دفعت المجاعة الآخذة بالتفشي في قطاع غزة، السكان العالقين في منازلهم، والنازحين، لطحن أعلاف الحيوانات والماشية، في محاولة لتوفير الخبز، في ظل انعدام الغذاء، واستحالة الحصول على الدقيق، بينما يتدفق المئات في الشوارع والطرقات، بانتظار المساعدات. «أنقذونا.. سنموت من الجوع» عبارة يرددها الغزيون كل يوم في شمال قطاع غزة، مع استمرار تدفق النازحين، في ظل مخاوف من مجاعة حادة، إذ حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» فإن أكثر من نصف مليون فلسطيني فقط في شمال القطاع، يواجهون خطر الموت جوعاً، بينما يشير البرنامج الغذائي العالمي إلى أن ما يزيد عن 70 % منهم يشربون مياهاً ملوثة. ولا يختلف الحال في رفح، جنوباً، إذ دفعت الحاجة للطعام وقلة الغذاء، النازحين، الذين وصلوا من خان يونس جوعى، للبحث عن الطعام، دون أن يجدوه، حتى من «خشاش الأرض»، والمقصود هنا، بعض النباتات الموسمية، التي يكثر الطلب عليها في فصل الشتاء. «خرجنا طلباً للأمان المفقود في خان يونس، وأصبحنا نبحث عن تكايا الطعام في رفح، وهي موجودة، وتوفر ما تستطيع، لكن بسبب الأعداد المهولة للنازحين لم نجد ما يسد رمق أطفالنا» قال النازح موسى الحلاق (49) عاماً، مبيناً أن المعونة الغذائية التي حصل عليها، نفدت، وأصبح عاجزاً عن توفير أي شيء يؤكل. وأصبح مشهد الرجال والنساء والفتية والأطفال، وهم يجولون شوارع رفح، أو يصطفون أمام التكايا، وفي أيديهم أوان فارغة، أمراً مألوفاً، قبل الحصول على ما تيسر من الفاصولياء أو العدس، أو خبز الصاج، لكن ولأن الحاجة تفوق المتوفر بأضعاف مضاعفة، تبقى الأزمة قائمة، ويبقى شبح المجاعة يحوم فوق رؤوسهم. «الناس جاعت».. قال النازح فارس الشوا، مبيناً أنه يقطع بشكل شبه يومي، مسافة طويلة مشياً، للوصول إلى جنوب غزة، بهدف الاستفادة من المساعدات، مبيناً: «أحياناً أضطر للمبيت في العراء، كي أعود إلى عائلتي في رفح، ببعض المعلبات، أو شيء من الطحين، وسرعان ما تنفد». ويعيش النازحون في رفح، في ظل غياب تام لأبسط مقومات الحياة، فيبيتون في خيام بدائية، لا تقيهم برد الشتاء، ويفتقرون للطعام والشراب، وحسب شهادات مفزعة، فقد بدا الهزال على أجسامهم، بينما بدت الوجوه شاحبة، وبعضهم أصابه الجفاف نتيجة لانعدام مياه الشرب، ناهيك عن الأمراض التي أخذت تتفشى مع انعدام النظافة في مراكز النزوح، وتكدس أطنان من القمامة حولها. تقول رواء أبو القمصان (فتاة عشرينية): «الحصول على مياه الشرب، أصبح معجزة، ولا يقل عن معاناة الحصول على الطعام، وأضطر لطرق أبوب المنازل في رفح، أو الانتظار على قارعة الطريق ساعات طويلة، للعودة بعبوة صغيرة، لأن المعاناة طالت الجميع.. المشاهد مرعبة والوضع أصبح كارثياً، والمساعدات تصل بالقطارة» أضافت بحسرة كبيرة، منوهة إلى أن هناك أطفالاً ومرضى يموتون بسبب الجوع والعطش، والآلاف يخاطرون بحياتهم لتوفير الطعام والماء، والأمور ذاهبة نحو الهاوية. وحسب أبو القمصان، فقد تنقلت مع عائلتها، من مركز إيواء إلى آخر، لكن المشاهد المفزعة للنازحين وهم يتضورون جوعاً هي ذاتها، فقد تفشى الجوع، وأصبح الموت يتربص بالجميع. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :