حظيت القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، بترحيب دولي منذ إعلانها، وحتى بدء أولى جلساتها اليوم أمس. وقالت جنوب إفريقيا في مرافعتها الافتتاحية إنها «تعترف بالنكبة المستمرة للشعب الفلسطيني» في تصريحاتها الافتتاحية التي أدلت بها الخميس في جلسة استماع محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل. وأوضح فوسي ماندونسيلا سفير جنوب إفريقيا في هولندا، إن الاحتلال الإسرائيلي مزق الشعب الفلسطيني وأهدر حقهم في تقرير المصير، من خلال تكثيف انتهاكاتها في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية. واتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأنها «دفعت أهالي غزة إلى حافة المجاعة». وقالت صحيفة واشنطن بوست إن قضية جنوب افريقيا ضد إسرائيل حظيت بدعم 13 دولة على الأقل، إلى جانب جامعة الدول العربية التي تضم 22 عضوا، ومنظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 عضوا، في حين أعربت الولايات المتحدة ودول أخرى عن دعمها لإسرائيل. وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فقد رحب قادة ومسئولون يمثلون كل من بنجلاديش وبوليفيا والأردن وماليزيا والمالديف وباكستان وناميبيا ونيكاراجوا وفنزويلا بالخطوة التي قامت بها جنوب افريقيا. كما رحب بها لاحقا رئيس كولومبيا ورئيس البرازيل. وقال رئيس البرازيل جوستاف بيترو، إنه من الواضح للغاية أن هذه الإجراءات والتحركات التي تبنتها حكومة إسرائيل تعد أعمال إبادة جماعية. وأيد نواب من دول عديدة، من بينها بلجيكا واستراليا القضية، وحتى العضو اليساري بالكنيست الإسرائيلي عوفر كاسيف، الذي يواجه نتيجة لذلك مساعي لطرده من قبل نواب آخرين، بحسب ما ذكرت هاآرتس. وعلقت صحيفة الجارديان البريطانية على القضية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، والتي تتهم فيها جنوب إفريقيا إسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، وقالت إنها المرة الثانية فقط التي تحاول فيها دولة مقاضاة أخرى بسبب الفظائع التي ترتكبها، مشيرة إلى أن هذه القضية قد تساعد على تعزيز اتفاقية الإبادة الجماعية. وأضافت الصحيفة أنه بعد مرور شهر واحد فقط على الذكرى الـ75 لتأسيسها، قد تدخل اتفاقية الإبادة الجماعية عصر جديدا ذا أهمية أكبر مع انعقاد محكمة العدل الدولية للنظر في الحرب بين إسرائيل وغزة. ورفعت جنوب أفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في ردها على عملية طوفان الأقصى. وتتضمن قضية جنوب أفريقيا إشارات إلى الاستخدام الإسرائيلي للقصف الشامل وقطع إمدادات الغذاء والمياه والدواء عن غزة. وجاء في القضية أن كل الأفعال المنسوبة لإسرائيل التي فشلت في منع الإبادة وترتكب الإبادة، في انتهاك صارخ لاتفاقية الإبادة الجماعية. وكانت إسرائيل قد أشارت إلى عزمها نفى الاتهامات، التي رفضتها كلا من تل أبيب وواشنطن على اعتبار أنها لا أساس لها. وقد يستغرق الأمر سنوات كي تصدر المحكمة قرارها، لكنها قد تصدر أيضا إجراءات تتطلب تحركات مثل وقف إطلاق النار لتقلق خطر الإبادة. وتقول الجارديان إنه يمكن أن تتجاهل الحكومة الإسرائيلية الإجراءات، لكن القيام بذلك سيلحق ضررا هائلا من ناحية السمعة لكل من إسرائيل وحليفتها واشنطن، كما أنهما ستخسران أيضا النفوذ على الساحة العالمية. وتابعت الصحيفة قائلة إن تدخل جنوب افريقيا، وهي دولة ليست متضررة بشكل مباشر بالحرب في غزة، أمر نادر للغاية، لكنها ليست المرة الأولى. فكانت هناك سابقة حيث قامت جامبيا بمقاضاة ميانمار في محكمة العدل الدولية في عام 2019 واتهمتها بالإبادة الجماعية لليوم الثالث. وقبل قضية جامبيا، نادرا ما نظرت محكمة لاهاي في قضايا الإبادة. في عام 2007، حكمت المحكمة بأن صربيا فشلت في منع الإبادة الجماعية في سربرينتشا في البوسنة والهرسك عام 1995، وهي القضية التي قامت فيها الضحية بمقاطعة الجاني، لكن المحكمة لم تدن أي دولة أبدا بارتكاب الإبادة الجماعية. وقد تم تمرير إدانات الإبادة الجماعية من قبل محاكم أخرى، مثل محاكمتي جرائم الحرب في لاهاي لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لها ولاية قضائية في قضايا الإبادة الجماعية، لكن تلك المحاكم تقوم بمحاكمة الأفراد وبعد وقوع القتلى، حيث تتم المحاكمة بعد دفن الموتى.
مشاركة :