عندما تتيح لك الحياة التواجد في أمسية جميلة في نمط عمراني عريق تجد متحفاً في قمم جبال منطقة عسير كمتحف “فاطمة فايع “يعود بذاكرة الزمن الى مراحل التاريخ التي عاشته المنطقة حيث جسدت الحياة الأجتماعية والثقافية التي كان يعيشها اهالي عسير وتفاصيل التنوع في البناء الهندسي القديم للحصون والبيوت في تلك الحقبة من الزمان والتي تعد الأن من أهم العوامل الجاذبة للسياحة في بلادنا الحبيبة ويمكن التمييز بين مفهوم الحصون والقلاع بأن الحصون مبان تستخدم للأغراض العسكرية آنذاك وتبنى غالباً في أوقات الحروب بهدف الدفاع عن المواقع الأستراتيجية حيث يبلغ إرتفاع الحصن الى أربعة او خمسة طوابق تقريباً وتشييد هذه الحصون العريقة والقوية يحتاج معماريين أصحاب خبره حيث إختيار الموقع المناسب ووضع حجر الأساس المسمى (بالربض) حيث يحفر بعمق نصف متر او أكثر وترص فيه الحجارة المساندة لحيطان المبنى ويقوم الباني بدوره في البناء بإستخدام المواد الأساسية مثل الطين وهو الخلب ووضعها بالمكاتل وهي من (سعف النخيل) وبقية المواد مثل الماء والتبن والجص والمرو والحجارة الكبيرة حيث يتم تكسيرها بالمعول والأزميل الضخم ليتم نقلها بالحيوانات مثل (الجمال والحمير) ويقوم الكاحل بعد ذلك برص الحجارة الصغيرة في الفتحات بعد اكتمال بناء الجدران لسد الفراغات وفي أثناء ذلك العمل الشاق يقومون بترديد الأناشيد حيث يقال “ذا يخيل وابن عمه في مضومه ياكلون امشحم ويوهب له فروقه “ويقال “غمامة البارود طيبنا والطيب والحناي للنساء “وفي أثناء ذلك يتم إكمال بقية العمل وعمل الطوايق وهي (النوافذ) ويستمر العمل في هذا البناء وصولا الى السقف وياتي دور العمود الرئيسي الذي يحمل السقف ويسمى (المعدل) من الخشب الثقيل بطول 10 امتار تقريبا لربط الجدران ببعضها بعد ذلك يأتي دور سيدة المنزل وهي المسؤولة عن الشكل الداخلي للمبنى وتبدأ في التزيين حيث تقوم بتنعيم الجدران تلوينها وذلك لأن المنزل هو محور إهتمامها فكانت تستعين بنساء القرية لعمل الرسوم والزخارف التي لها دلالاتها وتسمى بالقط العسيري وهن متخصصات بهذا الفن وتسمى الواحدة منهن القطاطه وكل ذلك يعمل بأصابع اليد ويستخدمن الخامات المتوفرة في البيئه من الوان وطين وحجارة بالتزيين فيتم الجمع بين جمال الشكل والمنفعة في لوحة تشكيلية جميلة كما هو كامل المبنى ويقوم الرجل بعد ذلك بتسليم المفتاح للمرأة وعند الانتهاء من البناء يتم التعبير عنه بإحتفال من أهالي القرية ولعب الدمه وتتخللها القصائد والاناشيد فرحا” ومباركة بهذا البناء وروعة هذا الشكل الجمالي وتشييد هذه الحصون والقلاع والبيوت لمسناه في امسية جميلة وهي أمسية “فاطمة معرف ” حيث أعادت لنا فكرة التراث العريق لتبقى خالدة عبر العصور.
مشاركة :