انتقد خبراء سياسيون وأساتذة العلوم السياسية، قرار محكمة العدل الدولية في دعوى الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وعدم إصدار قرار بوقف إطلاق النار في القطاع، مؤكدين أن القرار جاء مُخيبًا للآمال ولم يحقق العدالة، ولم يكن على مستوى طموحات الدول والشعب الفلسطيني، مشيرين إلى أن هذه القرارات ليست مُلزمة لإسرائيل التي ضربت بكافة المواثيق والأعراف والقوانين الدولية عرض الحائط. اللواء محمد الغباشي وقال اللواء محمد الغباشي، أمين مركز آفاق للدراسات الاستراتيجية، إن قرار محكمة العدل الدولية يُمثل خيبة قوية للمنظمات والمؤسسات الدولية في اتباع الحق والعدل، مشيرًا إلى أنهم لم يتمكنوا من إصدار إدانة واضحة لإسرائيل بخصوص الإبادة الجماعية. وأوضح "الغباشي" في تصريح خاص لـ "الفجر" ، قائلًا: “في كل قرار من القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الدولية كان هناك عضو أو اثنين لم يوافقوا عليه، وبالتالي يمثل ذلك انتكاسة وإزدواجية للمعايير، لافتًا إلى أن القوانين والأعراف الدولية ليس فيها جدال ونقاش، وإنما هي أمور مُسلم بها، وخاصةً عند توافر أدلة موثقة”. الإبادة الجماعية للفلسطينيين وأشار إلى اعترافات الجانب الإسرائيلي نفسه بالصوت والصورة والتصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الدفاع، والوزراء المسئولون التي قالوا فيها أنه يجب ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية، وتصريحاتهم بأنهم سيمحوا الفلسطينيين من الوجود، وأن هؤلاء الأشخاص الموجودين في قطاع غزة حيوانات، فإذا كان المسئول الإسرائيلي يُسمى أبناء قطاع غزة بأنهم حيوانات، أفلا ليس هذا اعتراف صريح وواضح بالإبادة الجماعية؟ ولفت "الغباشي" إلى أن القوى الدولية الكبرى المؤيدة لإسرائيل سواء أمريكا أو ألمانيا أو بعض الدول الأخرى تُجبر وتسير الرعب في قلوب عدد من أعضاء المحكمة، الذين خافوا على مستقبلهم المهني ومستقبلهم في المنظمة وفي دولهم، وبالتالي كانت قراراتهم غير منصفة وغير معادلة، رغم مطالبتهم بإدخال المساعدات وعدم إيذاء المدنيين، فهذا كلام دبلوماسي لا يخرج من محكمة العدل الدولية التي هي أعلى مستوى قانوني على وجه الأرض. ازدواجية المعايير وأكد على أنه يجب أن تكون قراراتهم واضحه وملزمة ومؤثرة ويطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار، وإدانة إسرائيل بشكل واضح بتهمة الإبادة الجماعية، مستطردًا: في الحقيقية ما حدث من محكمة العدل الدولية فضيحة بكل المقاييس للعدل والحق والإنصاف، وانتصار للظلم والمعايير المزدوجة. وأشار اللواء محمد الغباشي، إلى القرارات الصادرة من محكمة العدل الدولية ليس مُلزمة لإسرائيل لأنهم في بداية الدعوة قاموا بسب دولة جنوب إفريقيا واتهموها بأنها تمثل الذراع القانوني لحركة حماس، وتشارك في أعمال الإرهاب، كما أعلنوا بأن ما تقوم به المنظمة لايهم دولة إسرائيل وهي غير ملزمة بتنفيذ هذه القرارات أو التوصيات، لافتًا إلى أنهم من البداية ومن قبل إصدار القرارات وهم يضربوا عرض الحائط بهذه القرارات، ويعتبروها مضيعة للوقت ولم يهتموا به. وتابع قائلًا: السيناريو المتوقع عقب قرار محكمة العدل الدولية سيتوقف على ما يحدث على أرض الواقع، ومدى ما تحاول إسرائيل تحقيقه على الأرض، حتى لو كان ذلك بتحقيق انتصار وهمي يحافظ على ماء الوجه لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، والجيش الإسرائيلي حتى يتمكنوا من تنفيذ بعض عمليات تبادل الأسرى حتى يكون لهم قليل من تحسين الوجه أمام الشعب في الداخل الإسرائيلي. وأوضح أنه على الرغم من أن هناك معارضة كثيرة لوقف إطلاق النار، ولكن ما يحدث على الأرض من بطولات لعناصر المقاومة والخسائر الكبيرة التي ألحقتها بالجيش الإسرائيلي، يوضح أنه إذا حدث توقف تحت أي شروط وتحت أي مسميات فسيكون نتيجة الخسائر الكبيرة التي لحقت بالجانب الإسرائيلي ومحاولة منهم لـ "لملمة جراحهم" وتحسين موقف قوتهم. واختتم اللواء محمد الغباشي، قائلًا: إسرائيل قادرة على الضرب بالصواريخ والقصف بالطائرات