أي سيناريو لما بعد الحرب في قطاع غزة؟

  • 1/12/2024
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬جيلبار‭ ‬أشقر إن‭ ‬العمليات‭ ‬الانتقامية‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م،‭ ‬والتي‭ ‬أسفرت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني،‭ ‬وإصابة‭ ‬آلاف‭ ‬آخرين،‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬نزوح‭ ‬جماعي‭ ‬للفلسطينيين‭. ‬ يمكن‭ ‬التأكيد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬الحرب‭ ‬أسهل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬إنهائها‭.‬ ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تنفذها‭ ‬إسرائيل‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ينطبق‭ ‬عليها‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬المأثور‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭.‬ وبالنسبة‭ ‬لأقصى‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬المهيمن‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬شكلها‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فإن‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر2023م،‭ ‬تمثل‭ ‬مناسبة‭ ‬مثالية‭ ‬للتحرك‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مشروع‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬الانتداب‭ ‬البريطاني‭ (‬1920-1948‭).‬ ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬السياسية‭ ‬المتطرفة‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬أطروحات‭ ‬حزب‭ ‬الليكود،‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬بدون‭ ‬انقطاع‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2005‭ (‬وقد‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬1996‭ ‬و1999‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬تأسيسه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفرع‭ ‬ذي‭ ‬الاتجاهات‭ ‬الفاشية،‭ ‬وهو‭ ‬التيار‭ ‬الذي‭ ‬يعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الصهيونية‭ ‬الإصلاحية‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحربين‭.‬ قبل‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬العسكري‭ ‬يخطط‭ ‬في‭ ‬مشروعه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬إلى‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬إجمالي‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاضعة‭ ‬للانتداب‭ ‬البريطاني‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭.‬ بعد‭ ‬ذلك‭ ‬ركز‭ ‬هذا‭ ‬الجناح‭ ‬طموحه‭ ‬على‭ ‬فلسطين‭ ‬تحت‭ ‬الانتداب‭ ‬على‭ ‬فلسطين،‭ ‬وهو‭ ‬تيار‭ ‬ينحى‭ ‬باللائمة‭ ‬على‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬الصهيوني‭ ‬بقيادة‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭ ‬لأنه‭ ‬اتخذ‭ ‬قرارا‭ ‬بوقف‭ ‬القتال‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬دون‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬ومنها‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬ أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبن‭ ‬غوريون‭ ‬وأتباعه‭ ‬الصهاينة‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬مؤجل‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬احتلال‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬1967‭. ‬ظل‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬بقيادة‭ ‬مناحيم‭ ‬بيغن‭ ‬يزايد‭ ‬على‭ ‬التيار‭ ‬الصهيوني‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬الإسرائيلي‭.‬ قبل‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬سعى‭ ‬هذا‭ ‬التيار‭ ‬كي‭ ‬يضم‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬كامل‭ ‬الأراضي‭ ‬الخاضعة‭ ‬للانتداب‭ ‬البريطاني‭ ‬على‭ ‬ضفتي‭ ‬نهر‭ ‬الأردن،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شرق‭ ‬الأردن‭.‬ وبالنسبة‭ ‬لبن‭ ‬جوريون‭ ‬نفسه‭ ‬ورفاقه،‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مجرد‭ ‬تأجيل‭: ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬احتلال‭ ‬المنطقتين‭ ‬المذكورتين‭ ‬–‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الأيام‭ ‬الستة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬ظل‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬يتفوق‭ ‬على‭ ‬الصهيونية‭ ‬العمالية‭ ‬وحلفائها‭ ‬فيما‭ ‬يتصل‭ ‬بمصير‭ ‬هاتين‭ ‬المنطقتين‭.‬ وبدلاً‭ ‬من‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬القتال‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬تشبثت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بأراضيهم‭ ‬ومنازلهم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭.‬ لقد‭ ‬تعلموا‭ ‬الدرس‭: ‬80‭%‬‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬عليها‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬أخيرًا‭ ‬عام‭ ‬1949،‭ ‬أو‭ ‬78‭%‬‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬تحت‭ ‬الانتداب‭ ‬البريطاني،‭ ‬فروا‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬ملجأ‭ ‬مؤقت،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬حاسم‭ ‬منذ‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الجديدة‭. ‬فقد‭ ‬منعتهم‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬السلب‭ ‬والتهجير‭ ‬السلب‭ ‬بمثابة‭ ‬جوهر‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬العرب‭ ‬اليوم‭ ‬‮«‬النكبة‮»‬‭. ‬ وبما‭ ‬أن‭ ‬الهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لم‭ ‬تحدث‭ ‬بشكل‭ ‬مماثل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭ (‬فر‭ ‬245‭.‬000‭ ‬فلسطيني،‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬لاجئي‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭)‬،‭ ‬فقد‭ ‬وجدت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬معضلة‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬الضم‭ ‬التي‭ ‬أحبطها‭ ‬عامل‭ ‬ديموغرافي‭: ‬فالسيطرة‭ ‬على‭ ‬منطقتي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منح‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لسكانهما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬الطابع‭ ‬اليهودي‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬للخطر؛‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ضمهم‭ ‬دون‭ ‬تجنيسهم‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬طابعها‭ ‬الديمقراطي‭ ‬للخطر‭ (‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬العرقية‮»‬،‭ ‬وفقًا‭ ‬لعالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سامي‭ ‬سموحة‭) ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬نظام‭ ‬فصل‭ ‬عنصري‭ ‬رسمي‭.‬ وكان‭ ‬حل‭ ‬هذه‭ ‬المعضلة‭ ‬–‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬خطة‭ ‬ألون‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬سميت‭ ‬على‭ ‬اسم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬إيجال‭ ‬ألون،‭ ‬الذي‭ ‬طورها‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬1967‭-‬1968‭ ‬–‭ ‬هو‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬على‭ ‬وادي‭ ‬الأردن‭ ‬والمناطق‭ ‬الواقعة‭ ‬خارجه‭ ‬والمناطق‭ ‬ذات‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الضعيفة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬ في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬قام‭ ‬الليكود‭ ‬بحملة‭ ‬بلا‭ ‬كلل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضم‭ ‬المنطقتين‭ ‬المحتلتين‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬استعمارهما‭ ‬الكامل‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض،‭ ‬دون‭ ‬الاقتصار‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬ألون‭ ‬في‭ ‬يهودا‭ ‬والسامرة‭ (‬الاسم‭ ‬التوراتي‭ ‬لمناطق‭ ‬إسرائيل‭). ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬جزءا‭ ‬منها‭).‬ فاز‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬عام‭ ‬1977‭: ‬بعد‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً‭ ‬على‭ ‬تأسيس‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لتبدأ‭ ‬بذلك‭ ‬سيطرة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬وظل‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬طوال‭ ‬معظم‭ ‬الأعوام‭ ‬الستة‭ ‬والأربعين‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬منها‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬السيد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬مع‭ ‬انزلاق‭ ‬مستمر‭ ‬نحو‭ ‬يمين‭ ‬أكثر‭ ‬تطرفاً‭.‬ أدت‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الشعبية‭ ‬المعروفة‭ ‬باسم‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الأولى،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬1987،‭ ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬انتفاضة‭ ‬‮«‬أطفال‭ ‬الحجارة‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تقويض‭ ‬هيمنة‭ ‬الليكود‭ ‬واحتمال‭ ‬قيام‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭.‬ عاد‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬إسحق‭ ‬رابين،‭ ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬تصميماً‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬عام‭ ‬1967‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تنحت‭ ‬الأردن‭ ‬رسمياً‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأولى،‭ ‬تم‭ ‬استبدالها‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كمحاور‭.‬ وقد‭ ‬وافقت‭ ‬قيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬التخلي‭ ‬مؤقتا‭ ‬عن‭ ‬شروط‭ ‬انسحاب‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬من‭ ‬كامل‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وتفكيك‭ ‬المستوطنات‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬بدءا‭ ‬بوقف‭ ‬توسعها‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭.