التغذية الإكلينيكية أو السريرية أو العلاجية مصطلحات تعني الشيء نفسه، وهو العلم الطبي الذي يستخدم التغذية في الوقاية من الأمراض وعلاجها وله تخصصات فرعية كثيرة. يقول تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير ان 80% من أمراض القلب والشرايين والجلطات والسكري و 40% من الأورام ممكن أن نتقيها بتحسين نمط الحياة مثل تحسين الغذاء وممارسة اللياقة البدنية ووقف التدخين. وجود أخصائي تغذية علاجية أو أخصائية تثقيف صحي في المراكز الصحية في الأحياء سيوفر مئات الملايين بتقليل مضاعفات الأمراض المزمنة مثل السكري والسمنة وارتفاع الضغط وأمراض الكلى والقلب. استخدام المدعمات الغذائية الطبيعية والمركبة أمر غير شائع وربما غير معروف لدى الكثيرين مع أنه يوفر العناصر الغذائية لمرضى هم في أشد الحاجة إليها وبدونها تتضاعف المشكلة وربما انتقل الوضع الصحي للشخص لأمراض أخرى وأضرب على هذا مثال نقص فيتامين (د) وما يتبعه من مضاعفات أو نقص الحديد بالذات لدى الأطفال والحوامل، ونقص مضادات الأكسدة لمرضى السرطان وغيره، ونقص الزنك لضعف النمو ومشاكل البشرة، نقص فيتامينات (ب) وغيرها من العناصر. أثبتت الدراسات الطبية التي كان آخرها في مجلة التغذية الانبوبية والوريدية أن طول بقاء المريض في المستشفى ليوم إضافي بدون مبرر صحي يستنزف الميزانيات ، كما أثبتت أن التغذية الصحية في المستشفيات واستخدام المدعمات الغذائية يقلل نسبة بقاء المرضى في المستشفيات بشكل كبير، ونشرت مجلة التغذية الإكلينيكية أن عدم الاهتمام بتغذية المرضى في المستشفيات يمكن أن يطيل مكوثهم لثلاثة أيام إضافية مما يرفع تكلفة العلاج أكثر من 300%. أثبتت الإحصائيات الأوروبية أن برامج التغذية الإكلينيكية أو العلاجية خفضت تكلفة المريض في السنة الواحدة أكثر من 14 ألف دولار وذلك بتفعيل دور فريق التغذية العلاجية في المستشفيات. في بريطانيا نشرت وزارة الصحة البريطانية قبل أشهر في إطار خطتها التطويرية أن الأمراض ذات العلاقة بالتغذية تكلف حوالي 13 مليار جنية سنوياً، ووجدت أن تحسين التغذية للمرضى في المستشفيات والرعاية المنزلية يخفض التكاليف بنسبة 20% مما يجعلها سادس أفضل طريقة لخفض التكاليف على ميزانية الدولة. وأوضحت أن تفعيل دور تخصص التغذية العلاجية من شأنه أن يقلل التكاليف ويحسن الرعاية الصحية ومستوى جودة الحياة بالذات لحالات المرض طويل الأمد والأمراض المزمنة مثل السمنة والسرطان والسكري والفشل الكلوي وأمراض القلب والشرايين وأمراض الجهاز العصبي والصحة النفسية والقولون العصبي والمتلازمات الخلقية. وأوضح التقرير الذي أعدته جمعية الحمية البريطانية أن تفعيل دور التغذية العلاجية يساعد بقية العاملين في المستشفى في انجاز مهامهم بشكل أفضل بما في ذلك هيئة التمريض والخدمات الغذائية للمرضى وضبط مستوى الجودة والوقت بالتنسيق بين تلك الجهات وخفضت تكاليف برامج التقييم الصحي والمسوحات بمعدل 28 ألف جنيه لكل 100 ألف نسمة، ووفرت مصاريف التغذية الأنبوبية من 205 جنيهات استرلينية للشخص إلى 115 جنيها ووفرت 9% من تكاليف العناية المركزة والتي يعرف الجميع أنها عالية التكاليف. ومن