عمّان - اخترق قراصنة هواتف عشرات الصحافيين والناشطين في الأردن خلال السنوات الأربع الماضية باستخدم برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، وفق نتائج تحقيق نشرته منظمة غير حكومية اليوم الخميس. وسلّط تقرير لمنظمة "أكسس ناو" الضوء على 35 حالة قرصنة يعود تاريخها إلى عام 2019، مع أهداف شملت أيضًا محامين وسياسيًا واحدًا على الأقل. ولم يتهم التقرير الحكومة الأردنية باستخدام برنامج التجسس، لكنه قال إن العملية تمت في وقت "كثّفت السلطات قمعها لحقوق المواطنين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي". والبرنامج الذي ابتكرته شركة "أن أس أو غروب" الإسرائيلية وباعته لحكومات في جميع أنحاء العالم يمكّن مستخدميه من الوصول إلى بيانات هاتف الشخص المستهدف من رسائل نصية وبريد إلكتروني وصور، إضافة إلى تتبّع موقعه والتنصّت على مكالماته وتشغيل كاميرا هاتفه دون علمه. وكشف معهد "سيتيزن لاب" عام 2021 عن استخدام برنامج "بيغاسوس" للتجسّس على هواتف مئات السياسيين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان وقادة الأعمال في العالم. وعلى الرغم من الفضيحة، تواصل المجموعة الإسرائيلية وشركات مماثلة بيع منتجاتها وكانت الولايات المتحدة أدرجت مؤسسات عدة بينها "أن أس أو" ، على لائحتها السوداء. وأكدت مديرة السياسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "أكسس ناو" مروة فطافطة أنه في العادة لا توجد رقابة على الشركات التي تقدّم برامج التجسس هذه، ما يسمح لقطاع المراقبة بمواصلة أسلوب أعماله "السرّي والمشبوه". وقالت "الحكومات تشتري بشكل محموم تقنيات للتجسس على مواطنيها وقمع المجتمع المدني". وكرّرت المنظمة غير الحكومية دعوتها إلى فرض حظر تام على أي برامج تجسّس يمكّن من انتهاك الحقوق، فيما أشارت فطافطة إلى أنه "لا يوجد استخدام متناسب لبرامج التجسس". وقالت "أكسس ناو" إن معظم الحالات التي كشفت عنها في الأردن تعود إلى الفترة ما بين 2020 إلى أواخر 2023. وتعرّض الصحافي الفلسطيني الأميركي المقيم في الأردن داود كتاب لاختراق هاتفه ثلاث مرات في 2022 و2023 وواجه أيضا سبع محاولات فاشلة غيرها، مؤكدا أن معظم الصحافيين العاملين في الشرق الأوسط يتوقعون التنصت على هواتفهم. وقال "في السابق، كان الناس فقط يستمعون إلى ما تقوله، ولكن بيغاسوس أكثر تطفلا بكثير"، موضحا أن "أكثر ما يقلقه هو احتمال وصول الجهات التي تقف وراء ذلك إلى مصادره"، قائلا "لا أريد أن أحرق مصادري ولا أريد أن أؤذيهم". وأشارت "أكسس ناو" إلى أن العديد من الأشخاص الذين تم استهدافهم ارتبطوا بشكل ما بإضراب المعلمين الذي استمر مدة شهر في عام 2019، ما دفع السلطات إلى اعتقال مئات المعلمين وحلّ نقابتهم وأكدت المنظمة أنها لم تتمكن من إثبات الجهة التي تقف وراء الاستهداف ببيغاسوس. وكان تقرير منفصل عام 2022 صادر عن منظمتين غير حكوميتين أخريين، هما "سيتزن لاب" و "فرونت لاين ديفندرز" تعرّف على "مشغلين اثنين لبرنامج بيغاسوس" قال إنهما "على الأرجح وكالتان تابعتان للحكومة الأردنية". وأصرت شركة "أن أس أو" التي تواجه دعاوى قضائية متعددة من شركة "آبل" وغيرها، مرارا على أنها تبيع برامجها لعملاء حكوميين فقط ولأغراض سلمية. ولكن تحقيقا نشر عام 2021 أشار إلى وجود حوالي 50 ألف ضحية محتملة لبيغاسوس حول العالم، وكثير منهم من المعارضين والصحافيين والناشطين. وكشف مسؤولون أردنيون أن المملكة تعرضت في العام 2021 لنحو 900 قرصنة إلكترونية من بينها ما هو مرتبط بأربعين دولة استهدفت الديوان الملكي ومؤسسات حكومية وأجهزة أمنية وشركات.
مشاركة :