السياحة العلاجية تنعش الاقتصاد التونسي المعتل

  • 2/1/2024
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تبرز السياحة العلاجية في تونس، التي تواجه أزمة مالية حادة وتضخما جامحا وشحا في وفرة السلع وتراجعا في أرقام الاستثمارات الأجنبية، كنقطة مضيئة وسط هذه المصاعب باعتبارها مصدرا للعملة الصعبة في ظل البنية التحتية القوية وكفاءة الطواقم الطبية وجودة الخدمات. تونس - تتزايد الدلائل على أن السياحة العلاجية في تونس تحافظ على مكانتها كأبرز المقاصد في أسواق أفريقيا، رغم التحديات الكثيرة وفي ظل المنافسة مع دول عربية في المنطقة مثل مصر والمغرب. وكأحد المؤشرات على ذلك الزخم، قدمت بينتو يونوسا (25 عاما) من النيجر إلى تونس لتباشر علاجا للعقم داخل مصحة في بلد يتوجه إليه أكثر من مليوني أجنبي للعلاج سنويا، ما يساهم في إنعاش الاقتصاد المتعثر. وتقول المديرة العامة لوحدة النهوض بالاستثمار والخدمات بوزارة الصحة نادية فنينة لوكالة فرانس برس، إن "تونس هي الأولى في أفريقيا من حيث الطلب على الرعاية الطبية". ورغم التوقّف الذي حصل خلال الأزمة الصحية، يحقّق القطاع حوالي 3.5 مليار دينار (أكثر من 1.1 مليار دولار) كرقم أعمال سنوي، بحسب الأرقام الرسمية. وفي العام الماضي، شكّلت السياحة العلاجية، التي تشمل الاستشفاء والأدوية والأنشطة الأخرى المرتبطة بها، نصف إيرادات قطاع السياحة بأكمله. نادية فنينة: تونس الأولى أفريقيّا من حيث الطلب على الرعاية الصحية نادية فنينة: تونس الأولى أفريقيّا من حيث الطلب على الرعاية الصحية ورغم الأزمات المتتالية التي عاشتها الدولة منذ 2011، لكن خبراء منصة فيدام دوت كوم يقولون إن الرعاية الصحية بتونس هي واحدة من أكثرها تقدما في أفريقيا وتتمتع بمستوى من الجودة يضاهي العديد من دول أوروبا. وتحتل تونس المشهورة بالاستشفاء الطبيعي، بسبب وفرة الموارد الطبيعية مثل المناخ المناسب وينابيع المياه المعدنية وحمامات المياه الكبريتية والطين والرمال الساخنة، المرتبة التاسعة عربيا و38 على مستوى العالم في مؤشر السياحة العلاجية. وتشكل صناعة السياحة نحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لكن أعداد الزائرين تراجعت بشدة، باستثناء عام 2019، وزاد الضغط على الاقتصاد الذي كان بالفعل يتخبط في أزمات مع تفشي الوباء. وكان القطاع قبل العام 2011، يسهم بنحو 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفق البيانات الرسمية، كما أنه يعتبر مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي إلى جانب تحويلات المغتربين والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتوفر السياحة نحو 600 ألف فرصة عمل ويعيش منه ما يقارب 2.8 مليون شخص، وكان في السابق ثاني مصدر للعملة الصعبة بعد قطاع النسيج. ومع ذلك، يشكل القطاع بشكل عام ركيزة أساسية لاقتصاد الدولة المثقل بالديون والمتباطئ بنسبة نمو 1.2 في المئة العام 2023، وفقا لإحصاءات البنك الدولي. وتقول يونوسا إنها تلقت علاجا في السابق في دول أخرى بهدف الإنجاب، قبل أن ينصحها أحدهم بطبيب “ذي كفاءة عالية” في تونس. وتضيف "أنجبت شقيقة زوجي توأما بعد أن خضعت لعملية تخصيب اصطناعي في تونس. ولهذا السبب، جئت إلى تونس لإجراء العملية". وجمّدت شقيقتها خديجة، والتي ترافقها، بويضات منها منذ خمسة أشهر في المصحة الخاصة نفسها في تونس المتخصصة في عملية الإنجاب بمساعدة طبية. ويؤكد الطبيب فتحي زهيوة الاختصاصي في أمراض العقم لوكالة فرانس