اختتم مهرجان ربيع الشعر العربي في دورته التاسعة الذي تقيمه مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في الكويت، وشهد اليوم الختامي من المهرجان ندوة عن الشاعر الراحل سليمان الجار الله، تحدث فيها نجل الراحل خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي، ود. عبدالمجيد فلاح، وأدارتها الدكتورة سعاد عبدالوهاب عميد كلية الآداب في جامعة الكويت. في البداية شكر خالد الجار الله المؤسسة على هذا الاحتفاء بالشاعر الراحل سليمان الجار الله، ثم قال: والدي، رحمه الله، من مواليد العشرينات من القرن الماضي، وتعلم في مدرسة المباركية التي درس فيها معظم أبناء الكويت من الرعيل الأول، وفي الأربعينات بدأ عمله التجاري في محل للعائلة في شارع المباركية وهو شارع الملك سعود بن عبدالعزيز حاليّاً، وأضاف: كان والدي، رحمه الله، ودوداً للغاية، وقوراً، حنوناً، طيباً، بارّاً بأهله، كثيراً ما كان يفاجئنا بالرد علينا في المنزل ببيت أو أبيات من الشعر يرتجلها بحسب ما يقتضيه الموقف. وأكمل خالد الجار الله: عاش والدي محباً وعاشقاً للشعر، كان يأتي له الإلهام الشعري فجأة فيمسك بأي ورقة مهما كان حجمها أو لونها أو شكلها ليدون ما جال في خاطره، وكان ينأى بنفسه في المنزل ليدونها ويصوغها بأجمل القصائد، عاش كما الأطفال شفافاً محبّاً لكل ما هو جميل، ممتنّاً لكلِّ عمل وفعل طيب، وكان حساساً لأبعد الحدود. أما دموعه، يرحمه الله، فكانت تنهمل أمام أي موقف عاطفي بسيط.. يسمع خبراً طيباً فتدمع عيناه، ويبكي بمرارة على فراق الأحبة ورحيلهم. وقدم د. عبدالمجيد فلاح ورقة بحثية بين فيها الملامح العامة في غزل الشاعر بعد أن توفّر على قراءة ديوانه الشعري بمجلداته الخمسة، ثمَّ ربط الظواهر الغزلية عند الجار الله بقريناتها عند غيره من الشعراء عبر تاريخ الأدب العربي، وقام الباحث بتقسيم الملامح العامة في غزله إلى قسمين رئيسيين؛ ملامح حسية، وملامح نفسية وجدانية. وانتقل الباحث إلى وصف الملامح النفسية في غزل الشاعر، وكيف أن الشاعر ذكر الوشاة والعذال، وشجو الحمائم، ووصف العاشق وما يقع له من صدّ وهجر، وما يتناوب عليه من أسى ويأس، وما يُصاغ له من وشايات تعترض سبيله وتمنع وصوله إلى معشوقته، وما يكابده من ألم الفراق، ويعيش فيه من أمل اللقاء، والشاعر في هذا لا يعرض لرسم جسد المحبوبة بصورة مادة مفصلة، وهو ما يجعلنا لا نكاد نختلف في نسبته إلى شعراء بني عذرة. ومن الملامح النفسية والوجدانية في غزله ما ذكره الراحل عن الطيف والخيال والحلم، والوصل والوصال، والرسول إلى المحبوبة، ومدى وفائه لها، وكيف أن المعشوقة هي من تتوسل العاشق وتطلب منه الوصال، ورسم لنا مخاطرة المحبوبة للوصول إليه، وطلبها من الشاعر أن يتغزل بها، ومن ذلك أيضاً ذكرُهُ للشيب والشباب، ونظرته النفسية إلى أن الشباب هو شبابُ النفس وإن شاب الجسد.
مشاركة :