‬ هكذا‭ ‬تم‭ ‬تمهيد‭ ‬السبيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬التي‭ ‬وقعها‭ ‬رابين‭ ‬وياسر‭ ‬عرفات‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬3‭ ‬سبتمبر‭ ‬1993‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬أقيم‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬اليت‭ ‬الأبيض‭.‬ وفي‭ ‬عام‭ ‬1996،‭ ‬وصل‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بقيادة‭ ‬نتنياهو،‭ ‬لكنه‭ ‬تعرض‭ ‬للهزيمة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬بزعامة‭ ‬إيهود‭ ‬باراك‭. ‬واضطر‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬الاستقالة‭ ‬وحل‭ ‬محله‭ ‬أرييل‭ ‬شارون‭ ‬كزعيم‭ ‬للحزب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحزب‭.‬ تسبب‭ ‬آرييل‭ ‬شارون،‭ ‬الذي‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬لتحقيق‭ ‬الفوز‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬في‭ ‬اندلاع‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الثانية‭ ‬عندما‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬باحة‭ ‬مسجد‭ ‬القدس‭ ‬في‭ ‬خريف‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬استفزازية‭. ‬ وفي‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬قام‭ ‬شارون،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بتنفيذ‭ ‬انسحاب‭ ‬إسرائيلي‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬تفكيك‭ ‬المستوطنات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬هناك،‭ ‬مما‭ ‬أرضى‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬الفلسطينيين‭.‬ وكان‭ ‬شارون‭ ‬مهتماً‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بضم‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬متبعاً‭ ‬الخيار‭ ‬الذي‭ ‬حددته‭ ‬خطة‭ ‬إيجال‭ ‬ألون‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الانسحاب،‭ ‬في‭ ‬نسخة‭ ‬متطرفة‭ ‬وأحادية‭ ‬الجانب‭.‬ وقد‭ ‬استقال‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬عهد‭ ‬إليه‭ ‬شارون‭ ‬بحقيبة‭ ‬المالية،‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬احتجاجاً‭ ‬على‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬لقد‭ ‬أثار‭ ‬نتنياهو‭ ‬أسباباً‭ ‬أمنية،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬يغازل‭ ‬القاعدة‭ ‬الأكثر‭ ‬أيديولوجية‭ ‬في‭ ‬الليكود‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬المستوطنين‭.‬ وبعد‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬مع‭ ‬حزبه،‭ ‬انسلخ‭ ‬شارون‭ ‬عن‭ ‬الليكود‭ ‬في‭ ‬خريف‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬مفسحا‭ ‬المجال‭ ‬لنتنياهو‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬رئيسا‭ ‬للوزراء‭ ‬ليظل‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬حتى‭ ‬يونيو‭ ‬2021،‭ ‬متجاوزًا‭ ‬بذلك‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحمله‭ ‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭ ‬سابقًا‭.‬ واستعاد‭ ‬نتنياهو‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحالفه‭ ‬مع‭ ‬حزبين‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬الديني‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬هآرتس‮»‬‭ ‬نفسها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬النازيين‭ ‬الجدد‮»‬‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬مؤرخ‭ ‬المحرقة‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬دانييل‭ ‬بلاتمان‭.‬ إن‭ ‬حزب‭ ‬القوة‭ ‬اليهودية،‭ ‬بقيادة‭ ‬إيتامار‭ ‬بن‭ ‬جفير،‭ ‬هو‭ ‬سليل‭ ‬مباشر‭ ‬لحزب‭ ‬كاخ،‭ ‬الذي‭ ‬أسسه‭ ‬العنصري‭ ‬اليهودي‭ ‬مائير‭ ‬كاهانا،‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬النقل‮»‬‭ ‬الفوري‭ ‬للعرب‭ ‬من‭ ‬‮«‬أرض‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬لكامل‭ ‬الأراضي‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬والأردن‭.‬ أما‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬رئيس‭ ‬الحزب‭ ‬الديني‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فقد‭ ‬تصدر‭ ‬عناوين‭ ‬الأخبار‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2021‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬للنواب‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭: ‬‮«‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬بن‭ ‬غوريون‭ ‬لم‭ ‬يكمل‭ ‬العمل‭ ‬ولم‭ ‬يطردكم‮»‬‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948‮»‬‭.‬ وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالية‭ ‬يهيمن‭ ‬عليها‭ ‬رجال‭ ‬تدفعهم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬احتلالها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وطرد‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الأصليين‭.