متابعة - صفاء العبد : الآن، وبعد أن اجتاز العنابي بنجاح متميز المرحلة الثانية من التصفيات الآسيوية المزدوجة لنهائيات القارة وكأس العالم لكرة القدم، سيكون علينا أن ندرك قبل كل شيء بأن مرحلة الحسم الثالثة من هذه التصفيات، والتي ستنطلق بعد خمسة أشهر من الآن وتحديداً في الأول من سبتمبر المقبل، لا تشبه سابقتها على الإطلاق وأن الصراع فيها سيكون في أعلى درجاته خصوصاً وأن الأطراف المشاركة فيها هي النخبة الأفضل على مستوى القارة كلها. والأمر هذا لابد وأن يدفع باتجاه تصعيد الاستعدادات إلى أقصاها واستثمار الأشهر الخمسة المقبلة هذه من أجل الارتقاء بالعنابي إلى المستوى الذي يجعله قادراً فعلاً على ولوج هذه المرحلة الحاسمة بالقوة التي تتفق مع طموحاته في الوصول لأول مرة إلى نهائيات كأس العالم "روسيا 2018 " وهنا تحديداً يجب أن ندرك جميعاً بأن القادم في هذه التصفيات لا يشبه أبداً ما حدث في المرحلة التي انتهت بتصدرنا للمجموعة الثالثة.. فمواجهة منتخبات بمستوى اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وغيرها من المنتخبات صاحبة الباع والخبرة الكبيرة على مستوى منافسات التأهل لكأس العالم لا يشبه بأي شكل من الأشكال المواجهات التي جمعتنا مع الصين وهونغ كونغ والمالديف وبوتان في المرحلة الثانية المنتهية هذه. غير أن الحديث عن قوة مثل هذه المنتخبات، التي ستتواجد معنا في مرحلة الحسم هذه من التصفيات، لا يعني محدودية فرصتنا في التأهل. ففي تقديري أن الصورة التي بات عليها العنابي اليوم تؤشر إمكانية أن يكون طرفاً مهماً في الصراع على بطاقات التأهل الآسيوية لكأس العالم .. صحيح أن المقارنة غير ممكنة بين منتخبات مجموعتنا في المرحلة المنتهية وبين ما يمكن أن تضمه مجموعتنا في المرحلة الأخيرة إلا أن الصحيح أيضاً هو أن واقع الحال يؤشر حقيقة التصاعد الواضح في إمكانات العنابي .. فالمستوى الذي كان عليه العنابي في مباراته الأولى أمام المالديف في الحادي عشر من يونيو الماضي هو غير المستوى الذي قدمه في مبارياته اللاحقة باستثناء مباراته الأخيرة التي تعرض فيها للخسارة الوحيدة وبهدفين للاشيء أمام الصين في الصين بحكم الغيابات العديدة التي افتقد فيها لأغلب عناصره الأساسية بحيث لم يتواجد فيها من تشكيلته التي واجهت هونغ كونغ قبل ذلك بخمسة أيام سوى ثلاثة لاعبين فقط .. ومع ذلك ورغم كل تلك الغيابات فإن العنابي لم يكن سهلاً أبداً وخصوصاً في الشوط الأول الذي أحرج فيه الصينيين كثيراً بل وكان فيه هو الأفضل والأقرب إلى الفوز قبل أن يحدث ماحدث في الشوط الثاني من بعض الأخطاء وخصوصاً على مستوى التمركز الدفاعي ليكون ذلك فقط هو من تسبب في خسارته لمباراة لم تكن أكثر من تحصيل حاصل بالنسبة له .. ومن هنا نقول إن العنابي سيكون في وضع مختلف تماماً عندما يلعب بتشكيلته الأساسية ، كما وأنه سيكون في وضع أفضل بكثير مع استمرار التصاعد في خطه البياني من خلال ما سيتوفر له من فرص إعداد متكاملة وما سيخوضه من مباريات تجريبية على مدى المرحلة المقبلة التي تسبق انطلاق مرحلة الحسم هذه في سبتمبر المقبل. غير أن الارتقاء بمستوى العنابي أكثر فأكثر خلال الأشهر الخمسة المقبلة هذه سيحتاج إلى بعض التضحيات على مستوى التزامات لاعبينا مع فرق أنديتهم .. وهنا نقول إن أي تضحيات في هذا الجانب هي أقل ما يمكن أن تسهم فيه أنديتنا من أجل إنجاح هذه المهمة الوطنية الكبيرة وتسهيل مسعى العنابي في تحقيق تطلعات الجميع بالوصول إلى نهائيات كأس العالم لأول مرة. فقد يكون من بين المطلوب من أنديتنا هذه التخلي عن نجوم العنابي في فترات معينة ينشغل فيها المنتخب بمعسكراته الخارجية أو مبارياته التجريبية قبل البدء في خوض غمار المنافسات التأهيلية التي ستحتاج إلى وقت ليس بالقصير .. ومع أننا نعرف جيداً مدى حرص اتحاد الكرة على التمسك بكل ما يمكن أن يوفر عوامل التنسيق بين مهام المنتخب ومهام الأندية الداخلية أو الخارجية إلا أن التقاطع في الالتزامات يمكن أن يحدث بطريقة أو بأخرى ما دام التداخل قائماً في مواعيد المباريات .. وهنا يجب أن يكون العامل الوطني هو الفيصل وأن يحضر بأعلى درجاته وأن يكون العنابي هو الهدف بحيث لا يعلو صوت على صوته لأي سبب من الأسباب .. فليس من شك في أن فرصة العنابي هذه المرة هي الأكبر في تاريخه .. فلدينا منتخباً يمتلك من المؤهلات ما يجعله قادراً فعلاً على مزاحمة أكبر منتخبات القارة ومنافستها على الظفر بإحدى البطاقات الأربع التي تؤهل أصحابها مباشرة للمونديال .. وفي تقديري الشخصي أن كل الأمور عندنا تدفع بالعنابي لمواصلة السير في الطريق الصحيح ابتداء من الجهد النموذجي لاتحاد الكرة والقائمين عليها من خلال توفير كل متطلبات النجاح للمنتخب، ومروراً بامتلاكنا لجهاز فني أثبت جدارته حتى الآن ويبدو مؤهلاً لإثبات ذلك بشكل أكبر في المرحلة المقبلة وصولاً إلى هذا النجاح الإداري المتميز الذي يضفي كل هذا الطابع الاحترافي في عملية إعداد المنتخب ، إلى جانب هذا التكامل على مستوى اللاعبين الذين سجلوا حتى الآن نجاحات ملفتة وهي نجاحات قابلة للتصاعد بعد الإضافات المهمة التي أحدثها انضمام لاعبين بمستوى تاباتا وبيدرو وكذلك انضمام بعض الوجوه الشابة الصاعدة التي نتوقع لها مستقبلاً باهراً مثل أكرم عفيف ومصعب خضر وأحمد علاء وقبلهم النجم المتألق عبدالكريم حسن المرشح لأن يكون من بين أفضل لاعبي القارة. نقول، إننا إزاء فرصة تاريخية يجب أن لا نفرط بها أبداً .. فالصورة التي بات عليها العنابي الآن تدعونا للكثير من التفاؤل وتؤشر إمكانية أن يحقق ما نصبوا إليه جميعاً وهذا ما لا يتحقق إلا من خلال تكاتفنا جميعاً سواء على مستوى الاتحاد أو الأندية أو الجمهور وكذلك الإعلام الرياضي بكل قنواته كونه يمثل حلقة بالغة الأهمية في هذا المسعى الكبير.
مشاركة :