يزداد الطلب على مكيفات الهواء التي تستهلك الكثير من الطاقة؛ مما يشكل ضغطًا على شبكات الكهرباء، ويُسهم في زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري. وفي التفاصيل، طور باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) حلاً ثوريًا لمعالجة ذلك عبارة عن غشاء فائق الامتصاص يستخدم طاقة الشمس والرطوبة للتبريد دون الحاجة إلى الكهرباء. وتعتمد مكيفات الهواء التقليدية على التبريد القائم على الضاغط، وهي عملية تعمل عن طريق تحويل سائل التبريد من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية، ثم العودة إلى الحالة السائلة مجددًا، وهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة وضارة بالبيئة ويستخدم الغشاء الذي طورته كاوست، طريقتين طبيعيتين للتبريد: التبريد التبخيري والتبريد الإشعاعي، والتبريد التبخيري: يشابه في مفهومه وظيفة التعرق في جسم الإنسان، فعندما تشعر بالحرارة، تفرز الغدد العرقية تحت الجلد العرق، الذي يتبخر مع الوقت ويمتص الحرارة معه، مما يجعلك تشعر بالانتعاش. ويعمل غشاء كاوست الجديد بشكل مشابه عن طريق امتصاص الرطوبة من الهواء وتحريرها ببطء طوال اليوم، مما يشكل نسيمًا منعشًا. أما التبريد الإشعاعي: يعمل الغشاء كدرع يعكس أشعة الشمس بعيدًا عن المباني، ويمنعها من السخونة، كما يعمل أيضًا على إطلاق الحرارة من جديد إلى الفضاء ليلاً وبشكل فعّال. والعنصر الرئيسي: بوليمر فائق الامتصاص السلاح السري في هذا الغشاء هو مادة فائقة القدرة على امتصاص الماء وشائعة الاستخدام في المنازل، وهي بولي أكريلات الصوديوم التي تستخدم في حفاضات الأطفال. تمتص هذه المادة الرطوبة كالإسفنجة، ثم تنتفخ لتشكل طبقة بيضاء رقيقة تعكس ضوء الشمس، وتطلق الحرارة، ويمكنها الحفاظ على الرطوبة للتبخر لاحقًا. مناخ أبرد، وكوكب أكثر خضرة أظهرت الاختبارات التي أجرتها كاوست أن هذا الغشاء يمكنه خفض درجات الحرارة بمقدار 5 درجات مئوية (9 درجات فهرنهايت) حتى تحت السماء الملبدة جزئيًا بالغيوم، وكل ذلك دون استخدام أي كهرباء. وهذا يشابه خفض منظم الحرارة (الثرموستات) في مكيفات الهواء دون التضحية بالراحة. والفوائد تمتد إلى ما هو أبعد بكثير من الراحة الشخصية، وذلك من خلال تقليل الاعتماد على مكيفات الهواء، يمكن لهذا الغشاء أن يقلل إلى حد بعيد من انبعاثات الكربون؛ مما يقلل فواتير الكهرباء، ويجعله مجديًا اقتصاديًا. ويواصل باحثو كاوست تحسين وتطوير هذا الغشاء وتسهيل إنتاجه. حيث يطورون طرق تصنيع أسرع وأرخص، بالإضافة إلى تطبيق تقنية التبريد هذه في أسطح المباني والألواح الشمسية وأقمشة الملابس البيضاء. ويُتوقع أن يحدث هذا الغشاء المبتكر ثورة في طريقة تبريد منازلنا ومبانيّنا وحتى الأجهزة الإلكترونية، ويوفر بديلاً مستدامًا وصديقًا للبيئة لمكيفات الهواء التقليدية، ويمهد الطريق لمستقبل أقل حرارة وأكثر خضرة.
مشاركة :