في سياق تعزيز جاهزيتها لتحقيق المزيد من الطموحات التنموية الكبرى، تواصل دولة الإمارات، تطوير بنيتها التحتية، وفي مقدمتها ترسيخ جودة شبكة النقل البري، لتواكب حجم التوسع المستمر في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث يشهد قطاع النقل البري في الدولة نقلة نوعية، بالتوازي مع تطور القطاعات الاقتصادية، وفي القلب منها القطاع الصناعي. وتتمثل هذه النقلة في تشييد شبكة متطورة من السكك الحديدية تربط إمارات الدولة السبع، يصل امتدادها إلى نحو 900 كيلومتر، تمر خلالها بعدد من التضاريس الجغرافية المتنوعة، وتحوي نحو 600 جسر ومعبر بجميع أنواعها و9 أنفاق، لتحقيق أعلى درجات الانسيابية في حركة مرور المركبات تحت مسارات شبكة السكك الحديدية. وقد شارك قبل أيام فريق الإدارة التنفيذية لشركة «أدنوك» في أول رحلة تجريبية لنقل الركاب باستخدام شبكة السكك الحديدية، بين مدينتي أبوظبي والظنة، حيث يرمي هذا الخط عند تشغيله بشكل رسمي إلى نقل موظفي «أدنوك» والمتعاقدين معها بين هاتين الوجهتين بسهولة ويسر، ويندرج العمل بهذا الخط ضمن اتفاقية التعاون الاستراتيجي المبرمة بين شركتي «أدنوك» و«الاتحاد للقطارات» المطوِّر والمشغِّل لشبكة السكك الحديدية الوطنية في الدولة. يُمثل هذا التطور في قطاع السكك الحديدية والنقل عبر القطارات نقلة نوعية وحضارية واقتصادية في دولة الإمارات، خاصة أن هذه الشبكة تهدف إلى ربط مراكز الأنشطة الصناعية والتجارية والسكانية في الدولة فيما بينها، لتتحقق من خلال هذا الربط مجموعة من المكاسب التنموية والاستراتيجية، في شحن المواد الصناعية والبضائع والمنتجات وتنقل السكان بسهولة ويسر وبتكلفة منخفضة، باعتبار أن النقل عبر القطارات يعد أقل في تكلفته التشغيلية، وأكثر أمانًا، وأعلى جاهزية مقارنة بوسائل النقل الأخرى، ناهيك عن مجموعة من الفوائد البيئية والاقتصادية الأخرى التي يحققها الشحن والنقل بالقطارات، خاصة أنه من المتوقع أن تسهم مشاريع النقل عبر القطارات في تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 21% ضمن قطاع النقل البري بدولة الإمارات. يحمل هذا التطور في طياته عددًا من الدلالات من أبرزها إظهار مدى حرص دولة الإمارات على تحقيق أعلى معايير تطوير خدمات البنية التحتية، التي تسهل سبل الحياة وممارسة الأنشطة الاقتصادية والتنموية في الدولة، ما يصب في سبيل تعزيز كفاءة الأنشطة الصناعية والتجارية، وحركة البضائع والمنتجات. ومما لا شك فيه أن تطبيق أفضل المعايير الدولية في إنشاء وتطوير شبكة السكك الحديدية هو مؤشر على حرص الدولة على الإتقان في إنجاز مثل هذه المشاريع الاستراتيجية، ويجدر في هذا الإطار الإشارة إلى أن دولة الإمارات قد حلت قبل أيام في المرتبة الرابعة عالمياً في مؤشر جودة البنية التحتية ضمن تقرير التنافسية لعام 2023 الصادر عن منتدى «دافوس» الاقتصادي، محققة بذلك تقدماً ملموساً يعكس مكانتها بوصفها واحدة من الدول الرائدة في مجال البنية التحتية وقدرتها على التطور النوعي. فلقد استثمرت وزارة الطاقة والبنية التحتية أكثر من 13 مليار درهم خلال السنوات العشر الماضية لتطوير وتنفيذ 258 مشروعاً حيوياً، فيما تعتزم وضمن خطتها للسنوات الخمس المقبلة تنفيذ 127 مشروعًا في القطاعات الأمنية والتعليمية والخدمية والطرق، بتكلفة أكثر من 9 مليارات درهم، تلبية لاحتياجات مختلف مناطق الدولة. وتَعكس الإنجازات التي تحققها دولة الإمارات في مجال السكك الحديدية ومجالات البنية التحتية المختلفة الأخرى، حرص الدولة على توفير أفضل السبل التنموية والحضارية التي تنعكس على تطوير حياة المجتمع، وتشكل ركيزة أساسية لتعزيز مكانة الدولة الإقليمية والدولية. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
مشاركة :