توقّع تقرير الأمم المتحدة عن الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه لعام 2024 من أن فترة طويلة من النمو المنخفض تلوح في الأفق، الأمر الذي يقوّض التقدم المحرز على صعيد التنمية المستدامة، وتوقع التقرير أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي من 2.7 في المائة في عام 2023 إلى 2.4 في المائة في عام 2024، ليتجه إلى ما دون معدل النمو قبل جائحة كرونا البالغ 3 في المائة. وأرجع التقرير هذا التباطؤ إلى استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، ووقوع فترة طويلة من تشديد شروط الائتمان، وارتفاع تكاليف الاقتراض، تمثّل رياحاً معاكسة قوية تواجه الاقتصاد العالمي المثقل بالديون، في ظل الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات لإنعاش النمو، وزيادة تصعيد الصراعات، وتباطؤ التجارة الدولية، وزيادة الكوارث المناخية، يشكل تحديات كبيرة أمام النمو العالمي. وشدد غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن عام 2024 يجب أن يكون العام الذي نخرج فيه من هذا المستنقع، ويجب أن نبني على التقدم الذي تم إحرازه في 2023 نحو تحفيز أهداف التنمية المستدامة بما لا يقل عن 500 مليار دولار سنوياً في شكل تمويل طويل الأجل ميسور التكلفة للاستثمارات في التنمية المستدامة والعمل المناخي، وتوقع التقرير أن ينخفض التضخم العالمي بشكل أكبر من 5.7 في المائة في عام 2023 إلى 3.9 في المائة في عام 2024، لكن لا تزال ضغوط الأسعار مرتفعة في العديد من البلدان، وأي تصعيد للصراعات الجيوسياسية يهدد بتجدد الزيادات في التضخم، خصوصاً أنه في ربع جميع البلدان النامية من المتوقع أن يتجاوز التضخم السنوي 10 في المائة في عام 2024 . كما توقع التقرير التباطؤ في الولايات المتحدة نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، وضعف أسواق العمل، ويشير نموذج بلومبرغ إيكونوميكس إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو كان ينبغي أن يتراجع بنسبة 2.5 في المائة، الرقم المعادل لبريطانيا هو 4.7 في المائة، وهو تباطؤ في الاقتصاديين حتى الآن، وليس انكماشاً، يضيف التباطؤ في الصين مع توقع نمو 4.5 في المائة في 2024 من 6 في المائة عام 2019 إلى المخاطر التي تواجه أوروبا وهي أنباء سيئة لألمانيا التي تعتبر القوة العظمى الآسيوية واحدة من أكبر أسواق صادراتها. خصوصاً أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم ما زالت تواجه مقايضات صعبة في تحقيق الاستقرار المالي، وأن البنوك في البلدان النامية على وجه الخصوص تحتاج إلى نشر مجموعة واسعة من أدوات سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات الاحترازية الكلية للتقليل إلى أدنى حد من الآثار غير المباشرة الناجمة عن تشديد السياسة النقدية في اقتصادات الدول المتقدمة. أي أنه عام الهبوط الناعم، وقد تقود إلى نظرة متشائمة وفق شبكة بلومبيرغ بالنظر إلى تفاقم تطورات الأوضاع في عديد من الملفات من بينها التوترات في منطقة الشرق الأوسط، رغم أن تخفيضات أسعار الفائدة التي من شأنها أن تدعم النمو والأسواق في مختلف أنحاء العالم، هكذا هي النظرة المتفائلة بشأن الاقتصاد العالمي في 2024. في عالم تزيد فيه حالة عدم اليقين يوماً بعد يوم تبقى الثوابت هي المستند الرئيسي لاستشراف المستقبل القريب، وهذه الثوابت التي ترتكز عليها التوقعات المستقبلية في السعودية ويمكن اختصارها في ثلاثة عوامل: الأول الإرادة السياسية وهي المحرك الأول لتوجهات الدول، والثاني هي القدرة الاقتصادية التي تسهم في تحويل الخطط إلى واقع ملموس، والثالث فهم التغيرات والتحديات الدولية والتعامل معها بإيجابية وتحويلها إلى فرص. حققت السعودية هذه الثوابت بدءا في بناء تكتلات اقتصادية مع كبرى دول العالم، وإطلاق السعودية مشاريع عملاقة، ونجحت في استضافة عدد من المؤتمرات والفعاليات الدولية التي نتج عنها بناء تحالفات وتكتلات اقتصادية مع أكبر البلدان حول العالم التي تساهم في سياسة التنوع الاقتصادي وتتوافق مع أهداف رؤية السعودية في المرحلة المقبلة، وخصوصاً أنها مستمرة في الإصلاحات الهيكلية على الجانبين المالي والاقتصادي، ما انعكس على نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية الذي شهد ارتفاعاً متواصلاً في 2023 بنحو 5.9 في المائة، ونتيجة لتلك الإنجازات أعلن عدد من وكالات التصنيف الائتماني، وصندوق النقد والبنك الدوليان، وتوقعاته لنمو الاقتصاد السعودي 4 في المائة في 2024 مقارنة مع توقعاته السابقة عند 2.8 في المائة، كما رفعت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني إلى إيه مع نظرة مستقبلية مستقرة انعكاسا لقوتها المالية وحجم أصولها السيادية، وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السعودي إلى 3.5 في المائة خلال عام 2024 . فيما تتوقع السعودية أن تنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة بين 5-7 في المائة في 2024 خصوصا مع نمو قطاع الخدمات في عام 2023 وفي مقدمتها قطاع السياحة بنحو 135 في المائة، أي أن اقتصاد السعودية استقر معدل النمو الاقتصادي في 2023 ثم يتبعه انتعاش لاحق في 2024 خصوصاً مع توقعات أن يصل سعر النفط إلى 89 دولاراً للبرميل في عام 2024 بعدما انخفض معدل نمو قطاع النفط في 2023 بنسبة 7.5 في المائة نتيجة الانخفاض في إنتاج النفط إلى 1.5 مليون برميل يومياً إلى 9 ملايين برميل، وأن يظل التضخم تحت السيطرة وسيواصل تراجعه إلى 2.2 في المائة.
مشاركة :