يعتبر مرض التصلب المتعددMultiple Sklerose من أكثر أمراض المناعة الذاتية، التي تصيب الجهاز العصبي المركزي، تعقيدًا على العلم من ناحية أسباب النشوء والعلاج والعواقب. تعاني النساء منه ضعف ما يعانيه الرجال، ويصاب به 110 نمساويين من كل 100 ألف، ويرتفع عدد المعانين منه على المستوى العالمي إلى 2.5 مليون. لا يعرف العلماء الأسباب التي تؤدي إلى هذا التنكس العصبي، لكنهم يبحثون بجد عن علاج يخفف معاناة المرضى ويعيدهم جزئيًا إلى الحياة الطبيعية. ويقول العلماء النمساويون الآن إنهم نجحوا، في فئران الاختبار، في تقليل نوبات المرض ووقف تقدم المرض. واستخدم الباحثون من جامعة فيينا بيبتيد نباتي طبيعي في تحسين فرص الحياة في الفئران التي تعاني من التصلب المتعدد. وكتب العلماء في المجلة العلمية المعروفة Proceedings of the National Academy of Sciences. أن البيبتيد المذكور أعطي للفئران عن طريق الفم، وأنه أوقف النوبات وقلل الأعراض فيها دون أن يتسبب بمضاعفات أو أعراض جانبية للفئران. ويأمل العلماء في بدء تجاربهم على البشر في عام 2018، ولا يرون ما يمنع نجاحها في تقليل آلام المرضى المعانين من التصلب المتعدد. في مرض التصلب المتعدد تهاجم خلايا مناعية عدوانية من نوع خلايا - ت بطانة المايلين التي تغلف الألياف العصبية، وهذا يضر بالخلايا العصبية والأعصاب ويعرقل وصول الإيعازات عبرها، ويؤدي هذا، من ثم، إلى ظهور أعراض الشلل التصلبي. وهناك بعض العقاقير التي تعين الطب في وقف تقدم المرض وتقليل أعراضه، لكنها تزرق في الأوردة، وتسبب أعراضا جانبية، بعضها لا يقل خطرًا عن المرض نفسه. صنعت الباحثة كاترين ثيل وزملاؤها، من جامعة فيينا الطبية، البيبتيد النباتي على أساس بحث سابق (قبل بضع سنوات) أثبت وجود مادة نباتية طبيعية تكبح نشاط خلايا - ت العدوانية، وتؤخر بالتالي تقدم المرض. ولاحظ العلماء الآن، من خلال التجارب على الفئران، أن البيبتيد الحلقي، من مجموعة «سايكلوتايد»، يحبط عمل مادة إنترلويكن - 2 التي تفرزها هذه الخلايا وتسبب خراب الأعصاب. وعملت العالمة ثيل على استخلاص البيبتيد المسمى [T20K]kB1 في المختبر ثم منحته مع الطعام للفئران المصابة بالتصلب المتعدد. ونالت الفئران جرعة من البيبتيد المختبري تعادل 20 ملغم لكل كيلوغرام من وزنها. وكتب العلماء أن فئران هذه المجموعة تحسنت من ناحية الأعراض، كما ثبت مجهريًا عدم تراكم المرض في جهازها العصبي المركزي، بالمقارنة مع مجموعة المقارنة التي لم تتلق البيبتيد. ولم تظهر على فئران المجموعة الأولى أي أعراض جانبية يمكن أن تعزى إلى البيبتيد النباتي [T20K]kB1. كرر العلماء التجارب باستخدام بيبتيد سايكلوتايد على مستنبتات مختبرية تحتوي على خلايا عصبية بشرية مريضة بالتصلب المتعدد، وكانت النتائج مماثلة، إذ قلل البيبتيد تكاثر خلايا - ت كما قلل من فرزها للإنترلويكين - 2. ويؤكد العلماء أن النتائج التي تحققت أفضل بكثير من النتائج التي حققها أي عقار آخر معروف لمعالجة هذا المرض. وبرأي العلماء، يمكن للبيبتيد أن يتحول إلى عقار شاف حينما يستخدم حال ظهور التغيرات الأولى التي تشي بتعرض الإنسان إلى مرض التصلب المتعدد، لكنه، يمكن أن يخلص المصابين من آلامهم، ومن الأعراض، عند استخدامه بعد تقدم المرض. إن تركيبة البيبتيد، من مجموعة سايكلوتايد، تمنحه أبعادًا ثلاثية وثباتًا في تشكيلته، وهذا ما يزوده بالقدرة على الصمود أمام العصارات الهضمية والإنزيمات. وهذا بالذات ما مكن العلماء من منحه لفئران الاختبار عبر الفم، وما يبشر بإنتاجه مستقبلاً كأقراص أو كبسولات. وثبتت في السابق فعالية مجموعة السايكلوتايد في تخفيف أعراض أمراض عصبية أخرى مثل التهاب المفاصل الرثياني (روماتويد ارثرايتس) وأمراض اضطراب نظام المناعة الأخرى. نالت جامعة فيينا الطبية براءة اختراع البيبتيد النباتي من السلطات الصحية في النمسا، وعملت بالتعاون مع جامعة فرايبورغ الطبية في ألمانيا، على تسجيل العقار في عدة بلدان أخرى. كما أسست الجامعتان شركة باسم «سايكسون» تأخذ على عاتقها إنتاج العقار بعد انتهاء التجارب على البشر في عام 2018.
مشاركة :