برس، أن المركز استقبل 450 زوجا من أجل عمليات تخصيب في المختبر خلال 2023. وقال إن “عددا كبيرا منهم من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث المؤسسات الصحية لعلاج العقم نادرة”. وتحتل تونس المشهورة بالاستشفاء الطبيعي، بسبب وفرة الموارد الطبيعية مثل المناخ المناسب وينابيع المياه المعدنية وحمامات المياه الكبريتية والطين والرمال الساخنة، المرتبة التاسعة عربيا و38 على مستوى العالم في مؤشر السياحة العلاجية. ◙ تونس تحتل المرتبة التاسعة عربيا و38 على مستوى العالم في مؤشر السياحة العلاجية أمّا بقية طالبي العلاج فيأتون من دول شمال أفريقيا ولبعضهم أقارب في تونس، أو من دول أوروبية وبينهم بريطانيون وسويسريون وكنديون على وجه الخصوص، “لأن التكاليف أقل بعشر مرات” من تلك التي في بلدانهم. ويشير زهيوة إلى أنهم “يختارون تونس أيضا لأن لدينا إخصائيين في العقم معترفا بهم عالميا”. وتظهر الأرقام أن أكثر من 500 أجنبي يُعالجون داخل المستشفيات المحلية سنويا، ويتم تطبيب أكثر من مليونين آخرين في العيادات. ويعتبر الليبيون في مقدمة المرضى الأجانب يليهم الجزائريون، ثم مواطنو دول أفريقيا جنوب الصحراء، بحسب فنينة. ويتلقّى أكثر من نصف المرضى علاجا من أجل الإنجاب أو الأورام، أو أمراض القلب أو يخضعون لعمليات جراحية. ويأتي الأوروبيون بشكل أساسي لإجراء عمليات تجميل التي تمثل 15 في المئة من مجموع العلاجات. وتضم البلاد العشرات من المصحات، التي توفر خدمات السياحة العلاجية وأكثر من 60 مركزا للمعالجة بمياه البحر ونحو 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية. كما تعمل على إنشاء محطات استشفائية بمناطق مختلفة في البلاد، مثل قربص من ولاية (محافظة) نابل، وفي قفصة ومدنين جنوب البلاد. وتوضح فنينة أن تونس هي “الأولى” في قارة أفريقيا، بفضل “حوالي مئة مصحة خاصة متخصصة تتمتع بتقنيات وتخصصات رفيعة المستوى ومهارات معترف بها”. ويزور محمد الليبي، تونس كل ستة أشهر لإجراء فحص طبي لدى طبيب القلب بعد عملية “دقيقة” خضع لها. ويقول لفرانس برس، “هذا الطبيب أنقذ حياتي، ولن أغيّره أبدا”. ويعتزم محمد رفقة زوجته “الاستفادة من الرحلة الحالية إلى تونس لتمضية بضعة أيام من الاسترخاء في طبرقة”، المدينة الساحلية والسياحية في شمال غرب تونس. ◙ 1.1 مليار دولار هو رقم الأعمال السنوية للقطاع بحسب الإحصائيات الرسمية وتؤكد فنينة أن “السياحة العلاجية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالقطاع السياحي، لأن المريض الأجنبي هو أيضًا سائح، ولا يأتي في غالب الوقت بمفرده وبالتالي يحتاج إلى إقامة بمستوى لائق”. وتتابع “إن الترويج للسياحة العلاجية يعتمد على تطوّر قطاع السياحة”، إجمالا. وتضيف “لو لم تكن لدينا سياحة متطورة ومنظمة بشكل جيّد، لما وصلنا إلى هذا المستوى”. وتعتبر الطبيبة أن للسياحة العلاجية “إمكانات قوية ويمكن أن تحقق أرقامًا أكبر إذا تغلبنا على بعض العقبات والقيود”. وتشير إلى غياب خطوط جوية مباشرة بين تونس وبعض دول أفريقيا جنوب الصحراء، فضلا عن بطء في منح التأشيرات. “لهذا السبب نعمل على الحصول على تأشيرة طبية”. ولتسهيل وصول المرضى إلى تونس ومراقبتهم بشكل دوري، تقوم وزارة الصحة بإعداد تشريع قانوني ينظّم نشاط جميع الجهات المعنية من الوكالات المتخصصة والوسطاء. وتعمل الوزارة أيضا مع القطاع الخاص لإنشاء عيادات أخرى ومراكز إيواء جديدة لكبار السنّ الأوروبيين الذين يحتاجون إلى مرافقة.

مشاركة :