بكاء تحت الرماد!

  • 1/6/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : عبدالرحمن الديسي .) في تلك البلد.. طفل يانع صاحب ابتسامة عذبة ومُبهجة للنفس, يَعشق الألعاب ويهوى الضحكات.. طفل ينظر في وجوه العابرين مُبتسمًا ولا يُميز بين الصالح والفاسد, طفل يَسبح في بحر من البراءة والطفولة ونقاء النفس.. ذهب هذا الطفل ذات صباح ليحضر الخبر من الخباز المجاور لمنزله، وإذا بانفجار يهز أرجاء المدينة, ويفزع الطيور النائمة, ويربك حركة المارة, ويصعق القلوب المطمئنة.. مرت الدقائق والساعات واستيقظ الطفل وهو تَحت الرماد يَستغيث ويسأل ويطلب يد المساعدة العون لكن لا مجيب – مرت الساعات وانتشلوا جثة هذا الطفل من تحت الحطام ورأوا دموعه فوق الرماد مودعة البراءة والطفولة بكى كل من الروح وقلب الأم العجوز وشيخ الجامع الكبير وصديقه الخباز على هذا الطفل.. 2.) في تلك البلد.. أنثى ترفض الأموال الكثيرة التي تُدفع لشراء جسدها الفاتن.. أنثى تركت الأنوثة داخل منزلها وصنعت من قلبها قلبًا يَعدل ألف رجل يواجه الرصاص والقصف والدمار ورائحة البارود.. أنثى أُعيق مستقبلها بسبب السياسة فنزلت للساحة رافعة أعلام الحرية والعدل وصنع السلام فوق هذه المعمورة.. أنثى قُتلت أحلامها وأنوثتها الفاتنة وابتسامتها الجميلة وتخلت عن حياة الترف والنعيم ونزلت إلى الشارع لمجابهة الأعداء والدفاع عن أرض الوطن الغالي.. أنثى ثارت عزتها ونخوتها على أرضها وأصبحت تصنع الوسيلة لقتل وإبعاد الأعداء عن وطنها.. في ذات يوم ومن غير سابق انذار, أصيبت برصاصة غدر اسقطتها على الأرض مُغشى عليها حتى ودعت الحياة بالشهادة وبابتسامة وردية.. َذَهب العطاء والمناضلة وروح الدفاع عن الوطن ودُفنت تحت رماد الدمار.. .3) في تلك البلد.. أب لا يعلم ماذا يفعل عندما يدخل الأعداء إلى بيته مُنتهكين حرمة البيت.. أب يموت قهرًا في اليوم مائة مرة وهو يرى أنواع التعذيب والإهانات وسلب الحقوق.. أب يُشارك في القتال ولا يعلم هل سيعود لمنزله في الليل المتأخر, أم سيلقى أحبته في جنات الخلد.. أب سُلبت كرامته, وانتُهك عرضه, وقُتل ابنه, ومات أخاه فثار كل شيء داخله دفاعًا عما تبقى له.. تَخلى عن كل الإغراءات الداعمة له بالانقلاب والاشتراك مع الأعداء في تدمير ذلك الوطن, انتفض عليهم قائلاً: الوطن هو الدم الذي يجري في وريدي ويمدني بالحياة الكريمة, الوطن مكان لحفظ الكرامة وصنع المعروف, الوطن حياة ولا حياة من غير وطن.. في تلك الليلة تَلقى عشر رصاصات مُعلنة وفاته ورحيله عن هذه الدنيا، وترك الراية لمن تبقى من بعده من قَادة ورجال يُحاولون إنقاذ وطنهم من الهلاك.. مات المعروف والإخلاص والأصالة.. مات شهيدًا وما أجملها من موتة..  (.4في تلك البلد.. أم تبحث عن الإنسانية في بلاد الظلم.. أم تركت مبدأ الإتكالية بعيدًا وذهبت تُداوي جرحى الحي, خلطت الأعشاب, وصنعت الدواء, وداوت المصاب حتى شُفي بإذن الله.. أم حنون لا ترفع من سُجودها إلا وقد نثرت بهمومها ووجعها ورجائها لخالق السحاب.. أصبحت حياتها مُتوترة في كل يوم تسمع بخبر استشهاد فلان من الناس, وهي تحبس دموعها وتدعو الله أن يعود أفراد بيتها سالمين معافين.. في الصباح ذهب الطفل، ولحقته الأنثى في ذلك المساء، وتوكل الأب على الله وذهب هو الأخر، وهي إلى الآن تنتظر عودتهم.. مات الطفل البريء ولحقته تلك الأنثى الجميلة وتبعهم ذلك الأب المناضل وبكت عليهم الأم الحنون وما هي إلا لحظات حتى تُكمل الفاجعة بوفاة الأم قهرًا.. ماتت الأسرة كاملة وبقت لحظاتهم وذكرياتهم مدفونة تحت الرماد, دُفنوا تِباعًا القبر تلو القبر وصلي عليهم تحت مسامع أصوات الرصاص, بكت أفئدة الناس عليهم, رحلوا من هذه الدنيا وتركوا خلفهم ذلك الرماد.. أسال الله المنان أن يكتبهم من المقبولين في دار الخلد مع نبي البشرية عليه أفضل وأزكى الصلاة والتسليم.. لكي الله يا # سوريا.. *وراء كل صورة حكاية تحكي عن واقع مرير, تبكي المرأة من أسباب بسيطة جدًا, لكن عندما يبكي الرجل فعلم أنه فقد كل شيء.. ومضة: نظرة تفاؤل تَصنع حياة..

مشاركة :