أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمام زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري حرص موسكو ورغبتها في «أن يتمكن لبنان من التغلب بأسرع وقت على الأزمة الداخلية». وقال: «موقفنا المبدئي أنه لا بد للشعب اللبناني بنفسه ولوحده من أن يحل كل المشاكل التي تواجهه مع مراعاة سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله، وبعيداً من أي تأثير من الخارج». وقال لافروف: «نتطلع إلى أن يتخذ جميع الشركاء الخارجيين الموقف نفسه ويحترموا هذه المبادئ، لايجاد الظروف المواتية التي ستمكن لبنان من التغلب على مشاكله الداخلية». وكان الحريري استهل زيارته موسكو بلقاء لافروف. وحضر عن الجانب اللبناني الوفد المرافق وضم: وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب السابق غطاس خوري ونادر الحريري ومستشار الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان. وحضر عن الجانب الروسي نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، نائب مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية أندريه بانوف ومسؤول مكتب الشرق الأوسط ديميتري دوغاتكين. اللقاء ورحب لافروف بالحريري وقال: «روسيا تعمل بانتظام مع كل القوى السياسية اللبنانية وليس فقط مع الحكومة، بل ومع الزعماء السياسيين والقوى السياسية اللبنانية، ومن بينها بطبيعة الحال «تيار المستقبل» الذي نحترمه. وهذا يعكس اهتمامنا بالحفاظ على أسس المجتمع اللبناني ومؤسسات الدولة اللبنانية». وثمن لافروف «عالياً الاتصالات التي تقوم على أسس منتظمة بينكم وبين ممثلي القيادة الروسية، وأنا كنت التقيت معكم في المرة الأخيرة في أيار الماضي في سوتشي، وأتطلع لأن يكون لقاؤنا اليوم مفيداً وبناء، كما نتطلع لنستمع منكم، وأنتم أحد الزعماء السياسيين اللبنانيين، إلى تقديراتكم في ما يتعلق بالأوضاع الداخلية في لبنان وأوضاع المنطقة المعقدة للغاية، ما يتطلب منا التنسيق الدائم ونحن سعداء جداً بوجودكم في موسكو». ورد الحريري قائلاً: «يهمنا دائماً التعاون والتواصل معكم بالنسبة الى لبنان والمنطقة العربية. لا شك في أن بلدنا ومؤسساته يمران في مرحلة صعبة جداً، لا سيما في ظل ما يجري من حوله، لذلك أتينا لنتشاور معكم ونتعاون على حل الأزمات التي تواجهنا. وكما ذكرتم، هناك تدخلات تحصل في المنطقة، لا سيما في لبنان لمنع انتخاب رئيس للجمهورية، ونرى أنه يجب علينا أن نتشاور في هذا الموضوع». وأضاف قائلاً: «نثمن الدور الكبير الذي تضطلع به روسيا في المنطقة، ونتطلع إلى أن يكون لكم دور في لبنان أيضاً، وأن نتعاون لمكافحة الإرهاب الذي تشهده المنطقة، وخصوصاً ما يحدث على حدودنا في لبنان. وهناك الكثير من الأمور التي نتطلع أن نثيرها معكم، وإن شاء الله تكون المحادثات بناءة». وعلمت «الحياة» من مصادر في الوفد المرافق للحريري أن لافروف أبدى تفهمه للمخاطر التي عرضها جراء استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية الذي مضى عليه عامان، وتوافق معه على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد، لأن هناك ضرورة للحفاظ على المركز المسيحي الأول ليس في لبنان فحسب وإنما في المنطقة العربية. وأكدت المصادر نفسها أن لافروف يدعم الجهود الرامية إلى انتخاب الرئيس في أسرع وقت من دون أي تردد، وقالت إن الحريري تطرق بالتفصيل إلى الأخطار المترتبة على الفراغ الرئاسي وركز على الاقتصادي والمالي منها، إضافة إلى الشلل الذي أصاب الدولة بسبب عدم انتظام عمل المؤسسات الدستورية فيها. واعتبر الحريري -وفق هذه المصادر- أن انتخاب الرئيس هو المدخل الوحيد لمعالجة الأزمات القائمة حالياً، لا سيما بالنسبة إلى رفع إنتاجية الحكومة ووضع قانون انتخاب جديد وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية. ولفتت إلى أن الحريري تناول، في معرض حديثه عن هذه المخاطر، تأثيرها المباشر على الاستقواء في لبنان جراء تقويض ركائز الدولة المركزية. وقالت انه شدد على ضرورة تضافر الجهود لتوفير الحماية للبنان من الحرائق من حوله في المنطقة ومنعها من أن تنتقل إلى الداخل، لما يترتب عليها من تداعيات لن تكون لمصلحة الاستقرار الذي ينعم فيه بفضل دور الجيش والقوى الأمنية اللبنانية على هذا الصعيد. وقالت هذه المصادر إن الأعباء المكلفة التي يتحملها لبنان تحت ضغط نزوح السوريين إليه هرباً من الحرب الدائرة في سورية، كانت حاضرة في محادثات الحريري مع لافروف، وأكدت أنه شدد على معالجة هذا النزوح من خلال مشاركة المجتمع الدولي في تأمين الدعم للبنان، الذي هو في حاجة إليه لأن أوضاعه المالية والاقتصادية الراهنة تعيق قدرته على توفير حاجة النازحين من مالية واجتماعية وصحية وتربوية. الحريري: الحل لسورية آت وقال الحريري لمحطة «المستقبل» عن نتائج لقائه مع لافروف ان «اللقاء كان جيداً جداً، تحدثنا بكل صراحة، هناك اهتمام روسي كبير بلبنان، ونحاول بشتى الوسائل أن نحمي لبنان من أي كارثة يمكن أن تحصل، وبالنسبة إليّ فإن الأهمية القصوى هي لانتخاب رئيس للجمهورية، لأنه بذلك نكون حللنا السبب الأساسي لمعظم المشاكل التي يشهدها البلد، سواء بالنسبة الى تدهور المؤسسات أو كل ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والأمني. ونرى أن الحل الأساسي هو بانتخاب الرئيس». وأضاف انه تحدث مع لافروف «في مواضيع تتعلق بالمنطقة، وأين تتقدم الأمور في ما يخص سورية، ونأمل جميعاً بأن يكون هناك حل سياسي بأسرع وقت ممكن، وموقفنا واضح في موضوع بشار الأسد، وهم كذلك موقفهم واضح». وعن الموقف الروسي تجاه سورية، قال: «من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد حلاً سياسياً في سورية، قد يكون الآخرون لا يعتبرون هذا الأمر أساسياً، إن كان بشار الأسد أو المعارضة، لكني أعتبر أن هناك حلاً سياسياً آتياً إلى سورية، وهذا الأمر يهم الشعب السوري». وأكد ان للروس «دوراً كبيراً في المنطقة، ونأمل بأن يفعل هذا الدور في لبنان ومن هذا المنطلق نتحدث إلى الروس». وأقام لافروف مأدبة غداء تكريمية على شرف الحريري والوفد استكملت خلالها مواضيع البحث التي أثيرت. والتقى الحريري في مقر اقامته في موسكو سفير لبنان لدى روسيا شوقي بونصار وعرض معه شؤوناً تتعلق بأوضاع السفارة واللبنانيين المقيمين في روسيا. وكان بونصار استقبل الحريري لدى وصوله ليل اول من امس الى موسكو.
مشاركة :