بوتين ينجو من المستنقع السوري ويغرق في الأوكراني

  • 3/31/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ساهم التدخل العسكري الروسي في سورية ثم سحب شطر راجح من القوات الروسية بعد ستة أشهر، في إخراج موسكو، جزئياً، من عزلتها الناجمة عن تدخّلها في النزاع الأوكراني. ولا يقيم بوتين وزناً للانتقادات التي وُجّهت إلى عملياته العسكرية واستهدفت معارضي بشار الأسد أكثر مما نالت من «جبهة النصرة» و «داعش». فشاغل الرئيس الروسي هو استعادة مكانة دولية يرى أنها تليق ببلده. وعلى رغم أنه أفلح في انتزاع مكانة الشريك البارز في الشرق الأوسط وتفادى خطر الغرق في «المستنقع الأفغاني» على نحو ما توقع كثر، وفاوض على هدنة مع الولايات المتحدة كما في الأيام الآفلة، يبدو أنه ينزلق أكثر فأكثر الى «مستنقع» أوكراني. وبعد عامين على ضمّها، ومصادقة البرلمان الروسي على إلحاقها بروسيا في 18 آذار (مارس) 2014، لا تزال شبه جزيرة القرم عقدة الخلاف. واتفاقات مينسك المبرمة في شباط (فبراير) 2015، والتي رمت الى طي النزاع الدموي في الدونباس وشرق أوكرانيا، تتعثر. والاتحاد الأوروبي مدّد العقوبات على روسيا. وفي مطلع الشهر الجاري، انتهت قمة جمعت عرابي اتفاق مينسك (ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا) في باريس الى خلاف على تنظيم انتخابات محلية عملاً بالاتفاق. وفي الأثناء، تتواصل الاشتباكات بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الروس، على رغم ضمور النزاع. فالانفصاليون مستقرون في الجمهورية المستقلة التي أعلنوها بدونيتسك في الدونباس، ويخطون خطوات استفزازية فينشرون نقاط عبور يطلبون فيها جوازات العابرين. وصارت ربانة المقاتلة الأوكرانية، ناديجدة (أو ناديا) سافتشينكو، التي تحاكم في موسكو، رمز المقاومة في كييف، حيث نظمت أخيراً تظاهرات احتجاج أمام السفارة الروسية. وأعلنت سافتشينكو أنها «خُطِفت» واقتيدت الى روسيا. وهي انتخبت نائباً في البرلمان الأوكراني أثناء اعتقالها بتهمة التواطؤ لقتل صحافيين روسيين في الدونباس في تموز (يوليو) 2014. وقد تُحكم بالسجن 23 عاماً. وتتعاظم الدعوات في أوروبا والولايات المتحدة الى الإفراج عنها. ولا شك في أن مسرح العمليات في سورية يبدو ضعيف الصلة بميدان المعارك في أوكرانيا، لكنهما، في الواقع، متصلان. ويعود الفضل الى الملف السوري في اعتلاء روسيا مكانة راجحة في الساحة الديبلوماسية الدولية. لكن «النجاح» الروسي في سورية لم يبدد القلق في أوكرانيا. «سمعنا عن سحب روسيا قواتها، لكنها كانت عمليات تبديل فحسب. وسمعنا وزير الدفاع الروسي يقول أن قصف الإرهابيين – وترى موسكو أنهم كل معارضي النظام - سيستمر. فلننتظر ونرَ ما سيحصل»، أعلن وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند. وخلصت صحيفة «فيدوموستي» الروسية، الى أن «موسكو تعتبر أنها بلغت غايتها وخرجت من العزلة الدولية. لكن المشكلة أن الخروج من العزلة قد لا تنعقد ثماره الدولية... فمقايضة سورية بالدونباس أخفقت. وروسيا لا تزال تعاني من العقوبات وتتحمل مسؤولية النزاع الأوكراني». ويبدو أن بوتين نفد صبره من تأخر تحصيله مكاسب العملية في سورية التي صوّرت على أنها إحدى حلقات المكافحة الدولية للإرهاب، فأعلم الرئيس الأميركي، في 14 الجاري، بقراره فتح صفحة جديدة «ديبلوماسية» أكثر مما هي عسكرية. وفي بيانه، أعلن الكرملين أن «القياديين اتفقا على مواصلة السعي مع أطراف النزاع إلى حلّه». والنزاع المقصود هو طبعاً الأوكراني وليس السوري. ويبدو أن مواصلة الحوار الروسي – الأميركي تلبي حاجة روسيا الماسة الى الخروج من الأزمة الأوكرانية التي كلفتها أكثر من الحرب في سورية، التي قدرت صحيفة «أر بي كا دايلي» كلفتها بـ38 بليون روبل (500 مليون يورو). وإلى مساعي الحوار مع واشنطن، تتوجه موسكو الى العواصم الأوروبية، ولسان حال مبعوثيها أنها ليست مسؤولة عن تعثّر اتفاقات مينسك، فكييف لم تلتزم المتفق عليه. ويبدو أن العاصمة الأوكرانية هي الحائل دون تحقّق أحلام العظمة البوتينية.     * مراسلة، عن «لوموند» الفرنسية،20-21/3/2016، إعداد منال نحاس

مشاركة :