تعيش الفلسطينية نعيمة صافي النازحة من مدينة غزة إلى رفح جنوب القطاع حالة خوف وقلق بعد تلويح إسرائيل بشن هجوم على المدينة التي باتت الأكثر اكتظاظا بالسكان في القطاع الساحلي. وتقيم صافي البالغة من العمر (57 عاما) برفقة أربعة من أبنائها وعدد من أحفادها داخل خيمة من البلاستيك أقامها أفراد العائلة قرب السياج الحدودي مع مصر أقصى جنوب القطاع. ومنذ بدء الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي نزح نحو نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى مدينة رفح بحثا عن مكان أكثر أمنا. وزادت عملية نزوح السكان من منازلهم يحملون أمتعتهم أخيرا بعد شن الجيش الإسرائيلي قبل أسابيع واحدة من أكبر وأعنف هجماته على مدينة خانيونس المحاذية لرفح. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أول أمس (الخميس)، بحسب الإذاعة العبرية العامة "تفاخر لواء خانيونس (التابع لكتائب القسام) بأنه وقف في وجه الجيش الإسرائيلي، والآن تم حله ونحن نكمل المهمة في خانيونس وسنصل أيضًا إلى رفح". ووفق الإذاعة فإن الجيش الإسرائيلي يدرك أهمية كبرى لمنطقة رفح في حسم المعركة، مشيرة إلى أن الأنفاق في تلك المنطقة هي المسارات التي تم من خلالها تهريب الترسانة الضخمة من الأسلحة التي تم اكتشافها في غزة. وتقول صافي بينما تجلس قبالة الخيمة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الهجوم الإسرائيلي على رفح في حال تم تنفيذه بوجود مئات الآلاف من النازحين يدفع بالأمور نحو الهاوية. وتضيف صافي التي تضع يدها على خدها أن غالبية سكان القطاع يتواجدون في رفح الملاذ الأخير لهم، والهجوم عليها من شأنه إيقاع عدد كبير من الضحايا. وتعج المدينة التي يصلها المساعدات الغذائية والأدوية من دول أجنبية وعربية ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة عبر معبر رفح البري الحدودي مع مصر بالخيام التي تؤوي النازحين في كل مكان. ويقول الفلسطيني وليد رضوان الذي يعيش مع عائلته المكونة من 6 أفراد في خيمة يضعها على قارعة الطريق لـ((شينخوا)) إن دخول القوات الإسرائيلية إلى رفح يضع النازحين أمام خيارين "الموت أو اجتياز السياج الفاصل نحو مصر". ويضيف رضوان "إن سكان القطاع يعيشون حياة صعبة وأزمات متلاحقة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع" في السابع من أكتوبر الماضي. ويتابع أن غالبية السكان تركوا منازلهم تحت ضربات الطائرات واتجهوا نحو مدارس الإيواء التابعة للأمم المتحدة بحثا عن الأمان، والآن يعيشون في خيمة على الحدود المصرية في ظل الأجواء الباردة والماطرة. ووفق المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة يانس لاركيه فإنه في الأيام الأخيرة "فر آلاف الفلسطينيين إلى رفح التي تستضيف بالفعل أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة". وقال لاركيه خلال مؤتمر صحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، بحسب ما نشره موقع الأمم المتحدة، إن معظم الوافدين الجدد "يعيشون في مبان مؤقتة أو خيام أو في العراء"، مشيرا إلى أن رفح أصبحت الآن بمثابة "وعاء ضغط من اليأس، ونحن نخشى مما سيحدث بعد ذلك". وقوبلت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي باقتراب الجيش الإسرائيلي من شن هجوم على رفح بتنديد ورفض فلسطيني. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنها "تنظر بخطورة بالغة لتصريحات غالانت باقترابهم من بدء حلقة جديدة وبشعة من الإبادة في رفح ومنطقتها بما يعرض حياة أكثر من مليون لخطر كبير ومحقق". وأضافت الوزارة في بيان أن الحكومة الإسرائيلية "لا تُعير أي اهتمام لجميع المناشدات الدولية التي تُجمع على حماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم الإنسانية الأساسية". واعتبر البيان أن المجتمع الدولي "يثبت عجزه وفشله يوميا ليس فقط في وقف الحرب وإنما في الضغط على دولة الاحتلال لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان غزة وتوفير احتياجاتهم الأساسية وتجنيبهم ويلات الحرب". ويعيش السكان في القطاع ظروفا صعبة منذ السابع من أكتوبر الماضي بعد إعلان إسرائيل حربا واسعة النطاق ردا على شن حماس هجوما عسكريا غير متوقع في جنوب أراضيها، أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي. ومنذ ذلك الحين، واصل الجيش الإسرائيلي شن هجماته الجوية والبرية والبحرية على القطاع، ما أسفر عن مقتل أكثر من 27 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
مشاركة :