في عصر تهيمن عليه الصور الرقمية، تنشأ الفتيات في عالم غالبا ما تتشكل فيه تصورات الجمال، من خلال صور معالجة بدقة ومُعدلة رقميا. ويشكل انتشار هذه الصور في وسائل الإعلام والإعلانات تحديا فريدا للأمهات والآباء والمعلمين، الذين يسعون إلى تنمية الثقة بالنفس في العقول الشابة. ولمواجهة المعايير السطحية للجمال التي تبثها الصور التي يُتلاعب بها رقميا، يجب تحويل الاهتمام من المظاهر الخارجية إلى الصفات والشخصيات الداخلية، ومن خلال غرس الفهم في بناتنا بأن قيمتهن لا تتوقف على التوافق مع المثل التي وُضعت في العالم الرقمي. وهذا ما تؤكده المستشارة النفسية التربوية الدكتورة رولى أبو بكر. وتقول د. رولى، إن "الحديث مع بناتنا بشكل يسلط الضوء على تفرد كل واحدة منهن، ودعم صفاتهن من ذكاء وتعاطف والاهتمام بميولهن ومواهبهن، يعزز فكرة أن الجمال الحقيقي ينبع من الأصالة، بدلا من الالتزام بقالب مفروض خارجيا؛ فالتركيز على القيمة الجوهرية يمكّن بناتنا من التعامل بسهولة في عالم مشبع بالتشوهات البصرية، مع الحفاظ على إحساس ثابت بالذات". وتضيف، أن تعليمهن كيفية التحليل النقدي وفهم مدى انتشار تحرير الصور، والتمييز بين الواقع والصور التي يُتلاعب بها، يعزز الشعور بالقوة، وبالتسلح بهذا الوعي تستطيع بناتنا اتخاذ خيارات مستنيرة للتوافق مع معايير الجمال غير الواقعية. مناقشة المخاوف وتقول رولى أبو بكر يعدّ التواصل حجر الزاوية لبناء صورة ذاتية إيجابية لدى البنات. لذا يجب على الأهل خلق بيئة تشعر فيها بناتهم بالراحة عند مناقشة المخاوف المتعلقة بالمظهر دون خوف من الحكم. وترى أن تشجيع الحوار المفتوح حول معايير الجمال والتوقعات المجتمعية وتأثير تصوير وسائل الإعلام يساعد البنات على تطوير منظور نقدي، من خلال الاستماع بنشاط إلى أفكارهن ومشاعرهن، ويمكن للأهل معالجة المفاهيم الخاطئة وغرس الشعور بقيمة الذات، الذي يتجاوز المظاهر الخارجية. وتقول "لا يؤدي هذا التواصل إلى تقوية الرابطة بين الوالدين وبناتهم فحسب، بل يزودهن -أيضا- بالأدوات اللازمة للتغلب على الضغوط المجتمعية بثقة". ويتضمن توجيه البنات نحو الثقة بالنفس تقديم وجهات نظر واقعية حول الجمال وتأكيد الفردية، إذ يمكن للوالدين المشاركة بنشاط في المناقشات حول تنوع الجمال، وتسليط الضوء على أنه يتجاوز الجوانب السطحية. موضحة، بأن تشجيع البنات على احتضان صفاتهن وميزاتهن الفريدة يعزز التصور الذاتي الإيجابي. متلازمة المقارنة والإحباط من جانبها تقول الخبيرة في تقنية المعلومات والمستشارة في مجال التوعية بثقافة استخدام الإنترنت، هناء الرملي، عندما تقارن الفتيات أنفسهن بنجومهن المفضلين، عادة ما يشعرن أنهن يفتقدن لمعايير الجمال ويُصبن بقلة الثقة بالنفس، وعدم تقدير الذات. وقلة الشهية لدى بعضهن، والشعور بالاكتئاب. وتتابع المسيء أكثر عندما لا يجدن تفاعل من متابعيهن، ويجدن إقبالا كبيرا لمنشورات الفتيات الأكثر جمالا، مما يصيبهن بمشاعر الإحباط الذي قد يصل إلى حد الاكتئاب، وإضافة إلى كل هذا ضعف التحصيل الدراسي، وهذا يُدرج ضمن ظاهرة التنمر الإلكتروني، أو "البلطجة" الإلكترونية.
مشاركة :