دخل المستثمرون عام 2024 ولديهم شكوك بشأن المدة التي قد يستمر فيها انتعاش أسواق الأسهم وشكوك أخرى حول موعد تخفيض أسعار الفائدة في البنوك المركزية، فيما دخل الاتساع المفاجئ لرقعة الحرب في غزة على الخط وخيم بظلاله على الوضع بما يمكن أن يثير احتمال اتخاذ المستثمرين موقفا يسعون فيه إلى تقليل درجة تعرضهم للمخاطر. وكانت ردود أفعال السوق محدودة في البداية بعد أنباء عن توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات لأهداف عسكرية للحوثيين في اليمن ردا على هجمات الحركة على سفن في البحر الأحمر. غير أن أسعار النفط ارتفعت بينما هزت التوترات سندات الخزانة الأمريكية وأسواق الأسهم بعد الضربات. وقال محللون "إن المستثمرين سيسعون إلى تقليل التعامل مع الأسواق الأكثر خطورة وزيادة الملاذات الآمنة، في الوقت الذي سينتظرون فيه ليروا كيف سيتطور الوضع في الشرق الأوسط خاصة ما يتعلق بتعطل إمدادات النفط وحركة التجارة". وقالت تشارو تشانانا رئيسة استراتيجية سوق الصرف الأجنبي في "ساكسو ماركتس" في سنغافورة "الأسواق في حالة تأهب مع تزايد خطر التصعيد". وأضافت "من المهم جدا مراقبة أي أعمال أخرى من أي من الجانبين خاصة مع اقتراب عطلة نهاية أسبوع طويلة في الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد مع ظهور تهديد اندلاع صراع إقليمي أوسع. ومع التركيز على المدى القريب على مخاطر التصعيد الجيوسياسي، قد يشهد الين والذهب عمليات شراء باعتبارهما ملاذا آمنا". وهناك احتمالات كثيرة. فالضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا هي الأولى على الأراضي اليمنية منذ عام 2016، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات لمستويات أعلى في الحرب المستعرة بين إسرائيل وحماس منذ أكتوبر. ويهاجم الحوثيون السفن التي تمر عبر البحر الأحمر منذ أسابيع فيما يقولون إنه رد على الحرب الإسرائيلية في غزة. ورغم تصريحات الولايات المتحدة بأنه لا توجد نية لتصعيد التوترات، تعهد الحوثيون بالرد على أي هجوم. وذكر خون جوه رئيس الأبحاث المتعلقة بآسيا في بنك إيه.إن.زد، أن أسعار الشحن ارتفعت بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب اضطرابات الشحن. وأضاف "إذا كانت هذه الضربات قادرة على حل المشكلة وتأمين ممرات الشحن مرة أخرى وعودة الأمور إلى طبيعتها، فسيكون ذلك إيجابيا لأننا سنرى عودة أسعار الشحن إلى طبيعتها". ومضى قائلا "القلق من أنه إذا بدأ هذا في التصاعد، فسيتسبب في ارتفاع محتمل لأسعار النفط تحديدا، ومزيد من الاضطرابات في ممرات الشحن". وألحقت الاضطرابات التي استمرت أسابيع في قناة السويس أضرارا بالشركات بالفعل. ويمر عبر القناة نحو 12 في المائة من التجارة العالمية. وقال معهد آي.إف.دبليو الألماني للاقتصاد "إن التجارة العالمية تراجعت بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من نوفمبر إلى ديسمبر 2023 لأن الهجمات تسببت في انخفاض كمية البضائع المنقولة في منطقة البحر الأحمر". وأرسلت شركات شحن عملاقة مثل ميرسك وهاباج لويد سفنها في رحلات أطول وأكثر تكلفة عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول إفريقيا. ونصحت مجموعة دي.إتش.إل الألمانية العملاقة للخدمات اللوجستية العملاء بإدارة المخزونات بشكل مختلف. ويؤثر الارتفاع في تكاليف الوقود والشحن بشكل مباشر على نحو أكبر في توقعات السوق بشأن ارتفاع سوق الأسهم، التي تقوم على آراء بأن الاقتصاد الأمريكي سيتجنب الركود وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنوكا عالمية أخرى ستخفض أسعار الفائدة هذا العام. وقال روب كارنيل رئيس الأبحاث المتعلقة بآسيا والمحيط الهادئ في "آي.إن.جي" عن الضربات الجوية "ستكون هناك عودة مرة أخرى إلى العزوف عن المخاطرة. لم يتطور هذا بالكامل إلى وضع العزوف عن المخاطرة على النحو الملائم". وأضاف "أعتقد أن الناس تبحث عن قليل من الأمان في الوقت الحالي. وبالتالي في ظني أن سوق السندات ربما تكون أوضح مؤشر على الاتجاه الذي تسير إليه الأمور". وتتزحزح عوائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام بالكاد لتبقى أقل قليلا من 4 في المائة. وأدت التوقعات بخفض أسعار الفائدة إلى هبوط العوائد نقطة مئوية كاملة في نحو شهرين. وقال جوش كراب رئيس إدارة الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة روبيكو في هونج كونج "من المرجح أن يكون للتصعيد الكبير تأثير ملحوظ في السوق"، لكن "نتمنى أن تكون احتمالات ذلك ضعيفة".
مشاركة :