بيروت/غزة - ظل هجوم حماس المباغت فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي على مدن وبلدات إسرائيلية في غلاف غزة محيرا لكثير من الإسرائيليين وحتى الجوار العربي الذي كان يتوقع حدوث عملية نوعية لكنه لم يكن لديه تفاصيلها. وبعد مرور نحو 100 يوم على الحرب الدموية التي شنتها إسرائيل على غزة ردا على هجوم حماس بدأت بعض التفاصيل تتكشف، إذ نقل تقرير إعلامي عربي عن مصادر في حماس قولها إن الحركة خططت مع حزب الله اللبناني لحرب شاملة من الجنوب والشمال، لكن الجماعة اللبنانية الشيعية المدعومة من إيران تراجعت بعد ذلك خشية هجمات إسرائيلية وأميركية مدمرة. وكانت الولايات المتحدة قد حركت بعيد عملية حماس قطعا بحرية إلى الشرق الأوسط وشرق المتوسط بينها بوارج حربية. وتحدث عدد من قادة حركة حماس لصحيفة 'الشرق' السعودية عن جملة أهداف أساسية لهجوم السابع من أكتوبر، وهي الرد على الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ومنع إسرائيل من ضم الضفة الغربية وكذلك إعادة الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال. وبحسب المصدر نفسه فإن حماس وحزب الله اللبناني اتفقا على القيام باجتياج شامل لإسرائيل يتم خلاله تعطيل عمل الجيش ومؤسسات الدولة العبرية بهدف إجبارها على الانسحاب من الضفة الغربية حتى حدود العام 1967 بما فيها القدس الشرقية. وتضمن المخطط دخول مقاتلي حماس من الجنوب وعناصر حزب الله من الشمال بالإضافة إلى انضمام قوات رديفة من سوريا، على أن تنفذ الجماعة اللبنانية التي تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ قصفا للمواقع الحساسة في إسرائيل على غرار محطات الكهرباء والمياه والمطارات. وكشف المصادر نفسها أن مقاتلي حماس وحزب الله بدأو في التحضير لهذه الخطة في أعقاب حرب عام 2021 بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية وإسرائيل، بعد اكتشاف ثغرات في الأمن الإسرائيلي تتيح لعناصر الجماعتين القيام باجتياح بري شامل. وتكشف هذه المعطيات أن حزب الله خذل حركة حماس، فيما أكدت قيادات في الجماعة اللبنانية أنها تفاجأت بعملية طوفان الأقصى. وأشارت ذات المصادر إلى أن الحزب المدعوم من إيران فضل التراجع عن الاشتراك في الهجوم الذي نفذته حركة حماس بعد أن حركت الولايات المتحدة بوارجها إلى المنطقة، بينما اكتفى باشتباكات محدودة على الجبهة اللبنانية كانت أشبه برفع العتب وسوّق لها أمينه العام حسن نصر الله في خطبه العديد على أنها ساهمت في تخفيف الضغط على غزة. وكان الرجل الثاني في حركة حماس صالح العاروري الذي اغتالته إسرائيل في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني في الضاحية الجنوبية لبيروت قال في أغسطس/آب الماضي "نحن نتجهز للحرب الشاملة ونناقش ذلك في الغرف المغلقة مع كل المكونات التي لها علاقة بهذه الحرب"، فيما اعتبر التصريح تلميحا لتنفيذ عملية طوفان الأقصى. ويعتبر العاروري من مؤسسي كتائب عزالدين القسّام وكان له دور بارز في تأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية وشكل حلقة وصل أساسية بين القسّام وحزب الله اللبناني وإيران التي تدعم وتمول الجماعتين. ونقل موقع 'الشرق' عن عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران إن "هدف القسّام من عملية طوفان الأقصى يتمثل في لجم الجيش الإسرائيلي ووقف تدنيس المسجد الأقصى ووقف استهداف المدنيين وإنهاء الحصار المستمر على قطاع غزة منذ حوالي 17 عاما". وبحسب المصدر نفسه فقد أكد مسؤولون في حماس أن "الحركة قدمت حزمة من العروض لإنهاء الحرب الدائرة عبر وسطاء من مصر وتركيا وقطر، تتضمن التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، يمتد على 10 سنوات في غزة والبدء في عملية تبادل أسرى بين الجانبين وتنحي الحركة عن حكم القطاع لصالح حكومة تكنوقراط أو وفاق فلسطينية تتولى إعادة الإعمار وتوفير الخدمات للسكان". وأفاد عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد بأن "الحركة عرضت وقفا تاما لإطلاق النار وعرضت حلا سياسيا شاملا، لكن إسرائيل هي من يرفض الحل وتصر على استمرار الحرب"، مشددا على "استعداد الحركة للقتال إلى اللحظة الأخيرة". ويرى مراقبون أن حركة حماس تمكنت من الصمود خلال أقوى الاجتياحات الإسرائيلية، لكنها ستواجه العديد من تحديات بعد انتهاء الحرب ويتصدرها إعادة إعمار القطاع الفلسطيني الذي تعرض لدمار هائل، وسط توقعات بأن تنأى عدة دول بنفسها عن المساهمة في تمويله.
مشاركة :