كيف يمكن تعزيز المواطنة السياحية لدى المواطن؟ - طلعت زكي حافظ

  • 3/31/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

خلال فترة ما يزيد عن خمسة عشر عاماً، وبالتحديد منذ أن أنشئت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في عام 1421، وهي تبذل جهوداً كبيرة جداً للارتقاء بقطاع السياحة والتراث الوطني في بلادنا، وليس ذلك فحسب بل وتحويلها لهذا القطاع، وكل ما يرتبط به إلى صناعة، يمكن الارتكاز عليها والاستناد إليها في تحقيق مداخيل وموارد مالية للاقتصاد الوطني تنافس وتضاهي مداخيل النفط. وجندت الهيئة لتحقيق تلك الأهداف الاقتصادية والتنموية النبيلة والسامية الكوادر البشرية الوطنية الجادة، ووفرت الأموال والاستثمارات اللازمة، انطلاقاً من إيمانها الكامل والتام بأهمية تنمية وتطوير قطاع السياحة، باعتباره أحد أهم القطاعات الاقتصادية القادرة على خلق العديد من الصناعات الرديفة، إضافة إلى إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين والمواطنات السعوديين والسعوديات. وقد امضت الهيئة وقتاً لا بأس به منذ إنشائها في تأسيس البنية التشريعية والتنظيمية والقانونية لعمل القطاع السياحي في بلادنا بشكل مهني محترف، وبما يوازن بين حقوق المستثمرين والمستفيدين من خدمات القطاع، وقد نجحت بكل صدق في ذلك وحققت نقطة تحول في آلية عمل القطاع، يمكن الاعتماد عليها والاستناد إليها واستخدامها كدروس وتجارب مستفادة في إحداث برامج تحول وطنية سواء في المملكة أو في غيرها. اعتقد أن الجميع يتفق معي بأن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، قد قامت بالدور المنوط بها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها خير قيام، وعلى الوجه الأكمل، ولكن وعلى الرغم من ذلك يظل هناك سؤال يلوح بالآفق ويبحث عن إجابة شافية ووافية لعله يجدها، وهو هل انعكست جهود الهيئة على أداء القطاع كما كانت هي تخطط له وتسعى إلى تحقيقه؟. برأيي أن عدم تحقيق الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لمبتغاها وأهدافها التي أنشئت من أجلها بكل صراحة ووضوح، نتيجة لأن شركاءها الأساسيين في النجاح من بعض الجهات الحكومية قد خذلوها ولم يتعاونوا معها بالشكل المأمول وبالسرعة المطلوبة، والذي قد لا يخرج عن أحد احتمالين، إما لعدم قناعة تلك الأجهزة بأهمية القطاع السياحي كرافد اقتصادي وتنموي مهم، والتعامل معه على أساس أنه قطاع ترفيهي بحت (وهذه نظرة قاصرة بطبيعة الحال)، أو أن القطاع السياحي ليس من بين القطاعات الاقتصادية التي يتوجب التركيز عليها وإعطاؤها الألوية. وما يؤكد على تخاذل بعض الأجهزة الحكومية في القيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه القطاع السياحي والنهوض بمستواه الخدمي والاقتصادي والتنموي على حدٍ سواء، أن الهيئة ظلت ولفترة طويلة تطالب بإنشاء صندوق استثماري ذي طابع تنموي للسياحة، على غرار صناديق التنمية الحكومية الأخرى العديدة، مثل صندوق التنمية الصناعي SIDF وصندوق التنمية العقارية وغيرها من الصناديق، وذلك بهدف تمويل الاستثمار في القطاع السياحي، ولكن وعلى الرغم من تلك المطالبة إلا أنه لم يتحقق ذلك حتى تاريخه، وهناك مثلاً آخر طالبت به الهيئة مراراً وتكراراً وهو الارتقاء بمستوى خدمات واستراحات الطرق، ولكن وحتى وقتنا هذا لا تزال استراحات الطرق تعاني من مستوى تدني الخدمات لا يليق بأي حال من الأحوال بالمستوى الحضاري والتنموي الذي وصلت إليه المملكة. إن الارتقاء بأداء قطاع السياحة والتراث الوطني في بلادنا، يتطلب من جميع الأجهزة الحكومية في المملكة التي لها علاقة وارتباط بهذا القطاع، أن تقوم بالمسؤوليات المنوطة بها على الوجه المأمول وبالسرعة المطلوبة ودون أي تردد، وأن يكون منطلقها الأساسي والرئيس في ذلك، هو الإيمان بأهمية تنمية القطاع السياحي، كقطاع اقتصادي تنموي مولد للصناعات الرديفة وللوظائف، وانطلاقاً أيضاً من تعزيز انتماء المواطن للوطن، باعتبار أن المواطنة تفرض الحاجة إلى انتماء الإنسان إلى بقعة أرض التي يعيش عليها، والذي لا يمكن له أن يتم دون أن يتعمق هذا المفهوم لدى المواطن بمعرفة بلده وتراثها وتاريخها في الماضي والحاضر والمستقبل.

مشاركة :