لم تشهد بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم منذ انطلاق نسختها الأولى عام 1957 بالسودان، منتخبا استعان فيما يعرف بـ"المعجزات الكروية" خلال مسيرته في المسابقة مثل منتخب كوت ديفوار، في النسخة الحالية التي تقام على ملاعبه. وحجز منتخب كوت ديفوار مقعدا في الدور قبل النهائي لأمم أفريقيا 2023، عقب فوزه "الإعجازي" على منتخب مالي، أمس السبت، في دور الثمانية للبطولة القارية، ليواصل مسيرته في المسابقة التي توج بها عامي 1992 و2015، ويضرب موعدا يوم الأربعاء المقبل في المربع الذهبي مع منتخب الكونغو الديمقراطية، المتوج باللقب عامي 1968 و1974. وجاء تأهل كوت ديفوار للدور قبل النهائي بـ"سيناريو جنوني" جديد، حيث كاد أن يتأخر في النتيجة خلال الشوط الأول، لولا إضاعة آداما تراوري ركلة جزاء للمنتخب المالي في الدقيقة 17، قبل أن يضطر المنتخب الملقب بـ(الأفيال) للعب بعشرة لاعبين عقب طرد لاعبه أوديلون كوسونو في الدقيقة 43 لحصوله على الإنذار الثاني. وتضاعفت معاناة منتخب كوت ديفوار في اللقاء، بعدما تقدم منتخب مالي بهدف في الدقيقة 71 عن طريق دورجيلس نيني، غير أن أصحاب الأرض رفضوا الاستسلام وتحدوا النقص العددي بعدما أدركوا التعادل في الدقيقة 90 بواسطة سيمون أدينجرا، ليدفعوا بالمباراة إلى لعب الوقت الإضافي. وتواصلت الأحداث الجنونية في اللقاء، بعدما خطف منتخب كوت ديفوار بطاقة الصعود للدور قبل النهائي في أمم أفريقيا للمرة الـ11 من إجمالي 25 مشاركة في البطولة، وللمرة الأولى منذ 9 أعوام، عقب تسجيل عمر دياكيتي هدف التأهل القاتل للمنتخب المضيف في الدقيقة الثانية (الأخيرة) من الوقت المحتسب بدلا من الضائع للشوط الرابع، وسط فرحة طاغية من الجماهير التي احتشدت في المدرجات. ولم تكن الأحداث التي جرت على ملعب (السلام) في مدينة بواكي سوى جزءا من سلسلة من المعجزات الكروية التي مر بها منتخب كوت ديفوار في النسخة الـ34 لأمم أفريقيا. ومنذ الإعلان عن استضافة كوت ديفوار لأمم أفريقيا 2023، كان محبو منتخب الأفيال يخشون من تكرار ما حدث للفريق خلال استضافة البلاد المسابقة لأول مرة عام 1984، بعدما شهدت خروجه من الدور الأول في مفاجأة من العيار الثقيل، لاسيما وأن الفريق كان يضم حينها أبرز نجوم كرة القدم في القارة السمراء، على رأسهم يوسف فوفانا، نجم موناكو الفرنسي السابق. وكان المنتخب الإيفواري على وشك تكرار هذا السيناريو، ولكن بصورة أكثر إيلاما، في النسخة الحالية للمسابقة. وبعد انتصاره 2 / صفر في المباراة الافتتاحية على منتخب غينيا بيساو، تلقى منتخب كوت ديفوار هزيمة موجعة في الجولة الثانية صفر / 1 أمام منتخب نيجيريا، قبل أن يسقط بشكل مروع أمام منتخب غينيا الاستوائية (المغمور)، بعدما خسر صفر / 4 في ختام مبارياته بمرحلة المجموعات، ليتكبد أحد أكبر الهزائم التي تعرضت لها المنتخبات المضيفة لأمم أفريقيا عبر تاريخها. وعقب تلك النتائج، أصبحت آمال كوت ديفوار شبه معدومة في الاستمرار بالمسابقة، في ظل احتلاله المركز الثالث بترتيب المجموعة الأولى برصيد 3 نقاط فقط، بالإضافة لامتلاكه فارق أهداف -3. وبينما أصبح مصير منتخب كوت ديفوار في مواصلة مشواره بالبطولة مرهونا بنتائج المنتخبات المشاركة في المجموعات الخمس الأخرى، من أجل الصعود للأدوار الإقصائية عبر التواجد ضمن أفضل 4 منتخبات حاصلة عل المركز الثالث، قرر الاتحاد الإيفواري لكرة القدم فور الخسارة القاسية أمام غينيا الاستوائية إقالة المدير الفني الفرنسي جيان لويس جاسكيه من منصبه وتكليف المدرب المساعد إيميرس فاييه بقيادة الفريق بصورة مؤقتة. ونجا منتخب كوت ديفوار من الإقصاء المبكر، بعدما احتل المركز الرابع بقائمة أفضل ثوالث في الدور الأول بالمسابقة، مستفيدا من تواجد منتخبي غانا وزامبيا بالمركز الثالث في المجموعتين الثانية والثالثة على الترتيب برصيد نقطتين فقط، ليقتنص ورقة الترشح لدور الـ16 ويضرب موعدا ناريا مع المنتخب السنغالي (حامل اللقب). وواصل منتخب كوت ديفوار هوايته في العودة من بعيد خلال مواجهة منتخب (أسود التيرانجا)، بقيادة نجمه المخضرم ساديو ماني، حيث تأخر مبكرا بهدف أحرزه حبيب دياللو في الدقيقة الرابعة. وتبارى منتخب السنغال في إضاعة العديد من الفرص السهلة التي سنحت للاعبيه خلال المباراة، التي أقيمت على ملعب (شارليس كونان باني) بمدينة ياماسوكرو، ليأتي العقاب من المنتخب الإيفواري، الذي أدرك التعادل قبل نهاية الوقت الأصلي بأربع دقائق بواسطة (البديل) فرانك كيسي من ركلة جزاء. ولجأ المنتخبان للعب الوقت الإضافي، الذي شهد استمرار التعادل الإيجابي 1 / 1، ليحتكم المنتخبان للعب ركلات الترجيح، التي ابتسمت في النهاية لمنتخب كوت ديفوار، بعد فوزه 5 / 4، ليقصي منافسه، الذي كان يتصدر قائمة المرشحين للتتويج باللقب هذا العام، عطفا على ما يمتلكه من نجوم في مختلف الخطوط. وبصعوده إلى المربع الذهبي، ضمن منتخب كوت ديفوار خوض لقاءين آخرين في النسخة الحالية، من خلال اللعب في الدور قبل النهائي، ثم المباراة النهائية في حالة الفوز، أو مواجهة تحديد صاحب المركز الثالث في حال الخسارة، ليرفع بذلك رصيد مبارياته التي خاضها طوال سجله في البطولة إلى 106 مباريات، مقلصا الفارق مع المنتخب المصري، صاحب الرقم القياسي كأكثر المنتخبات لعبا في لقاءات أمم أفريقيا إلى 5 مباريات فقط. ويحلم منتخب كوت ديفوار بأن يصبح أول منتخب مضيف يتوج بلقب أمم أفريقيا منذ منتخب مصر، الذي حمل كأس البطولة حينما استضافها على ملاعبه عام 2006، لكن مذاق اللقب سيكون ذو طعم خيالي سيظل خالدا في أذهان محبي كرة القدم الأفريقية بكل تأكيد حال استمرت معجزاته الكروية خلال بقية مشواره في المسابقة. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :