لجأت سيدة عربية في الستين من عمرها إلى محكمة العين لإثبات نسب ابنها البالغ من العمر 22 عاماً، وأوضحت أن والده رجل أعمال طاعن في السن، وهو صديق قديم لطليقها الذي توفاه الله، ولهذا الصديق الفضل الكبير في الإنفاق عليها وعلى أبنائها وبناتها، وتأمين نوع من الحياة الكريمة لهم إحساناً منه وتفضلاً. وعلى إثر ذلك قامت المحكمة بإحالة الشاب العشريني والطاعن في السن للمختبر الجنائي لنفي أو إثبات النسب باستخدام تقنية البصمة الوراثية DNA، والغريب في الأمر أن المدعية لم تقدم أي مستندات تدل على أنها زوجة المدعى عليه، واكتفت بتقديم صورة لعقد عرفي وقعته عند محام في دولتها العربية، وهو عقد غير موثق، ولا يحمل توقيع المدعى عليه، ولا يوجد شهود، هنا قامت المحكمة بتوجيه المدعى عليه لأداء اليمين، وأدى اليمين الحاسمة بأن المدعية لا تمت له بصلة، كما أن الابن ليس ابنه، وأنه فعلاً لا يملك أي أصول أو صور لعقد الزواج الذي تحدثت المدعية عنه! ولم تكتف المدعية بذلك، وإنما قدمت أيضاً مستنداً من مستشفى توام في مدينة العين يحمل توقيع المدعى عليه، وهو عبارة عن مستند بلاغ ولادة لإدخالها المستشفى، واعتبرت المحكمة هذا المستند بمثابة إقرار بالبنوة استناداً إلى أن الشرع يتطلع إلى حفظ الأنساب حتى لو كان بالشك، فيما اعتبر محامي المدعى عليه أن ذلك يعتبر مخالفاً للشرع والقانون، وقام باستئناف الحكم الصادر بإثبات نسب المولود للمدعى عليه أمام محكمة استئناف العين وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير كامل الصفة، استناداً إلى أن الولد قد بلغ حسب شهادة الميلاد سن الرشد 22 عاماً، وبالتالي يمارس حقوقه بنفسه وليس بوساطة المدعية والدته. إثبات ونفي وأوضح المحامي والمستشار القانوني عبدالله ناصر الكعبي، أمين صندوق وعضو الهيئة الإدارية لجمعية الإمارات للمحامين والقانونيين في أبوظبي، ورئيس لجنة جمعية المحاميين القانونيين في مدينة العين، أن قضايا إثبات ونفي النسب أصبح لها صداها الكبير بين أروقة بعض المحاكم في الدولة، وما بين الأخذ والرد فيها إلى حين إثبات دعوى المتقاضي بإثبات أو نفي نسب الطفل، يظل اللجوء إلى فحص الحمض النووي إلى حين ظهور نتيجة التقرير هو الفيصل فيها من جانب بعض الجهات القضائية. مشيراً إلى أن المحكمة في القضية المطروحة، اتجهت لإثبات النسب إلى المدعى عليه رغم عدم وجود أي دليل قانوني على العلاقة الزوجية بين المدعية والمدعى عليه، ومالت إلى الأخذ والاستدلال بمستند غير رسمي، إلى جانب مخالفة نتيجة فحص DNA، والذي أكد بالطرق العلمية والرسمية والقانونية المعتمدة في الدولة، عدم صحة الرابطة بين الابن والطاعن في السن. كما أن المحكمة صورت موضوع إثبات النسب واعتبرته استلحاقاً، في حين أن الاستلحاق عبارة عن دعوى ترفع من الرجل يطلب فيها إثبات نسب المولود له وهذا ما لم يكن في الدعوى، آملاً أن يكون لدائرة التفتيش القضائي السلطة لمراقبة ومتابعة الأحكام التي تصدرها محاكم النقض ومتابعتها، وخصوصاً في المسائل الحساسة والمهمة، كما هو الحال في دعاوى إثبات ونفي النسب، لما لهذه القضايا من تأثير كبير في نفوس المتقاضين وذويهم. دعوى كما رفعت المدعية وابنها العشريني دعوى جديدة ضد المدعى عليه بإثبات النسب، ورفضت محكمة أول درجة الدعوى لعدم وجود ما يثبت ارتباطها الشرعي بالمدعى عليه، ولظهور النتيجة السلبية من فحص DNA، واستأنف المدعيان على الحكم، وقضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، الأمر الذي أدى بالمدعيين إلى طعن الحكم أمام محكمة النقض بأبوظبي، والتي قضت بإثبات النسب استناداً على المستند الذي اعتبرته إقراراً بالبنوة. إلا أن المدعى عليه ومحاميه بانتظار قرار النائب العام في أبوظبي بشأن فتح بلاغ في المستندات المزورة التي قدمتها المدعية، وإعادة النظر في الحكم الذي أصدرته محكمة النقض.
مشاركة :