‬ مثل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬التطهيري‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬عادة‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬ضمان‭ ‬للنجاح‭: ‬الضم‭ ‬الزاحف‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توسيع‭ ‬المستوطنات‭ ‬وتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وقد‭ ‬تفاقمت‭ ‬أوضاع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أكثر‭ ‬إثر‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف،‭ ‬كما‭ ‬تعمق‭ ‬الاختناق‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬ ومثلما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬مع‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش،‭ ‬المليئة‭ ‬بالأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬حثوا‭ ‬السيد‭ ‬كلينتون‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬ولكنهم‭ ‬كانوا‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬بهدوء،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬فرصة‭ ‬سياسية‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭.‬ خلال‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬لم‭ ‬يتوان‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التشابه‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بين‭ ‬هجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬والعملية‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬ وسرعان‭ ‬ما‭ ‬استغل‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬برمته‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬للضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخططه‭ ‬التوسعي‭ ‬بأكثر‭ ‬عنف‭ ‬وضراوة‭.‬ ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستعداً‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتمال‭. ‬وكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬الخطط‭ ‬الحربية‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬أكتوبر‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬التأخير‭ ‬في‭ ‬شن‭ ‬الهجوم‭ ‬البري‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬ خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬انقضت‭ ‬بين‭ ‬عملية‭ ‬حماس‭ ‬وبدء‭ ‬الغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬27‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ركزت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬قصف‭ ‬التجمعات‭ ‬الحضرية‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬القتال‭ ‬بأقل‭ ‬تكلفة‭ ‬من‭ ‬أرواح‭ ‬الجنود‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬–‭ ‬وبالتالي‭ ‬وبأعلى‭ ‬تكلفة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حتماً‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭.‬ إن‭ ‬نية‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬مصير‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين،‭ ‬التي‭ ‬شاركتها‭ ‬فيها‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تشكيلها‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬أكتوبر،‭ ‬تم‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬بطريقة‭ ‬فظة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع،‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬وهو‭ ‬عضو‭ ‬‮«‬معتدل‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الليكود‭ ‬ومنافس‭ ‬نتنياهو،‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬أكتوبر‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬بحصار‭ ‬كامل‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬برره‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وصف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬بشرية‮»‬‭.‬ وتضاعفت‭ ‬التصريحات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬والشخصيات‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬والفكرية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭.‬ تقدمت‭ ‬مجموعة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬ثلاثمائة‭ ‬محامٍ،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الفرنسيين‭ ‬والأوروبيين،‭ ‬بشكوى‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل،‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬نوفمبر،‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬بتهمة‭ ‬‮«‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭ ‬–‭ ‬وهو‭ ‬وصف‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬القصد‭ ‬والتعمد‭.‬ وتتعلق‭ ‬الشكوى‭ ‬نفسها‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬نقل‭ ‬السكان‮»‬،‭ ‬بدافع‭ ‬من‭ ‬التهجير‭ ‬الجماعي‭ ‬المستمر‭ ‬لسكان‭ ‬غزة‭ ‬داخل‭ ‬القطاع،‭ ‬والقصد‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭.‬ وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬عملية‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬قامت‭ ‬وزارة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬–‭ ‬برئاسة‭ ‬عضوة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الليكود،‭ ‬جيلا‭ ‬غمليئيل،‭ ‬والتي‭ ‬تتولى‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬السلك‭ ‬الخارجي،‭ ‬الموساد،‭ ‬والجهاز‭ ‬الداخلي،‭ ‬الشاباك،‭ ‬تحت‭ ‬رعاية‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬–‭ ‬بالبدء‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬لاجتياح‭ ‬غزة‭.‬ تم‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬الكشف‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬أسبوعين‭ ‬لموقع‭ ‬الاحتجاج‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ميكوميت،‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬خيارات‭ ‬السياسة‭ ‬تجاه‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭.‬ وتتضمن‭ ‬الخطة‭ ‬ثلاثة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬كالآتي‭: ‬أ‭) ‬بقاء‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحكمهم‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬ب‭) ‬بقاء‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحكمهم‭ ‬سلطة‭ ‬محلية‭ ‬مخصصة،‭ ‬تنشئها‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬ج‭) ‬يتم‭ ‬إجلاء‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬صحراء‭ ‬سيناء‭ ‬المصرية‭.‬ وترى‭ ‬الوثيقة‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬أن‭ ‬الخيارين‭ (‬أ‭) ‬و‭(‬ب‭) ‬ينطويان‭ ‬على‭ ‬عيوب‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬منهما‭ ‬أن‭ ‬ينتج‭ ‬‮«‬تأثيرًا‭ ‬رادعًا‮»‬‭ ‬وكافيًا‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭. ‬أما‭ ‬الخيار‭ (‬ج‭)‬،‭ ‬فهو‭ ‬‮«‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬استراتيجية‭ ‬إيجابية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لإسرائيل‮»‬‭ ‬ويعتبر‭ ‬‮«‬ممكناً‮»‬‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬‮«‬المستوى‭ ‬السياسي‮»‬‭ ‬التصميم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الضغوط‭ ‬الدولية‭ ‬ويتمكن‭ ‬من‭ ‬تأمين‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭ ‬والحكومات‭ ‬الموالية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تفصيل‭ ‬كل‭ ‬خيار‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬الثلاثة‭ ‬المذكورة‭.‬ أما‭ ‬السيناريو‭ ‬الثالث،‭ ‬الذي‭ ‬تفضله‭ ‬الوزارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المذكورة،‭ ‬فإنه‭ ‬يبدأ‭ ‬بتهجير‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬القتال،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬نقلهم‭ ‬إلى‭ ‬صحراء‭ ‬سيناء‭ ‬المصرية‭.‬ في‭ ‬البداية،‭ ‬سيتم‭ ‬إيواء‭ ‬اللاجئين‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬الخيام‭. ‬أما‭ ‬الخطوة‭ ‬التالية‭ ‬فهي‭ ‬‮«‬ستشمل‭ ‬إنشاء‭ ‬منطقة‭ ‬إنسانية‭ ‬لمساعدة‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وبناء‭ ‬بلدات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬مخصصة‭ ‬لإعادة‭ ‬توطينهم‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬سيناء‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬محيط‭ ‬أمني‭ ‬على‭ ‬الجانبين‭.‬ ثم‭ ‬تصف‭ ‬الوثيقة‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬نقل‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬واضعيها‭ ‬يوصون‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إخلاء‭ ‬غير‭ ‬المقاتلين‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الاشتباكات‭ ‬المسلحة‭ ‬مع‭ ‬تركيز‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬على‭ ‬شمال‭ ‬غزة‭ ‬لفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬هجوم‭ ‬بري‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬احتلال‭ ‬القطاع‭ ‬بأكمله‭.‬ ومن‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬‮«‬من‭ ‬المهم‭ ‬ترك‭ ‬الطرق‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب‭ ‬مفتوحة‭ ‬للسماح‭ ‬بإجلاء‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬باتجاه‭ ‬رفح‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يقع‭ ‬المركز‭ ‬الحدودي‭ ‬المصري‭ ‬الوحيد‭.‬ وتشير‭ ‬الوثيقة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سياق‭ ‬عالمي‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬التحركات‭ ‬السكانية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬أمرًا‭ ‬شائعًا،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬وسوريا‭ ‬وأوكرانيا‭.‬ في‭ ‬يوم‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬فيه‭ ‬وضع‭ ‬مذكرة‭ ‬وزارة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬صيغتها‭ ‬النهائية،‭ ‬دعا‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬فعلا‭ ‬سكان‭ ‬شمال‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬التوجه‭ ‬جنوبا‭.