ترميم بيت أمير البحار وذاكرة جدة

  • 4/3/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كنت كلما مررت بأطلال ذلك البيت التاريخي الواقع شمال بحيرة الطين، والتي يؤكد عم محمد الرقام رحمه الله أن تسميتها ببحيرة الأربعين غير صحيحة، وضعت يدي على قلبي خشية أن تكون جدران ذلك البيت قد انهارت ولحق بمن سبقه من بيوت جدة التاريخية التي تتهاوى واحدا تلو الآخر أو أن تكون يد الإزالة قد طالته جهلا بقيمته التاريخية وطمعا في موقعه الإستراتيجي، غير أن مروري الأخير به حمل لي الطمأنينة وأكد لي ما باتت تستشعره الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من واجب العناية بالمواقع الأثرية والمعالم التاريخية فقد كان موقع ذلك البيت التاريخي مسيجاً والعمل جار في ترميمه. لم يحل بيني وبين الدخول إلى ذلك البيت السياج المضروب حوله، فدخلت من البوابة التي يدخل منها العمال والآليات متوقعا أن هناك من سوف يطلب مني المغادرة وله الحق في ذلك، غير أن حظي كان كبيرا حين التقيت بالمهندس جمال موافي مهندس الشركة التي تقوم بترميم البيت والذي شرح لي كيف أن الترميم جزء من مشروع متكامل لإحياء الموقع إذ في ساحته الكبيرة سيعاد بناء كنداسة جدة والتي هي عبارة عن أول محطة تحلية مياه في جدة، كما ستنضم للموقع واحدة من السفن الكبيرة التي كانت تعمل في البحر الأحمر، وإذا كانت العلاقة بين تسمية البيت ببيت أمير البحار والسفينة واضحة، فالعلاقة بين الكنداسة والبيت لا تتحدد في أن هذا الموقع ليس ببعيد عن موقع الكنداسة القديم والذي أصبح مكانه مواقف سوق الكورنيش وإنما لأن صاحب هذا البيت الذي قام بتشييده هو محمد على عبده أحد وجهاء مدينة جدة وكان يعمل مديرا للكنداسة. ترميم ذلك البيت عمل هام ويبقى ما هو أهم وهو ترميم الذاكرة وذلك بتدوين كل ما يتصل بذلك البيت من أخبار وحكايات، بدءا من اجتماع وجهاء وأدباء جدة فيه وعلى رأسهم حمزة شحاتة كما أخبرني عم عمر عبدربه رحمه الله وانتهاء بما تعرفه الدكتورة لمياء باعشن، والتي تربطها بمؤسس البيت صلة عائلية، وما أخبرتني به من أن بلدية جدة قد اشترته من صاحبه حينما كان هناك مشروع قديم لهدمه لصالح شارع مواز لطريق المدينة. ذاكرة الدكتورة لمياء يمكن لها أن تعين هيئة السياحة والآثار وبلدية جدة في معرفة بعض التفاصيل المتصلة ببناء البيت واستعادة بعض ملامحه، التي زالت بتساقطها خلال عقود من الزمن، ويمثل هذا الترميم للذاكرة يتم استعادة جزء من تاريخ جدة المنسي.

مشاركة :