ميلاني تييري: أضطر أحيانا ً إلى أن أكون مستبدة

  • 4/1/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تبدو من خلال ملامحها وإيقاعها في الحياة مثل طفلة، على الرغم من أنها قطعت مشواراً طويلاً في فن التمثيل، فأول ظهور للممثلة الفرنسية ميلاني تييري كان قبل أكثر من عشرين عاماً، يومها لم تكن تتجاوز ال 13 عاماً. ولكن منذ كواسيمودو دي إل باريس لباتريك تيمسيت، الذي كشف عن موهبتها في عام 1999، تحاول هذه العصامية الصغيرة مناوبة أدوارها بين السينما والمسرح. وعندما حاورتها مجلة باري ماتش وجدت في ميلاني تييري ذلك القلب المفتوح وتلك الأم المتوازنة التي لا تكاد تتوقف عن الحركة كبهلوان، على الرغم من أنها تفضل الحياة البوهيمية. إنها تشعرك من اللقاء الأول بالدفء وبالعفوية، وتجد صعوبة في أن تتخيل أنها تبلغ 34 عاماً، وقد قدمت ثلاثين فيلماً وخمس مسرحيات، وباتت من بين الوجوه التي يعول عليها على الصعيد العالمي وليس في فرنسا فقط. * هل تصطحبين دائماً طفليك معك أثناء التصوير؟ - لست من النوع الانصهاري كي أبقى في كل وقت ملتصقة بهما. فأحياناً عندما أصور فيلماً، يكون لدي انطباع أنني في عطلة، ويكون حينها لدي متسع من الوقت لأعمل لنفسي قناعاً مريحاً في جو هادئ، وإذا كان من الممكن أن أعيش بسلام لثلاثة أيام سأكون سعيدة جداً! فضلاً عن أنني محاطة بالجميع، فهناك والدي، والمربية التي تعتبر من أكثر الأشخاص أهمية في حياتي. وأنا واثقة من ذلك إلى درجة أنه بإمكاني قضاء أسبوعين دون الحاجة للاتصال بالبيت. * هل يتفهم طفلاك طبيعة عملك؟ - ابني البكر يعلم أنني ممثلة، ولكن هذا لا يهمه كثيراً، وذات يوم جعلته يشاهد واحداً من المشاهد الخاصة بي في فيلم أميرة مونبونسييه، فوجد أن الأمر مملٌّ جداً.. وفي الآونة الأخيرة، رافقني لحضور العرض الأول من يوم مثالي. وكان باللغة الإنجليزية، ولم يفهمه كثيراً، ولكن لأنه عاش مرحلة التصوير، كان يشعر بنشوة كبيرة. * أي نوع من الأمهات أنت؟ - أنا امرأة سليطة، ولكن هذا لا يهمني! لدي أخطائي مثل العديد من النساء اللواتي يتحملن المهام الشاقة في الوقت الذي يصل فيه الآباء ليلعبوا دور الأبطال.. أفضل أن أكون هادئة، ولكن أجد نفسي مضطرة لأن أكون استبدادية. ويجب أن تعطى للأولاد علامات يستهدون بها، إنه صراع يومي ويجب ألا نستسلم. * كيف كانت طفولتك؟ - لم أولد وفي فمي ملعقة من فضة، فأنا من عائلة متواضعة. ولم أكن طالبة متميزة أو متفوقة، ولكنني تلقيت تربية صارمة. كل شيء في بيتنا كان له أهمية ويتحقق من خلال العمل الجاد والعزيمة. وكنت أغرق في الخجل، ومازلت حتى اليوم. كان يسكنني شكل من أشكال الكآبة، ومع ذلك، عشت طفولة جميلة جداً، مع العديد من الأصدقاء وشقيق كنت ألعب وأضحك معه كثيراً. وكنا محظوظين بأن لدينا حديقة مع حقل كبير أمام منزلنا، حيث كنت أذهب للتريض بالدراجة والركض. وكنا نذهب إلى مزرعة في بريتاني لنكون في تواصل دائم مع الأرض. فأنا أحب أن تكون لي حديقة، كي أزرعها وأربي فيها الدجاج! وأعتقد أنه إذا كان عليَّ أن أغادر إلى الريف فسأجد صعوبة كبيرة في العودة إلى باريس. أطفالي يكبرون في المدينة، وليس لديهم هذا الرابط القوي بالطبيعة. وعندما نذهب في عطلة نهاية الأسبوع، أشعر بالسعادة حين أرى أحذيتهم غارقة في الطين! * كيف كانت علاقتك بوالديك؟ - والدتي كانت مثالية، وقد استطاعت أن تفعل أفضل ما لديها وقدمت لنا الكثير من الحب. أما والدي فكان يعود إلى المنزل في وقت متأخر من الليل، وكان كثير العمل ولا ينام حتى يطبع قبلة على جبين كل فرد منا، علماً أننا لم نكن نقضي معاً الكثير من الوقت. وبما أنه كان هادئاً جداً وخجولاً جداً، فأنا لم أعرفه حقاً حتى وقت لاحق، أي عندما أصبحت أماً. * ما هي الرؤية التي كانت لديك عن الزوجين مقارنة بوالديك؟ - لم يكن لدي انطباع أنهما في وئام، خاصة أنني بقيت في البيت حتى سن ال 20 وفي ذلك الوقت قرارا الانفصال. والحقيقة أنهما انتظرا لحمايتنا، ولكن أعتقد أنه كان من الأفضل لو أنهما فعلا ذلك من قبل. اليوم، كل واحد منهما مستقر وكوَّن حياته الخاصة. * هل تشعرين بالندم؟ - الحنين يمنع الناس من التقدم، وأعتقد أنه علينا أن نقبل الماضي، والتمتع بالحاضر، فوالدي مثلاً أصبح له وجود كبير في حياة أحفاده، وكأنه يريد تعويض الوقت الضائع. وأنا أدرك جيداً إلى أي حد هو طيب وحنون، والحب الذي يحمله لولديّ لا يصدق، بل إنه يجعلني مطمئنة. وبطريقة أو بأخرى، يمكنني القول إنني أخيراً التقيت والدي. * بدأت حياتك المهنية في سن مبكرة جداً كعارضة فكيف كان رد فعل أقاربك؟ - كانوا قلقين، فجدتي التي أحبها كثيراً تخيلتني أعيش في عالم تسود فيه أسماك القرش، وتحيط به ثلة من الفاسدين ومثيري الاشمئزاز. ولكن كانت والدتي ترافقني إلى التصوير، وكان يعجبها أن تذهب إلى باريس، لتتعرف إلى هذا العالم المجهول. أما بالنسبة لأخي، فكان يقول بلهجة تهكمية: عالمك لا يهمني. وعندما أنظر إلى الماضي، أعتقد أنه كان من الغباء لفتاة لا يزيد عمرها على 13 عاماً أن تعيش في مثل هذه البيئة التي يهيمن عليها رجال بالغين. وكان من الممكن أن تحدث لي أشياء مرعبة. * هل شعرت بالحاجة للابتعاد عن حياتك اليومية؟ - لم أطرح الأسئلة، ولم أكن قادرة على تحليل أي شيء. كنت سعيدة وأنا أقف أمام المصورين الذين كانوا لا يتوقفون عن التقاط الصور لي. وكان جزء مني يريد أن يكون أنثى حقيقية (لوليتا)، ولم أفكر بأنه يمكن أن أصبح ممثلة، بل كنت أحب فقط التخفي، ثم وصل كل شيء إلى أوجه حين أصبحت هذه المهنة شبه ضرورة بالنسبة لي. * هل تمكنت تلك الطفلة التي بداخلك من التغلب على خجلها؟ - لكي أشعر بأنني جيدة، فإنني بحاجة إلى سنوات من التحليل النفسي! تملكني دائماً انطباع بأنني بحاجة إلى تبرير كل شيء، وكانت لدي مشكلة في جعل الآخرين يفهمونني، وكذلك في التعبير عن نفسي. وكثيراً ما أفقد إمكانياتي، وأشعر بأنني معجبة بسرعة بكل شيء وبأي شيء. وفي هذه الحالات، أغلق على نفسي كالمحارة كشكل من أشكال الحماية. ولا أتوقف على مناقشة آرائي إلا مع عائلتي. ولحسن الحظ، منذ عشرين عاماً، أجامل أناساً لامعين يعجبونني لأنهم جعلوني أتطور. * هل عثرت على توازنك؟ - هذه المهنة تُولد الكثير من القلق، وتتملكنا الكثير من المخاوف إزاء نظرة الآخرين إلينا، ونخاف التوقف عن العمل، واتخاذ الخيارات الخاطئة، والفشل. ولكن هذا الاضطراب الدائم يجعلني على حافة الهاوية عندما ألعب شخصية. بيد أن هذا لا يمنعني من أن أحب الحياة اليومية. * الثنائي الزوجي الذي تشكلينه مع المغني رفاييل منذ 15 عاماً يعتبر مثالياً، ما هو السر؟ - الوضوح هو أهم ما في علاقتنا. فأنا أحب فيه الأب والموسيقي، والرجل. ولدي رؤية شاعرية ورومانسية للحب. إنه شيء صحي ولطيف يبنى على أساس الثقة والاحترام. ومع رفاييل، هدأت الأمور عندما أنجبت طفلينا. ونحن لدينا طقوس مثل عادة طهو الدجاج المشوي يوم الأحد.. على الرغم من أننا نباتيين. ورفاييل معجب بأسلوب حياة والديه. ولا شيء أجمل من أن نكبر معاً وهو يحب ذلك. لا شك أننا نمر بفترات الصعود والهبوط في المشاعر، ولكن في كل صباح عندما ينظر إلى وجهي، أشعر بأنه يحبني كثيراً أو أكثر من ذي قبل. * بين حفلاته وفترات التصوير الخاصة بك، ألا يخشى أن تبتعدا عن بعضكما بعضاً؟ - من الصعب في بعض الأحيان تجنب الغيرة. وفي هذه اللحظة أنا التي أتبعه، ومنذ بعض الوقت، كان هو الذي يفعل ذلك، وهذا ما يُبقي الشعلة متَّقدة. * أليس هناك أي سلبيات؟ - في الحياة اليومية، لا يبذل الكثير من الجهد. وإذا تمكن ذات يوم من وضع ملعقة في غسالة الصحون، سوف أفاجأ، نحن نعيش معاً، ومازال لا يعرف كيف تعمل مفاتيح الكهرباء.. ولكن هذا ليس أمراً خطيراً، بل أجده في بعض الأحيان مضحكاً. وناحية الأستاذ فيه تجعلني لا أتوقف عن الضحك. السعادة الكبرى والعالمية في عام 2010 نالت ميلاني جائزة سيزار كأفضل ممثلة واعدة عن فيلم الأخير على الطريق. ومنذ ذلك الحين خرجت إلى العالمية، فالإسباني فرناندو ليون دي آرانوا اختارها للانضمام إلى ممثلي ال 5 نجوم في فيلم يوم مثالي أو يوم مثل أي يوم حسب الترجمة الفرنسية، والذي ظهر في دور العرض يوم 16 مارس الماضي. وفي فرنسا، نشاهدها على ملصق فيلم لست قذراً لإيمانويل فينكيل. أما عن الجانب الخاص فتبدو حياتها أكثر هدوءاً، حيث وجودها ضمن عائلة تضم زوجها المغني رفاييل الذي تحبه منذ ما يقرب من 15 عاماً، ونجليهما (7 سنوات وسنتين) هو السعادة الكبرى لديها.

مشاركة :