«بحوث فلسفية» خلاصة فكر فيلسوف القرن فتجنشتين

  • 1/27/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن فيلسوفاً عادياً، ولا اسماً عابراً في حقل الفكر والفلسفة، فقد كتبت عنه موسوعة ستانفورد للفلسفة وأشارت إلى إن البعض يعتبره الفيلسوف الأكبر للقرن العشرين. وتتردد جملة: «أصبحت الفلسفة بعد فتجنشتين غيرها قبله»، وهي عبارة لا يقال مثلها إلا على رواد أصلاء حولوا مسار التفكير في القديم أو الحديث.  إنه الفيلسوف لودفيج فتجنشتين» كما عُرف عنه بأنه هو الرجل الغريب الأطوار الذي جمع في إهابه النحيل، وأسلوبه الجميل، ومنهجه في التحليل بين المنطقي الدقيق، والكاتب الرقيق، والمتصوف العميق. إن الأفكار المنشورة في هذا الكتاب - كما جاء في غلافه- للفيلسوف الفذ فتجنشتين هي حصيلة بحوث فلسفية شغلته على مدى ستة عشر سنة وهي تتعلق بموضوعات عديدة: منها مفاهيم المعنى والفهم، والقضية، والمنطق وأسس الرياضة وحالات الوعي وغيرها من الموضوعات، وكما يعرفه قراؤه، يضع فتجنشتين أفكاره في قالب الموجزة التي يكثفها في فقرات دقيقة محكمة يمكن أن تطول أو تقصر حسب ما تقتضيه الفكرة. ولد لودفيج يوزيف يوهان فتجنشتين في فيينا بالنمسا في عام 1889 لأسرة نمساوية ثرية جذبته الفلسفة منذ الصغر فاتجه لدراستها في كمبريدج ببريطانيا على يد فلاسفة كبار  برتراند راسل. تخصص فتجنشتين في فلسفة الرياضيات والمنطق واللغة وقدم حلولا وفهما لمشكلات فلسفية عميقة. عبرت «الرسالة المنطقية الفلسفية» عن المرحلة المبكرة في فلسفة، بينما عبرت البحوث الفلسفية» مرحلتها المتأخرة. توفى عام 1951 بكمبريدج ببريطانيا التي حصل كذلك على جنسيتها.  وفي مقدمة بقلم المؤلف أشار إلى إن الأفكار التي نشرها على صفحات كتابه هي حصيلة بحوث فلسفية شغلته على مدى السنوات الستة عشر الأخيرة، وهي تتعـرض لموضوعات عديدة. ولقد دون جـميع هذه الأفكار بوصفها ملاحظات، وفقرات موجزة، تدور أحيانًا حول ضوع واحد في شكل متسلسل طويل، وتقفز أحيانا أخرى بطريقة مفاجئة إلى موضوع إلى آخر. وقد كشف الفيلسوف فتجنشتين أنه كان في نيته من البداية أن يجمع كل هذه الأفكار في كتاب واحد، أخذ يتصوره في أوقات مختلفة على صور مختلفة. بيد أن الشيء المهم الذي وضعه - كما يقول- نُصْبَ عيني هو أن تتطور الأفكار من موضوع إلى آخر تطورًا طبيعيا بغير ثغرات أو فجوات. ولقد وجد، بعد محاولات فاشلة لإدماج النتائج التي توصل إليها في ذلك المجموع الكلي، أنه لن ينجح في هذه المحاولات أبدا، وأن أفضل ما يمكنه كتابته لن يزيد على بعض الملاحظات الفلسفية،  وأن أفكاره كانت تصل إلى طريق مسدود كلما حاول أن يقسرها على السير في اتجاه واحد بعينه يخالف ميلها الطبيعي. ولا شك أن هذا  أمر مرتبط بطبيعة البحث نفسه، فهي التي تجبرنا على أن نقطع ميدانا فكريا شاسعاً في كل الاتجاهات، ومن ثم بدت الملاحظات الفلسفية في هذا الكتاب أشبه ما تكون بمجموعة من الرسوم التخطيطية (أو الاسكتشات) للمناظر الطبيعية، التي نشأت خلال هذه  الرحلات الطويلة المرهقة.

مشاركة :