في محاولة للبحث في ثنايا رواية مجنون ليلى اليهودية للكاتب السعودي حمد حميد الرشيدي، يطالعنا البحث التاريخي في إطاره الجمالي، بحيث يعرض الكاتب قصة التاريخ العربي ويصوب فيه بعض النقاط اللافتة فيه، فيدعونا معه الى إعادة قراءة التاريخ معتمدا منهجية خاصة به تتسرب من خلالها الحقائق المعبرة، مع الحفاظ على عناصر الرواية. يروي الكاتب التاريخ من خلال تفاعل الشخصيات مع الأمكنة والحضارات التي مرت، فيلقي الضوء على المجتمع بما فيه من تأثير وتأثر. ويشارك المتلقي في تجربته، وتتميز روايته بالشمول في الحديث عن الحياة التي تتناول الإنسان بكل أبعاده النفسية والاجتماعية، فتأتي الوقائع وكأنها عرضا سينمائيا للأحداث بطريقة عصرية. تتألف هذه الرواية، الصادرة عن دار الانتشار العربي، من خمسمائة وصفحتين، وتتسارع الأحداث فيها بتشويق يجعلك في سباق مع الزمن، إذ تبدأ مع هجرة الشاب الغني، الذي اعتاد على رفاهية العيش في السعودية، للدراسة في مصر وهناك يتعرف إلى حضارة أخرى فيبدأ حوار الثقافات بينه وبين أصدقائه، يختزل الراوي الأحداث ليخرج بموضوعه النابض بالحياة. تعود تسمية هذه الرواية بمجنون ليلى اليهودية، إلى لقاء الشاب بالفتاة الملقبة بليلى اليهودية وهي التي ستمثل الدور في مشاهد الرواية واسمها الأصلي ليلى شالوم. وسيظهر الشاب الذي جاء ليكمل دراسته في جامعة مصرية فتعرف على الفتاة وهو الذي لم يلتق يوما بيهودية. يستغل الراوي الأحداث والأمكنة والشخصيات، لينطلق منها، ويبرز ثقافتة ويطلعنا من خلالها على التاريخ العربي القديم وكيف استغل على يد الاتراك، إلى ما هنالك من حضارات. الرواية غنية أيضا، بالأبيات الشعرية القديمة والأقوال التي تلون العمل الروائي، ما يدل على ميل الراوي وتعمقه بالأدب وانفتاحه على سائر الثقافات. تميزت هذه الرواية بلغتها السهلة وتراكيبها البسيطة، ويظهر العمل العقلاني في العرض الممنهج، بحيث لا يدخل فيها عنصر التخييل والعاطفة الجياشة، التي قد توقف الهدف الأساس وهو عرض التاريخ العربي على مدى فترات طويلة. تبتعد الرواية بلغتها عن الجفاف الذي يقتل روح القارئ ويشعره بالملل، واللافت أيضا أنها موجهة الى كل الفئات لذلك لغتها سهلة وسريعة الفهم.
مشاركة :