تعالت الأصوات في الشارع الرياضي التونسي المنادية بضرورة الانكباب على فتح ملف كرة القدم بعد “نكسة” الخروج المفاجئ والمبكر من نهائيات كأس أفريقيا للأمم 2023+1 التي تحتضنها كوت ديفوار، مع ضرورة تحميل المسؤوليات ومحاسبة المقصّرين في مهامهم الفنية والتسييرية. تونس - أثار الخروج “المحتشم” للمنتخب التونسي من الدور الأول في مسابقة كأس الأمم الأفريقية المقامة حاليا بكوت ديفوار، استياء في الأوساط الرياضية والشعبية المحلية، وسط مطالب ملحّة بضرورة تغيير المشرفين على الاتحاد التونسي لكرة القدم، فضلا على مراجعة عدة جوانب تتعلق بالمنتخب المحلي. وفي الوقت الذي كانت فيه تطلعات الجماهير الرياضية عالية، ومنّت فيه النفس بذهاب نسور قرطاج بعيدا في الكان الأفريقي، مني المنتخب الذي يقوده المدرب جلال القادري بهزيمة في المباراة الافتتاحية أمام منتخب ناميبيا. وعلى الرغم من ترؤس تونس لمجموعة ضمتّ ناميبيا ومالي وجنوب أفريقيا، واعتقد فيها غالبية المتابعين بترشح المنتخب التونسي في المركز الأول، فوجئ الشارع الرياضي بتذيله للمجموعة بنقطتين يتيمتين، بتفاصيل هزيمة أمام ناميبيا وتعادلين أمام كل من النسور المالية ومنتخب “البافانا بافانا”. ووجّه لاعب المنتخب التونسي لكرة القدم منتصر الطالبي، الجمعة، رسالة اعتذار إلى الجماهير التونسية، على خلفية مغادرة المنتخب لمنافسات كأس أمم أفريقيا 2023 منذ الدور الأول وما خلفته من خيبة أمل كبرى لدى التونسيين. وقال الطالبي، الذي يلعب لصالح نادي لوريون الفرنسي، على حسابه بإنستغرام "أكتب إليكم بقلب مثقل للغاية، إذ ليس من السهل أبدا التعبير بعد خيبة الأمل هذه، فهذا الانسحاب المبكر للمنتخب التونسي مؤلم للغاية". مختار ذويب: يجب تغيير كلي للجامعة التي سيّست كرة القدم مختار ذويب: يجب تغيير كلي للجامعة التي سيّست كرة القدم وعبّر اللاعب التونسي عن خالص اعتذاراته "لعدم تحقيق الأهداف المأمولة خلال هذه البطولة القارية"، مستدركًا القول "اعلموا أن نيتنا كانت تقديم أفضل منافسة والذهاب إلى أبعد مدى ممكن". واستطرد اللاعب الدولي "لسوء الحظ، فإن جهودنا لم تكن كافية ولم نكن في المستوى المطلوب، ولا داعي لتقديم الأعذار"، معقّبًا "إن خيبة أملكم وإحباطكم وحتى غضبكم أمر مفهوم. لكن على الرغم من كل شيء، يجب أن نكون متحدين اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، فدعمكم ضروري”. وتابع "نحن نشكّل فريقًا متّحدًا، وعازمون على التعلم من أخطائنا، والتطور معًا من أجل أن نكون أقوى. وعلينا أن ننظر إلى المستقبل بكل عزم وأمل”، مردفًا “فريقنا يتمتع بإمكانيات هائلة ونحن على قناعة بأنّ بإمكاننا تحقيق نتائج كبيرة”. وخلّف الخروج المبكر من “الكان”، خيبة أمل كبرى لدى التونسيين، على منصات التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات لاذعة للمدرب عن سوء حوكمة الفريق وتوزيع لاعبيه في الميدان. وإثر الخروج من الدور الأول، أعلن جلال القادري انسحابه من تدريب المنتخب التونسي. وأوضح القادري في تصريح تلفزي أنّ "العقد الذي يربطه بالجامعة التونسية لكرة القدم ينص على بلوغ الدور نصف النهائي لكأس الأمم الأفريقية وهو ما لم يتحقق"، معتبرا أن "المباراة أمام جنوب أفريقيا هي الأخيرة له على رأس المنتخب التونسي". وقال اللاعب الدولي السابق، خالد بدرة "ظهرنا بوجه محتشم في الكان، ولم نر الروح وحبّ الانتصار لدى اللاعبين، وتراكمات الأخطاء الفنية والإدارية