توصل القادة الأوروبيون الخميس إلى اتفاق بشأن مساعدة بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا، بعدما كان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يعرقلها، وهو إعلان أشادت به كييف على الفور ووصفته بأنه "انتصار مشترك" على روسيا. وأعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن "روسيا لا يمكنها أن تراهن على أي تخاذل أوروبي في دعم أوكرانيا". وعلقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالقول إنها "رسالة قوية" إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وهي أيضا رسالة إلى الولايات المتحدة حيث لا تزال مساعدة مالية جديدة لأوكرانيا عالقة في الكونغرس. وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس "آمل في أن يساعد (ذلك) في تسهيل الأمور" حتى يتمكن الرئيس الأميركي جو بايدن من المضي قدما في خطته لمساعدة هذا البلد الذي يخوض حربا. واتصل بايدن بفون دير لايين شاكرا للاتحاد الأوروبي مساعدة كييف، مؤكدا "أنها ستسهم كثيرا في مساعدة أوكرانيا في وقت تُواصل القتال في وجه العدوان الروسي. بدوره، شكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للاتحاد الأوروبي مساء الخميس موافقته على مساعدة بقيمة 50 مليار يورو لكييف، معتبرا أنها "إشارة واضحة" لروسيا. وقال زيلينسكي في رسالته اليومية "الاتحاد الأوروبي اتخذ اليوم قرارا طال انتظاره. هذه رسالة واضحة لموسكو، أوروبا ستُقاوم وأوروبا لن تنكسر". وتحتاج كييف بشدة إلى المساعدة الغربية لدعم اقتصادها بعد عامين تقريبا من الغزو الروسي. في بروكسل حيث اجتمع الزعماء الأوروبيون في قمة استثنائية لكسر الجمود بسبب معارضة فيكتور أوربان - الوحيد بين القادة السبعة والعشرين الذي حافظ على علاقات وثيقة مع موسكو - لم يدم الغموض طويلا. في مستهل الاجتماع، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال عبر موقع إكس "توصلنا إلى اتفاق... يضمن تمويلا مستقرا وطويل الأمد لأوكرانيا". وأكد زيلينسكي الذي ألقى كلمة أمام المشاركين في القمة عبر الفيديو أن هذا القرار "يثبت مجددا الوحدة القوية للاتحاد الأوروبي". المساعدات الأوروبية المخصصة لأوكرانيا (33 مليار دولار في هيئة قروض و17 مليار دولار في هيئة تبرعات على مدى أربع سنوات) مدرجة في ملحق لميزانية الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027. وسبق القمة اجتماع مع أوربان شارك فيه ماكرون ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، وكذلك فون دير لايين وشارل ميشال، لإيجاد حل وسط مع الزعيم القومي. وتنص التسوية التي تم التوصل إليها على إعداد المفوضية الأوروبية تقريرا سنويا حول استخدام أوكرانيا للتمويلات، وإمكان قيام القادة خلال عامين، إذا لزم الأمر وبالإجماع، بطلب مراجعة المساعدة. طالبت المجر بأن تكون قادرة على إجراء مراجعة سنوية لهذا الدعم، لكن دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لم ترغب في منحها مثل هذه الفرص المتكررة لاستخدام حق النقض. وعلّق دبلوماسي أوروبي طلب عدم كشف هويته أن أوربان "تنازل لقد رأى أن هناك انزعاجا، وأن هناك حدا ينبغي عدم تجاوزه". لكن أوربان أبدى ارتياحه وكتب على منصة إكس "المهمة أنجزت"، موضحا أنه تلقى "ضمانات" بأن الأموال المخصصة للمجر والمجمدة حاليا من الاتحاد الأوروبي لن تذهب إلى "أوكرانيا". وأضاف "موقفنا بشأن أوكرانيا يظل كما هو: نحتاج إلى وقف للنار ومحادثات سلام". وكان الزعيم المجري، الوحيد بين قادة دول الاتحاد الذي حافظ على علاقات وثيقة مع موسكو بعد غزو أوكرانيا قبل عامين تقريبا، قد أثار غضب نظرائه المجتمعين في كانون الأول/ديسمبر الماضي بمعارضة هذا الدعم المالي. وقد اتُهم في بروكسل بابتزاز الاتحاد الأوروبي من أجل تأمين صرف تمويلات أوروبية مخصصة لبلاده جمدتها المفوضية الأوروبية على خلفية انتهاكات قانونية داخلية ارتكبتها بودابست. في كانون الأول/ديسمبر أفرجت المفوضية عن حوالى 10 مليارات يورو مبررة ذلك بتنفيذ المجر إصلاحات لتعزيز استقلال قضاتها. لكن أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الأوروبية لا تزال مجمدة، بسبب مخاوف بروكسل المتعلقة خصوصا باحترام حقوق المثليين، والحرية الأكاديمية والحق في اللجوء في المجر. والقسم الأكبر من الأموال مخصص لخطة التعافي بعد كوفيد. ويتهم أوربان بانتظام المفوضية بأن لديها دوافع سياسية. ويشدد نص التسوية الذي تم التوصل إليه الخميس على الطبيعة "الموضوعية والعادلة والمحايدة" لأي قرار للاتحاد الأوروبي بشأن هذه الأموال. وردا على سؤال عما إذا كان أوربان قد حصل على وعود بشأن الإفراج عن هذه الأموال، أجابت فون دير لايين "ببساطة: كلا". وتعقد القمة الأوروبية في خضم تعبئة قوية للمزارعين، إذ تم إنزال أكثر من ألف جرار في شوارع بروكسل حتى مقر البرلمان الأوروبي قرب مكان اجتماع الزعماء.
مشاركة :