شهدت مدينة رفح جنوب غزة، حيث لجأ ملايين الفلسطينيين، هرباً من القتال في وسط وشمال القطاع، ضربات إسرائيلية مكثّفة، أمس، في وقت تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية للتوصل لهدنة جديدة في ظلّ تصاعد التوتّرات في المنطقة. وبعيد منتصف ليل أمس، أفاد شهود عيان بسماع ضربات قوية في هذه المدينة بأقصى جنوب القطاع. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية مقتل 100 مدني على الأقلّ ليلاً، من بينهم 14 في الساعات الأولى من صباح أمس. وخلال الأسابيع الأخيرة، تركّزت العمليات الإسرائيلية على مدينة خان يونس المجاورة، وهي ثانية كبريات المدن مساحة في القطاع. وتحت المطر، واصل آلاف السكان الفرار من المعارك الدائرة والقصف الإسرائيلي في السيارات وعلى الدراجات الهوائية أو في عربات تقطرها حمير أو حتّى سيراً على الأقدام. ويسعى النازحون إلى إيجاد ملجأ في رفح التي انتقل إليها 1.3 مليون نسمة من أصل إجمالي السكان المقدّر عددهم بـ 2.4 مليون، وهم عرضة في عزّ الشتاء للجوع والأوبئة، بحسب الأمم المتحدة. وحذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إسرائيل من شن هجوم عسكري على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، وقالت أمس، إن «التحرك الآن في رفح، آخر مكان والأكثر ازدحاماً، كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، ببساطة لن يكون مبرراً». وذكرت بيربوك أن أغلبية الضحايا هم من النساء والأطفال، مضيفة: «لقد أوضحت للحكومة الإسرائيلية منذ بعض الوقت، مع شركائنا الأميركيين، أن شعب غزة لا يمكن أن يختفى في الهواء». وفي وقت تتواصل فيه المعارك بلا هوادة، تتكثّف الجهود الدبلوماسية للتوصّل إلى هدنة ثانية تكون مدّتها أطول من تلك التي امتدّت على أسبوع وأقرّت بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، متيحة في أواخر نوفمبر إطلاق حوالى مئة رهينة إسرائيلية في مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين في سجونها. وتشير مصادر مطلعة إلى أن هناك اقتراحاً يشمل ثلاث مراحل، وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزة في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة. وسيكون مقترح الهدنة هذا في قلب زيارة جديدة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، اعتباراً من اليوم، تتخلّلها محطات في ومصر وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة. وهو سيدفع قدماً بمقترح للإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة مقابل تعليق للهجوم الإسرائيلي على القطاع، حسبما أعلنت الخارجية الأميركية أمس الأول. وصرّح بلينكن أنه يسعى خلال هذه الجولة إلى العمل على «سلام دائم في المنطقة، بما في ذلك أمن مستدام للإسرائيليين والفلسطينيين على حدّ سواء». وستكون هذه المرة الخامسة التي يجري فيها بلينكن زيارة للمنطقة منذ اندلاع الحرب. وبدأ وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بدوره جولة شرق أوسطية تستمر حتى الثلاثاء، وتتمحور حول الآفاق السياسية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة. وتشمل هذه الجولة مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان.
مشاركة :