والمدفعيات وتدمير البنية التحتية والمساكن وقتل المدنيين عن بعد، ولكنهم تحدث فيهم خسائر كبيرة عند الاجتياح البري والمقابلة وجها لوجه والقتال على الأرض، رغم التفوق الرهيب لأسلحتهم ومدرعاتهم، ولكن عناصر المقاومة تبدي بطولة كبيرة في التصدي للقوات الإسرائيلية الموجودة على الأرض. الدكتورة نادية حلمي لم يكن القرار على مستوى طموحات الدول والفلسطينيين فيما قالت الدكتورة نادية حلمي، أستاذ العلوم السياسية، إن قرار محكمة العدل الدولية فى لاهاى بهولندا لم يكن على مستوى طموحات الدول والفلسطينيين، خاصةً وأن جنوب إفريقيا كانت قد طلبت أن يتم إيقاف العمليات العسكرية فى قطاع غزة، ولكن لم تصدر المحكمة قرار يتعلق بوقف العمليات العسكرية في غزة، وهو المطلب الأساسى لجنوب إفريقيا ضمن الإجراءات الطارئة التى طالبت بها، إلا أن قرار المحكمة لم يشمل ذلك. وأضافت "حلمي" في تصريح خاص لـ "الفجر" ، قائلة: لكن طلبت محكمة العدل الدولية فى قرارها الأولي بشأن الدعوى التى رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل وتتهمها فيها بإرتكاب إبادة جماعية فى قطاع غزة، أن تقوم إسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع أى أعمال يمكن إعتبارها إبادة جماعية، كما طالبت المحكمة إسرائيل بمنع ومعاقبة أى تعليقات عامة قد تعتبر تحريضًا على الإبادة، بالإضافة إلى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، مشيرة إلى أن جاء الترحيب بقرار محكمة العدل الدولية بشأن فرض إجراءات طارئة على إسرائيل في حربها على قطاع غزة، ولكن مازالت هناك مطالبات لأن تطالب محكمة العدل الدولية بالوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة مثلما قضت المحكمة في حالات مماثلة ذلك. ضرورة وقف إطلاق النار وتابعت: بات على المجتمع الدولى بأسره اتخاذ المزيد من التدابير لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وتوفير الحماية للشعب الفلسطينى، ومحاسبة قوات الإحتلال الإسرائيلى على كافة إنتهاكاتها الممنهجة للقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى. وفيما يتعلق بمدى إلتزام إسرائيل بقرار محكمة العدل الدولية، أوضحت قائلة: لا يمكن تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية دون وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، مؤكدة أن قرار المحكمة مُخيبًا للآمال فى عدم إصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة، لذا يجب على المجتمع الدولى الضغط على إسرائيل للإلتزام بالقانون الدولى، حيث بات ينبغي تطبيق وقف إطلاق النار فى غزة، كما يجب مطالبة إسرائيل بالعمل فورًا على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومنع التحريض المباشر على إبادة الفلسطينيين في القطاع بل ومعاقبة المحرضين. وأردفت: لم يكن أحد يتوقع أن تتجرأ محكمة العدل الدولية على إصدار قرار ينص على وقف الأعمال التي تقتل المدنيين، التى تشمل الأعمال العدائية والعسكرية، حيث كان متوقعًا فقط إصدار قرار من المحكمة فقط حول ما يسمى حماية حقوق المدنيين، وهو ما يعنى أن المحكمة ذهبت لأقصى المطالب، فى محاولة قصوى للضغط على إسرائيل، وهو ما بات فى صالح الفلسطينيين. أما بخصوص السيناريوهات المتوقعة فى الفترة المقبلة، أوضحت أستاذ العلوم السياسية، قائلة: يتوقع بالطبع مواصلة العديد من الدول العمل داخل المؤسسات الدولية لحماية حقوق الفلسطينيين وأهالى قطاع غزة، بما فى ذلك الحق الأساسى للفلسطينيين فى قطاع غزة فى الحياة، والذين لا يزالون معرضين لخطر عاجل، وذلك بسبب الهجوم العسكرى الإسرائيلى المستمر وإنتشار حدة المجاعة والمرض، بالإضافة إلى الحصول على تطبيق عادل ومتكافئ للقانون الدولى على الجميع لصالح الإنسانية، وهنا يتطلع الجميع إلى منع إسرائيل من العمل على إفشال تطبيق هذا الأمر، كما هددت بذلك علنًا، وهو ما يجب أن يشكل ضغطًا عليها من أجل الإمتثال لكافة القرارات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية إمتثالًا تامًا، وإلزامها بذلك.
مشاركة :