يعدّ اللجوء السوري في لبنان أخطر وأكبر تحدٍّ تواجهه الدولة اللبنانية في تاريخها منذ اندلاع الأزمة في سوريا، فهذا النزوح لا يقف عند حدود تنظيم دخول النازحين واستضافتهم وإيوائهم وتلبية احتياجاتهم فحسب، الا ان للازمة تداعيات تنعكس على جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية ولعل اهمها الديموغرافية. ولعل هذا التقرير يكشف حجم الخسائر التي لحقت بلبنان من جرّاء هذا النزوح وتبين ان لبنان يعيش احتقاناً كبيراً واستنزافاً في موارده وخدماته حتى باتت أزمته أزمتين، على الرغم من المساعدات العربية والدولية التي تلقاها ويتلقاها لتحمله الاعباء الكبرى في استضافة الاعداد الكبيرة للنازحين، إلا أن كل ذلك لم يخفف من سلبيات هذا النزوح، فهل سيشهد لبنان تحولات جديدة في ديموغرافيته بشكل أساسي وهل سيصمد الاقتصاد في وجه الازمة السياسية التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات؟ تمركزهم وانعكاس وجودهم يستقبل لبنان 1.2 مليون لاجئ سوري، حيث شهدنا في السنوات الثلاث الأخيرة ازدياداً سكانياً بنسبة 25%، حيث يقابل كل 1000 لبناني 232 لاجئاً من الجنسية السوريّة، وهذه الأرقام تدل إلى أن لدينا أعلى نسبة من اللاجئين في السكان. أما اللاجئون السوريون المسجلون لدى مفوضية العليا للاجئين فيبلغ عددهم 1،067،785 حتى 30 مارس 2016، يتوزعون على عدد من المناطق اللبنانية، فيبلغ عدد النازحين في بيروت 311،956، فيما يتمركز في البقاع 370،850 نازحاً، أما في طرابلس فهناك 260،337 نازحاً سورياً، أما في الجنوب اللبناني فيبلغ عدد النازحين 124،642. ولهذه الأرقام انعكاسات مختلفة على جميع النواحي، حيث يواجه لبنان خسائر اقتصادية سنوية بسبب الأزمة السورية بمعدّل 11.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، كما تؤثّر أزمة اللاجئين على كل القطاعات الاقتصاديّة اللبنانيّة والبنى التحتية خصوصاً والتعليم، والبيئة، والصحة، والكهرباء. على سبيل المثال، بسبب أزمة اللاجئين السوريين نشهد زيادة قدرها 20٪ في تلوث الهواء، و14٪ زيادة في مياه الصرف الصحي و30٪ زيادة في النفايات الصلبة. كما ارتفع عدد السجناء بنسبة 26٪، وفيما يلي انعكاسات النزوح بشكل مفصل بحسب مفوضية شؤون اللاجئين ودراسات أخرى: الانعكاس الاقتصادي زادت البطالة بين الشباب الى حدود 25 بالمائة مع ازدياد عدد العاطلين عن العمل بـ346000 شخص معظمهم من الفئات الشبابية غير المتعلمة. قدّرت الخسائر الاقتصادية بما يقارب 14 مليار دولار من بدء الحرب في سوريا حتى العام 2015. من المتوقع أن تتزايد أعداد الفقراء في لبنان من جرّاء هذه الأزمة بـ170000 شخص إضافي (ممَّن يعيشون اليوم بأقلّ من 4 دولارات في اليوم). في الديموغرافيا لا تعدّ عملية تهجير السكان الجارية على أساس الهوية إعادة تشكيل للمجتمع السوري وحسب، بل تؤثّر أيضاً على البلد المضيف أي لبنان، فهذه الإجراءات تؤدي إلى تفكّك التنوّع العرقي والطائفي الذي اتّسم به المجتمع اللبناني، كما ان هذا التهجير القسري يدفع إلى عسكرة المجتمعات، حيث تسعى بعض الجماعات العرقية والطائفية إلى التسلّح بهدف حماية نفسها. ينتشر 60 في المائة من النازحين في شمال لبنان وبقاعه، وهذه المناطق تعد فقيرة وتقليدية. وبلغ عدد النازحين والوافدين المختلفين مما يزيد على 1/3 سكّان لبنان. القطاع الصحي تسبّبت الأزمة السورية بزيادة عدد السكان بـما يقارب 27% من دون أيّ زيادة مماثلة في الطاقة الاستيعابية، حتى اصبح هناك ضغط في استقبال المرضى في المستشفيات اللبنانية التي يبلغ معدّل الأسِرّة فيها 3.5 لكلّ 1000 شخص. تمّ تسجيل دخول 794 جريحاً نتيجة الاحداث السورية الى مستشفيات لبنان، وقد غادر قسم كبير منهم من دون معرفة وجهتهم، من ضمنهم 39 لبنانياً، و65 قتيلاً من ضمنهم 17 لبنانياً، حتى نهاية العام 2013. الناحية الاجتماعية حصل ازدياد في حوادث السرقة وظاهرة التسوّل وعمالة الأطفال وأطفال الشوارع، حيث قدّرت أعداد الأطفال المتسوّلين في بيروت بنحو الـ3000 طفل. فيما اشارت معلومات المفوضية الى أن عدد الأطفال القاصرين والمنفصلين عن ذويهم بلغ 2300 طفل، وفق المعلومات الأخيرة. أمّا عدد الأطفال المصابين بإعاقات فبلغَ 7840 طفلاً سورياً، وبلغ عدد الاطفال المهدّدين والمعرّضين للخطر أكثر من 155 ألفاً. كما نتجَ عن حركة النزوح ظهور حالات صحّية كانت اعتُبرَت منقرضةً في لبنان، مثل الحصبة (9 حالات عام 2012، ليزيد هذا العدد إلى 1456 حالة في 2013). وازداد خطر انتشار الامراض المعدية والأوبئة بسبب ازدياد حالات الاكتظاظ السكّاني للّاجئين. فيما زاد الضغط على المستشفيات والمرافق الصحّية، بحيث يستعمل 40 في المائة من النازحين السوريين المرافق الصحّية، مع أنّهم لا يتجاوزون بعد الـ33 في المائة من عدد السكّان. وقد تسبّب هذا الضغط في ارتفاع أسعار الأدوية بـ34 في المائة في منطقة البقاع وازدياد حجم النفايات بنحو الربع وازدياد في الصرف الصحي واستخدامات المياه والبنية التحتية. وعدد السيارات السورية في لبنان يفوق 300 ألف سيارة، وهذا الامر يسبب بزحمة سير شديدة وخاصة في بيروت. انتشار المخيّمات العشوائية منذ بداية الازمة السورية، طلبت الدول المانحة إقامة مخيمات لإيواء النازحين في لبنان، أسوَة بالدول الاخرى (الاردن، تركيا). وقد قوبل هذا الطلب بالرفض سياسياً، بحيث لم يحصل توافق على إقامة هذه المخيمات، فاقتصر الأمر بتاريخ 19/12/2012، وفي بلدة المرج - البقاع الغربي، على إنشاء مخيم (41 خيمة) بمساعدة هيئة الإغاثة الاسلامية العالمية السعودية. ولهذا: ينتشر حاليّاً أكثر من 1000 مخيّم عشوائي في لبنان، السواد الأعظم منها في البقاع والشمال. وهناك 62 في المائة من النازحين يدفعون الإيجار فرديّاً من عملهم (ما يعني تأكيد الحضور الكثيف في سوق العمل، أمّا بقيّة العائلات فيتشاركون الإيجار أيضاً من مردود سوق العمل). كما يعيش ما يقارب 88% من النازحين في المناطق الموجودين فيها، وهناك نحو الـ12% ينتقلون من منطقة الى أخرى. في البعدين السياسي والأمني من أخطر الآثار تلك التي تتعلّق بالأثر الأمني، بعدما تعاظم الاكتظاظ في السجون اللبنانية بالموقوفين السوريين، وهي التي تئنّ أصلاً من هذا الاكتظاظ وتداعياته، ليضاف عليها الموقوفون السوريّون فيزيدون الطين بلّة. قزي لـاليوم: تغيير ديموغرافي يصيب الصيغة اللبنانية بدوره شدد وزير العمل سجعان قزي في تصريح لـاليوم على ان النازحين السوريين يزاحمون اليد العاملة في كل مكان، ان كانوا أصحاب عمل أو عمالا عاديين، فهم يجتاحون كل قطاعات العمل في لبنان بشكل غير شرعي، لافتاً الى ان الاجهزة الامنية لا تساعد وزارة العمل في ردع هذا العمل غير الشرعي والعمل الاسود. ووزارة العمل تواجه صعوبات بالحد من هذه المنافسة القوية ونكتفي بحسب صلاحياتنا بإنذارات وبمحاضر ضبط وبإحالة الى النيابة العامة. وقال: لقد زادت نسبة البطالة فقط في العام 2014 الى ما يقارب 346 ألف عاطل عن العمل، وهناك 25% بطالة من أصل 36% من الشباب. ورأى أن الديموغرافية اللبنانية كانت غير سليمة قبل النزوح السوري بسبب عملية إعطاء الجنسية اللبنانية في العام 1993م الى ما يقارب 250 ألف سوري وفلسطيني وغيرهم، فيما اليوم وفي ظل وجود مليون و700 الف لاجئ سوري اغلبهم ينتمون الى الطائفة السنية على حد قول وزير الداخلية نهاد المشنوق، إذاً هناك تغيير ديموغرافي يصيب الصيغة اللبنانية وهذا مؤشر خطير للغاية.وأكد قزي أن كل ما يصرفه النازحون السوريون لا يشكلون واحد بالمائة من الخسائر التي لحقت بالاقتصاد اللبناني، الذي خسر حتى الان ما يفوق 14 مليار دولار. البنية التحتية أوضح مستشار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الدكتور خليل جبارة في تصريح لـاليوم انه في بداية العام 2015 وضع الأمن العام اللبناني بناء على قرار الحكومة اللبنانية إجراءات تنظم دخول السوريين الى لبنان عبر المعابر الحدودية، حيث تم تحديد قبول دخول النازحين بأشكال استثنائية بناء على تنسيق مع وزير الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية، لافتاً إلى أنه منذ ذلك الوقت اصبحت هناك إجراءات جديدة بحق السوريين في هذا الاطار. وقال جبارة: اما الموضوع الثاني الاساسي والذي تم طرحه هو معالجة تداعيات أزمة النزوح السوري خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والبنية التحتية وتأثيراتها على البلديات؛ لأنه للمرة الاولى في التاريخ يكون هناك ازدياد بحدود 27% في عدد المقيمين في لبنان بالمقارنة مع معدل عدد النازحين على عدد السكان اللبنانيين، حيت تعد هذه النسبة هي الاعلى عالمياً، لهذا كان لذلك الامر أثر على البنية التحتية بأشكالها على عدد من القطاعات كالمياه او الصرف الصحي او النفايات أو الكهرباء مما ادى الى تداعيات اقتصادية كبيرة جداً، موضحاً ان هناك ازدياد بما يقارب 27% في معدل السجناء في لبنان، وهذه النسبة تتقارب مع عدد المقيمين. وأشار مستشار المشنوق الى انه للجم هذه التأثيرات كان لا بد من زيادة الدعم الى البلديات التي تعد النقطة الاولى للتواصل بين النازحين والدولة اللبنانية، والعمل على زيادة المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية وهذا الامر تناولته الحكومة اللبنانية في الورقة التي قدمتها الى المؤتمر المتعلق بالازمة السورية والذي عقد في لندن الشهر الماضي، حيث تم طلب دعم مالي للبلديات ومشاريع بنية تحتية. وفيما خص السجناء السوريين، أوضح أنه بسبب زيادة عدد المقيمين في لبنان فتلقائياً سيزداد عدد الجرائم التي ارتكبها السوريون او ارتكبت بحق السوريين، إلا أن السوريين أثبتوا حتى الان انهم يحافظون على القانون ولا يقومون بتعديات كبيرة تذكر، فلا توجد جرائم منظمة واغلبية الجرائم صغيرة وليست كبيرة وهذا أمر إيجابي. شبكات «داعش» أعلنت المديرية العامة للأمن العام امس عن تفكيك شبكة تابعة لتنظيم داعش تقوم بتجنيد قاصرين للقيام بأعمال ارهابية. وقالت المديرية في بيان: في إطار متابعة نشاطات المجموعات الارهابية والخلايا النائمة التابعة لها وبعملية نوعية، أوقفت المديرية العامة للأمن العام بناء لإشارة النيابة العامة 4 لبنانيين وسوري لتأليفهم شبكة فيما بينهم تابعة لتنظيم ارهابي، حسبما ذكرت الوكالة الوطنية للأعلام اللبنانية الجمعة. وأضاف البيان: نتيجة التحقيق معهم اعترفوا بانتمائهم الى تنظيم داعش الارهابي وأنهم ناشطون في مجال تجنيد الاشخاص، لا سيما القاصرون تمهيدا لتكليفهم بتنفيذ أعمال تفجير ضد الجيش اللبناني والاجهزة الامنية. وتابع: بعد انتهاء التحقيق معهم، أحيلوا الى القضاء المختص، والعمل جار لتوقيف باقي الاشخاص المتورطين. أطفال سوريون حرموا من العيش في وطنهم ولجؤوا إلى لبنان الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء السوريين في لبنان
مشاركة :