التي برهنت على تأخر مستوى كرتنا". وأضاف لـ"العرب"، "تراجع مستوى منتخبنا منذ فترة، كما تراجعت مستويات النوادي التونسية قاريا (الترجي الرياضي التونسي، النجم الرياضي الساحلي، النادي الأفريقي، النادي الرياضي الصفاقسي، وغيرهم)"، لافتا "هناك أشخاص أكفاء ولاعبون قدامى يمكن أن يقدموا الإضافة للمنتخب لكن تم تغييبهم، وأصبحنا نرى مسيرين ليست لهم أي علاقة بالميدان". وأشار بدرة إلى "ضرورة بناء ملاعب جديدة، مع إلغاء الأكاديميات الرياضية التي تميّز أحيانا في اختيارات الشبان، مع ضرورة إشراك أهل التخصص"، متابعا "الكرة التونسية مرت بنكسات قبل الكان الأخيرة، وفي كل مرة تتعالى الأصوات المنادية بالإصلاح لكن لم نر شيئا". وأردف اللاعب الذي توّج مع نسور قرطاج باللقب القاري سنة 2004، “هناك انتخابات قريبة في شهر مارس القادم في علاقة بالمكتب الجامعي، ولا بد من اختيار قيادة جديدة ترتقي بمستوى الكرة وقادرة على الإصلاح، مع إشراك مدربين ولاعبين قدامى تألقوا في التظاهرات السابقة على غرار لاعبي منتخب 1996 و2002 والفترة الممتازة بين 2004 و2006 بقيادة الفنّي الفرنسي روجي لومار". خالد بدرة: أصبحنا نرى مسيرين ليست لهم أي علاقة بالميدان خالد بدرة: أصبحنا نرى مسيرين ليست لهم أي علاقة بالميدان وانتقد خالد بدرة "عدم مشاركة حنبعل المجبري محترف إشبيلية الإسباني (الذي انتقل إليه من مانشستر يونايتد الإنجليزي على سبيل الإعارة) واستبعاد سعد بقير محترف نادي أبها السعودي رغم تطور مردودهما"، مشددا على أنه "باستثناء الظهير الأيسر علي العابدي فإن بقية اللاعبين لم يقدموا شيئا يذكر". واستطرد بدرة قائلا "علينا التفكير في تعيين مدرب أجنبي لأن نجاحات الكرة التونسية اقترنت بأسماء من خارج المدرسة المحلية وأبرزها الفرنسي روجي لومار والبولندي هنري كاسبرجاك". وترى أوساط رياضية أن ذلك لا يكفي، بل يجب تغيير كامل المنظومة الكروية في البلاد وإجراء انتخابات جديدة على رأس الاتحاد تفضي لاختيار مسؤولين أكفاء لإصلاح ما يمكن إصلاحه. وأكد اللاعب الدولي السابق مختار ذويب أن "المنتخب لم يظهر بوجه مشرف، وتوقعنا ذلك، لأن مستوى الكرة في أفريقيا يتطور بينما تراجع في تونس، والمدرب لم يكن في حجم المنتخب، وتبيّن أن المنظومة كاملة عليها أن ترحل ونبدأ صفحة جديدة”. وصرّح لـ"العرب"، "أسباب الانسحاب فنية وتسييرية من ناحية سوء توظيف اللاعبين وآخرين كانوا قادرين على تقديم الإضافة ولم يتم استدعاؤهم، وأيضا الاختيارات لم تكن موفقة". ودعا مختار ذويب إلى "ضرورة تغيير كلي للجامعة التي سيّست كرة القدم، وآن الأوان لمنح الفرصة لأصحاب الكفاءة بالعمل على قواعد صحيحة، مع تعيين مدرب من أعلى مستوى". من جهته، أفاد أستاذ القانون الرياضي أنيس بن ميم، أنه "يجب وضع مقاربة شاملة، من مراكز تكوين الشبان وصناعة مواهب كروية جديدة وتوفير الإحاطة اللازمة للاعبين الشبان"، لافتا أنه "من 2011 إلى حد الآن، لم تكن الرياضة في سلّم اهتمامات السلطة، وهي من أصغر الميزانيات، شأنها شأن وزارة الثقافة". وأكد لـ"العرب" أنه "لا نملك ملاعب جديدة وقاعات رياضية، كما يجب أن نرسي قوانين جديدة وتغيير الخارطة الرياضية مع رصد الإمكانيات المالية اللازمة، مع وضع خطة سياسة كاملة واضحة الأهداف". وبلغت حصيلة المباريات التي تولى فيها جلال القادري الإشراف على المنتخب التونسي بين رسمية وودية 27 مقابلة حقق خلالها 14 انتصارا و6 تعادلات مقابل 7 هزائم.
مشاركة :