تل أبيب – تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الثالثة خلال ساعات عن الصفقة المحتملة مع حماس، وكشف شروط بلاده لإبرام اتفاق إعادة أسراها لكن شدد ليس "بأي ثمن"، فيما حذر مسؤول إسرائيلي من مساعي نتنياهو لـ"نسف الصفقة" وسط معلومات بأن الصفقة تشمل إطلاق سراح 35 محتجزا إسرائيليا وأسرى فلسطينيين، مقابل هدنة مدتها 35 يوما. وقال نتنياهو في كلمة متلفزة بثها على حسابه بمنصة "إكس" إن حكومته تعمل على صفقة جديدة للإفراج عن المحتجزين بقطاع غزة لكن "ليس بأي ثمن". وأضاف نتنياهو "لدينا خطوط حمراء"، مكررا تصريحات سابقة بأن إسرائيل لن تنهي الحرب، ولن تسحب قواتها من قطاع غزة ولن تطلق سراح "آلاف الإرهابيين" من السجون الإسرائيلية مقابل صفقة رهائن. وتابع "نحن نعمل باستمرار من أجل إطلاق سراح الرهائن وتحقيق أهداف الحرب الأخرى: القضاء على حماس وضمان أن غزة لن تشكل تهديدا بعد الآن"، معلنا أن إدارته تعمل "على المحاور الثلاثة معا ولن تتخلى عن أي منهما". وأثارت تصريحات نتنياهو الدي يتعرض لضغوط شديدة من عائلات الرهائن المحتجزين في غزة جدلا داخل الدولة العبرية، فقد أعرب مسؤول إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات الجارية للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى بين تل أبيب وحركة حماس، عن مخاوفه من أن يدفع نتنياهو "حماس" إلى "نسف الصفقة". ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، مساء الأربعاء، عن المسؤول - لم تسمه - قوله إنه هناك مخاوف "من أن يكون الهدف من التطرف في تصريحات نتنياهو في الأيام الأخيرة تشجيع حماس على التشدد في مواقفها ونسف الصفقة". وأضاف المسؤول الإسرائيلي "مثل هذه الخطوة قد تسمح لإسرائيل بمواصلة القتال مع تحميل حماس مسؤولية فشل المحادثات". ولا تزال المعلومات والتفاصيل متضاربة حول ما توصل إليه المفاوضون الدوليون بشأن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، ووقف الحرب في قطاع غزة التي دخلت شهرها الرابع. إذ تستمر المشاورات والمباحثات بين المعنيين بهذا الملف الحساس وسط مساعي المفاوضين المصريين والقطريين والأميركيين لتقريب وجهات النظر. إلا أن بعض التفاصيل تكشفت عن صفقة تبادل الأسرى الجديدة المقترحة بين إسرائيل وحماس. فقد بينت وثيقة مبادئ عرضها رئيس الموساد، دافيد بارنياع، أمام مجلس الحرب الإسرائيلي أن الصفقة المحتملة لتبادل الأسرى تشمل إطلاق سراح 35 محتجزا إسرائيليا على قيد الحياة من النساء والجرحى وكبار السن، مقابل هدنة مدتها 35 يوماً وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين كذلك، أي يوم واحد من الهدنة لكل أسير، مقابل هدنة لـ35 يوما، وفق ما نقلت القناة "12" الإسرائيلية. كما تضمن المقترح إمكانية تمديد التهدئة لأسبوع إضافي بعد الـ 35 يوما، من أجل إجراء مفاوضات حول إمكانية استكمال المرحلة الثانية من الصفقة، والتي تتضمن إطلاق سراح الشباب، وكل من تصفهم حماس بالجنود. أما جوهر الخلاف على ما يبدو، فيكمن بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي ليس في عدد "السجناء الأمنيين الفلسطينيين" الأسرى الفلسطينيين الذين ستضطر إسرائيل إلى إطلاق سراحهم من السجون، بل في نوعيتهم. إذ إن أي صفقة تشمل إطلاق سراح عدد كبير من الفلسطينيين، الذين دانتهم تل أبيب بالضلوع في هجمات أسفرت عن قتل إسرائيليين، سيكون من الصعب على الجمهور والسياسيين في إسرائيل هضمها. علماً أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد اتفاق على عدد الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم. في المقابل، يبدو أن حماس تتمسك بأن تشمل الصفقة القادمة ثلاثة أسرى فلسطينيين معروفين، وهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعبدالله البرغوثي، وفق ما نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مساء الأربعاء. لا سيما أن تلك الأسماء الكبيرة تعتبر قادرة على تغيير وجه السلطة الفلسطينية، وعلى رأسها مروان البرغوثي، الذي اعتبر في آخر استطلاع للرأي أجري في الضفة الغربية المرشح المفضل لرئاسة السلطة بعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). ويقضي البرغوثي الذي اعتقلته إسرائيل عام 2002 خمسة أحكام مؤبدة و40 عاما في السجن بتهمة التخطيط لتنفيذ عمليات قُتل فيها خمسة إسرائيليين وأصيب آخرون. أما سعدات، فهو أمين عام الجبهة الشعبية، الذي خطط لاغتيال الوزير الإسرائيلي رحبعام زائيفي عام 2001. وكانت إسرائيل رفضت إطلاق سراحه سابقا ضمن صفقة شاليط (لتبادل الأسرى عام 2011). في حين يعتبر عبدالله البرغوثي، عضو حماس، أحد قادة الجناح العسكري للمنظمة في الضفة الغربية. ويقضي حاليا حكما بالسجن المؤبد لـ 67 عاما، وهو حكم غير مسبوق في إسرائيل، بحسب الصحيفة. وحتى اللحظة لم يعلن أي من الجانبين موقفه حول تلك التفاصيل الجديدة التي طفت إلى السطح مؤخراً. يذكر أن اجتماعاً عقد الأحد الماضي في العاصمة الفرنسية باريس بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، للتباحث بشأن صفقة محتملة لتبادل الأسرى ووقف الحرب تتم عبر 3 مراحل، وفق مصادر فلسطينية وأميركية. وكانت هدنة سابقة استمرّت أسبوعاً في أواخر نوفمبر الماضي (2023) أتاحت إطلاق سراح حوالي 100 أسير من الذين اختطفتهم حماس خلال هجومها المباغت على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر. ويومها أطلقت الحركة سراح هؤلاء مقابل وقف إسرائيل إطلاق النار وإفراجها عن 240 سجيناً فلسطينياً. وبحسب السلطات الإسرائيلية التي تتعرّض لضغوط شديدة من عائلات الأسرى للقبول باتفاق تبادل جديد فإنّ ما يقارب 132 أسيرا لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، 28 منهم يعتقد أنّهم ماتوا.
مشاركة :