‬ وفي‭ ‬يوم‭ ‬30‭ ‬أكتوبر،‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬فايننشال‭ ‬تايمز‭ ‬أن‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬اتصل‭ ‬بالحكومات‭ ‬الأوروبية‭ ‬وطلب‭ ‬منها‭ ‬ممارسة‭ ‬ضغوطها‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬لفتح‭ ‬الطريق‭ ‬أمام‭ ‬اللاجئين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬سيناء‭.‬ وبدعم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬القمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬يومي‭ ‬26‭ ‬و27‭ ‬أكتوبر،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المنظور‭ ‬يعتبر‭ ‬غير‭ ‬واقعي‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬باريس‭ ‬وبرلين‭ ‬ولندن،‭ ‬فيما‭ ‬تزعم‭ ‬وزارة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ملزمة،‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬بالسماح‭ ‬بمرور‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭.‬ أظهر‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ ‬موقفا‭ ‬قويا‭ ‬وفوريا‭ ‬–‭ ‬بحضور‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتز‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يوم‭ ‬18‭ ‬أكتوبر‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬لمصر‭ ‬لجس‭ ‬نبض‭ ‬سلطات‭ ‬القاهرة‭ ‬–‭ ‬وعبر‭ ‬عن‭ ‬معارضة‭ ‬مصر‭ ‬القاطعة‭ ‬لأي‭ ‬نقل‭ ‬للسكان‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬المصرية‭. ‬ وشدد‭ ‬السيد‭ ‬السيسي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬سيناء‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬الأراضي‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬قاعدة‭ ‬لشن‭ ‬العمليات‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يعرض‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬للخطر‭.‬ تعرف‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬مدى‭ ‬أهمية‭ ‬ومركزية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬قد‭ ‬أعادتها‭ ‬إلى‭ ‬واجهة‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬مماثل،‭ ‬حذرت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأردنية،‭ ‬التي‭ ‬انزعجت‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬المستوطنون‭ ‬والعمليات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تهجير‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬نهر‭ ‬الأردن‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬دفع‭ ‬رفض‭ ‬القاهرة‭ ‬وزيرة‭ ‬المخابرات،‭ ‬جملئيل،‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬نداء‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬نوفمبر‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬للترحيب‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وتمويل‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬توطينهم‭ ‬الطوعي‮»‬‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تعبئة‭ ‬الأموال‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تحدثت‭ ‬واشنطن‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬ضد‭ ‬نقل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭. ‬وبينما‭ ‬يقدم‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬الدعم‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لحرب‭ ‬إسرائيل،‭ ‬فقد‭ ‬أصدروا‭ ‬تصريحات‭ ‬عديدة‭ ‬تحذر‭ ‬حليفتهم‭ ‬من‭ ‬الاقدام‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬لإفراغ‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬سكانها‭. ‬ في‭ ‬يوم‭ ‬15‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬سي‭ ‬بي‭ ‬إس،‭ ‬أوضح‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أنه‭ ‬يعارض‭ ‬احتلالًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لغزة،‭ ‬بينما‭ ‬اعترف‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بغزو‭ ‬القطاع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬حماس‭. ‬ وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬رفض‭ ‬واشنطن،‭ ‬الذي‭ ‬حذت‭ ‬حذوه‭ ‬عدة‭ ‬عواصم‭ ‬غربية،‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬حتى‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الأخير‭. ‬باختصار،‭ ‬توافق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬المؤقت‭ ‬للقطاع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬طرد‭ ‬حماس،‭ ‬ولكنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬يتبع‭ ‬ذلك‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭.‬ أما‭ ‬الخيار‭ ‬الذي‭ ‬تؤيده‭ ‬واشنطن‭ ‬فهو‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬إطلاق‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬بدأتها‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬والتي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭ ‬منذ‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭. ‬وقال‭ ‬بايدن‭ ‬لشبكة‭ ‬سي‭ ‬بي‭ ‬إس‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‮»‬‭.‬ وللقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬يريد‭ ‬بايدن‭ ‬إعادة‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬أيدي‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬يقع‭ ‬مقرها‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬رام‭ ‬الله‭. ‬وفي‭ ‬مقال‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬نوفمبر‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست،‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬تفضيله‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬توحيد‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تحت‭ ‬سلطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬‮«‬أعيد‭ ‬تنشيطها‮»‬‭.‬ وهذا‭ ‬الخيار‭ ‬تفضله‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬وكذلك‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين،‭ ‬وكذلك‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬ويحظى‭ ‬هذا‭ ‬الاقتراح‭ ‬بدعم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تؤيد،‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬إعلان‭ ‬نتنياهو‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ستبقى‭ ‬مسؤولة‭ ‬‮«‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬مسمى‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭.‬ وهذا‭ ‬هو‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬زعيم‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الحالي‭ ‬يائير‭ ‬لابيد،‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬حزبه‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الحرب‭.‬ إن‭ ‬خيار‭ ‬إحياء‭ ‬عملية‭ ‬أوسلو‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬تناقضه‭ ‬الصارخ‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعلنه‭ ‬إسرائيل‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬بانتوستان‭ ‬خاضعة‭ ‬للنوايا‭ ‬الطيبة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬–‭ ‬وهذا‭ ‬بعيد‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬بدونها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬قبول‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭: ‬الانسحاب‭ ‬الكامل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬وتفكيك‭ ‬المستعمرات‭ ‬والتخطيط‭ ‬لعودة‭ ‬اللاجئين‭.‬ تم‭ ‬تحديد‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬في‭ ‬الوثيقة‭ ‬التي‭ ‬أعدتها‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬السجناء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ووافقت‭ ‬عليها‭ ‬جميع‭ ‬المنظمات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬تقريبًا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكونات‭ ‬السياسية‭ ‬المختلفة‭ ‬لمنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وحماس‭.‬ والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬نخشى‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬نكبة‭ ‬جديدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬استشعره‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬للغاية،‭ ‬وكما‭ ‬أعلن‭ ‬الساسة‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬صراحة،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬‮«‬الفلسطينيين‭ ‬المرحلين‮»‬‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬جنوب‭ ‬غزة‭.‬ ومن‭ ‬الواضح‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬ذاته‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬منظمة‭ ‬راسخة‭ ‬بين‭ ‬السكان‭ ‬مثل‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭ ‬دون‭ ‬ارتكاب‭ ‬مذبحة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭.‬ كل‭ ‬هذا‭ ‬يوضح‭ ‬مدى‭ ‬عدم‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬الاندفاع‭ ‬الذي‭ ‬أبدته‭ ‬العواصم‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬سارعت‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬غير‭ ‬المشروط‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وسوف‭ ‬يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬حتما‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وأمنها‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬نهاية‭ ‬اللعبة‭ ‬الفعلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬سوف‭ ‬يتحدد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطور‭ ‬القتال‭ ‬البري‭ ‬والضغوط‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭.‬ لوموند‭ ‬دبلوماتيك

مشاركة :