النتائج الرائعة لهذا البرنامج تخفيض تكاليف الطوارئ فمثلا تم تخفيض تكاليف التغذية الوريدية في مستشفى واحد أكثر من 20 ألف جنيه من خلال استخدام التغذية الانبوبية. أظهر برنامج متابعة المصاريف في الخدمات الطبية البريطانية أن 57 الى 75% من وصفات المدعمات الغذائية يصرف من الأطباء بلا حاجة أو بدون مبرر واضح لحاجة المريض مما يزيد تكلفة الخدمات الصحية من 28 – 37 مليون جنيه استرليني بلا داعٍ وأوضح التقرير أنه يمكن توفير 51 الى 67 مليون جنيه من خلال تصحيح وصفات المدعمات الغذائية وحدها، وتوصل التقرير الى نتيجة أن برامج التغذية العلاجية ممكن أن يؤدي هذا الدور من خلال وصفات البدائل الطبيعية والتأكد من حاجة المريض للمدعمات الصناعية أو المركبة. علاج ورعاية مرضى الفشل الكلوي مكلفة جداً، ولكن بوجود أخصائي تغذية علاجية متخصص في الفشل الكلوي يمكن أن يخفض تكاليف العلاج السنوي الى أكثر من 229 ألف جنيه استرليني لكل 100 حالة. علاج السمنة ومضاعفاتها تكلف الخزينة البريطانية 5 مليارات جنيه سنوياً أي 35 مليار ريال، وتعد تكلفة هذا المرض ومضاعفاته من أعلى تكاليف علاج الأمراض في المملكة أيضاً، وقد أثبتت الدراسات في بريطانيا التأثير الواضح لخفض تكلفة العلاج عندما يحول مريض السمنة لعيادة التغذية العلاجية ويكون أخصائي التغذية العلاجية ضمن الفريق الطبي المعالج حيث يستطيع خفض الوزن بطرق صحية وبسيطة مثل زيادة تناول الخضروات والفواكه التي وجد أن 70% من المرضى لا يتناولونها. في كندا يعتقد 82% من الناس أن أخصائيي التغذية العلاجية مصدر المعلومات الموثوقة عن التغذية الصحية. وأن تطبيق برامج التغذية العلاجية وفر 34% من تكاليف علاج السكري وخفض تكاليف المراجعة بحوالي 100 دولار للجلسة الواحدة أي حوالي 3 آلاف دولار في السنة للشخص الواحد، ووفر 25% من تكلفة علاج السمنة، وقلل الجلطات الدماغية بنسبة 11%، وأمراض القلب والشرايين بنسبة 12% و 25% من القرحات المعوية، وخفض مكوث المريض في المستشفى بمعدل يومين ويمكن أن تصل الى خمسة أيام ونصف في حالة مرضى الجلطات مما يوفر 1600 دولار لكل حالة، وتعجيل تعافي وخروج المنومين بسبب كسر الحوض، ومشاكل الركب بسبب السمنة بمعدل 647 دولارا للشخص، وتقليل عودة المريض المنوم سابقا للتنويم مرة أخرى بنسبة 28% وتقليل نسبة الوفيات مع رفع جودة الحياة لهؤلاء المرضى والمراجعين. خمس دراسات عالمية أكدت ان التغذية العلاجية مهمة جداً في علاج مرضى السرطان لكونها تحسن تناول المريض للأكل حيث لا يتقبل المريض الأكل عند استخدامه العلاج الكيماوي، وأيضاً تحسن جودة الحياة والشعور بالتعافي وتقلل مشاكل التغيرات المفاجئة في مكونات الدم من العناصر الغذائية وتحافظ على الوزن ، بالإضافة الى تقليل مدة مكوث المريض في المستشفى لسرعة التشافي وتقبل العلاج والغذاء المناسب. في أميركا أثبتت الدراسات التي أجريت في جامعة يوتاه أن برامج التوعية بالتغذية العلاجية قلصت تكاليف علاج السكري بنحو 94 ألف دولار وحسنت معدل ارتفاع السكر في الدم وحسنت مؤشر المقاييس الجسمية لدى المرضى، بمعنى خفضت السمنة والشحوم في منطقة البطن والخصر.
مشاركة :