعه؟ يفترض أوتن وسبلنتر أن الدخل الرأسمالي غير الخاضع للضريبة يوزع بشكل أكثر تساويا من توزيع بيكيتي، وسايز، وزوكمان له، ويقدران أن مطالبة شريحة الـ1 في المائة الأعلى بهذا الدخل أقل كثيرا من حصتها في الدخل الرأسمالي المرصود "15 في المائة مقابل نحو 50 في المائة لدخل رأس المال الخاضع للضريبة اليوم". لا يخلو الأمر من أسباب وجيهة وراء حصول شريحة الـ1 في المائة الأعلى على حصة أقل من الدخل الرأسمالي غير الخاضع للضريبة مقارنة بالدخل الرأسمالي الخاضع للضريبة "على سبيل المثال، لا تعلن عديد من الشركات الصغيرة دخولها، وكثير من الأمريكيين المنتمين إلى الطبقة المتوسطة لديهم حسابات تقاعد". لكن نظرا إلى الخيارات العديدة المتاحة لأصحاب الثراء الفاحش لتجنب سداد الضرائب والتهرب منها، يبدو من غير المعقول أن نفترض أنهم يسيطرون حقا على مثل هذه الحصة الصغيرة من الدخل الرأسمالي غير الخاضع للضريبة. علاوة على ذلك، حتى مع تعديلات أوتن وسبلنتر، ازدادت حصة أعلى 1 في المائة في الدخل الإجمالي خلال الفترة من 1980 إلى اليوم، وإن كان ذلك بنسبة أقل كثيرا مما توصل إليه بيكيتي، وسايز، وزوكمان. عندما يزعم أوتن وسبلنتر، وبعض العاملين في وسائل الإعلام، أن فجوة التفاوت لم تشهد أي زيادة، فإنهما يشيران إلى مؤشر مهم آخر، مستوى التفاوت بين الناس بعد الضرائب والتحويلات. يصعب قياس هذا الأمر خاصة، لأن قدرا كبيرا من إعادة التوزيع متأصل في قانون الضرائب في الولايات المتحدة، كما أن نظام تحويل الضرائب الأوسع هناك معقد إلى حد غير عادي. على سبيل المثال، تحديد من الذي يحصل على المزايا التي يدفعها صاحب العمل ودخل التقاعد ليس واضحا على الإطلاق. هنا، يجري أوتن وسبلنتر مزيدا من التعديلات ويتوصلان إلى الخلاصة الرئيسة من عملهما ومفادها أن حصة أعلى 1 في المائة بعد خصم الضرائب والتحويلات ظلت شبه ثابتة، عند مستوى 8 في المائة تقريبا، منذ ستينيات القرن الـ20. لكن لأن تقديرات أوتن وسبلنتر لحصة أعلى 1 في المائة من الدخل الإجمالي من المرجح أن تكون أقل من الحقيقية "نظرا إلى تعاملهما مع الدخل الرأسمالي غير الخاضع للضريبة"، فإن تقديراتهما لحصة أعلى 1 في المائة بعد خصم الضريبة والتحويل ربما تكون هي أيضا أقل مما ينبغي. وستستمر المناقشة حول هذه النقطة بكل تأكيد. لكن مثل هذه المناقشات ينبغي لها ألا تحجب الأمر الأكثر أهمية في قصة الاقتصاد الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية. فبعد ثلاثة عقود ونصف من الزمن، حيث استفادت كل المجموعات الديموغرافية إلى حد كبير من النمو الاقتصادي، انهار نمط الرخاء المشترك. رغم أن بعض التكاليف الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن ذلك جرى تحييدها عن طريق الضرائب والتحويلات، فإن هذا لا يغير من حقيقة مفادها أن اقتصاد السوق ـ جنبا إلى جنب مع الاتجاهات التكنولوجية التي ولدها والعولمة التي شجعها ـ أصابه الخلل وتسبب في توليد قدر هائل من التفاوت بين الناس. خاص بـ«الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2024.
مشاركة :