وفي خامس زيارة يقوم بها إلى المنطقة منذ الهجوم الذي شنّته حماس داخل إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأدى إلى اندلاع الحرب، يتوقع بأن يتوقف بلينكن في السعودية وإسرائيل ومصر وقطر. وشدد قبل الزيارة على ضرورة "الاستجابة بشكل عاجل إلى الاحتياجات الإنسانية في غزة"، بعدما دقّت مجموعات الإغاثة مرارا ناقوس الخطر حيال التداعيات المدمّرة للحرب التي تقترب من دخول شهرها الخامس، على الجيب المحاصر. وقال الفلسطيني سعيد حمودة الذي فر من منزله في جنوب قطاع غزة باتّجاه مدينة رفح الجنوبية الواقعة عند الحدود مع مصر "الوضع لا يمكن وصفه". باتت رفح التي أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق من انفجار الوضع فيها في ظل تفاقم "اليأس" تؤوي أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة بعدما نزحوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية. وقال حمودة "سواء امتلكت مليون أو مئة دولار فالوضع هو ذاته". تقدّم الجيش الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي جنوبا باتّجاه المدينة الحدودية، محذّرا من أن قواته البرية قد تدخل رفح في إطار العملية الرامية "للقضاء" على حماس. وصباح الاثنين، أفادت مصادر فرانس برس عن سماع دوي قصف مدفعي في مناطق شرق رفح وخان يونس، المدينة الرئيسية في غزة. تفيد إسرائيل بأن عناصر حماس أعدّوا في خان يونس لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبأن كبار المسؤولين في حماس يختبئون في المدينة. قُتل 128 شخصا، معظمهم نساء وأطفال، في القصف الإسرائيلي ليل الأحد الاثنين في القطاع المحاصر، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وأكد المكتب الإعلامي التابع لحكومة حماس بأن القصف الإسرائيلي تواصل على وسط وجنوب القطاع الساحلي، بما في ذلك على مسافة قريبة من المستشفيات. وأعلن الجيش الإسرائيلي بأن جنوده واصلوا تنفيذ "غارات مستهدفة" في وسط وشمال غزة. وأضاف أن قواته قتلت في خان يونس "عشرات الإرهابيين الذين نفّذوا كمينا ضد الجنود في أنحاء المدينة". لا يوجد اتفاق بعد ويتوقع بأن يناقش بلينكن لدى وصوله إلى المنطقة مقترح هدنة وُضع خلال اجتماع عقده كبار المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والمصريين والقطريين في باريس الشهر الماضي. بات التحرّك الدبلوماسي أكثر إلحاحا مع ازدياد الهجمات التي تشنّها مجموعات مدعومة من إيران تضامنا مع حماس، ما دفع الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مضادة. ينصّ مقترح الهدنة الجديد على وقف القتال لمدة ستة أسابيع مبدئيا، بينما تفرج حماس عن الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين، وفق مصدر في الحركة الإسلامية. لكن حماس أكدت أنه لم يتم بعد التوصل إلى أي اتفاق بينما أعرب بعض المسؤولين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي تنازلات. اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأسفر عن مقتل نحو 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية. كما احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 132 بينهم ما زالوا في غزة، و27 منهم على الأقل يُعتقد أنهم قُتلوا. وتعهدت إسرائيل القضاء على حماس، وأطلقت هجوما عسكريا واسعا أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27365 شخصا في غزة، معظمهم نساء وأطفال، وفق وزارة الصحة في القطاع. يعيش سكان غزة في ظروف إنسانية قاسية، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر منصة التواصل الاجتماعي إكس إن "هناك محدودية شديدة في الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي وسط القصف المستمر". يطال جدل حاد الأونروا نفسها بعدما اتُّهم 12 من موظفيها بالتورط في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حماس. وعلّقت أكثر من عشر دول، على رأسها الولايات المتحدة، تمويل الوكالة بعد ورود الاتهامات. وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقال الأحد من أن وقف تمويل الأونروا يمثّل تهديدا وجوديا للوكالة التي توفر "مساعدات حيوية لأكثر من 1,1 مليون شخص في غزة يعانون من جوع كارثي وتفشي الأمراض". وأعلنت الأمم المتحدة بأنها ستدقق في عمليات الهيئة. وقبل مغادرته متوجها إلى المنطقة، أفاد بلينكن بأن الأزمة الإنسانية ستكون من بين القضايا التي سيركز عليها. وكشف بأنه قال لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن "التعامل بشكل عاجل مع الاحتياجات الإنسانية في غزة وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط هي أولويات نتشاركها مع السعودية". كانت الدولة الخليجية تفكّر في إقامة علاقات مع إسرائيل قبل اندلاع الحرب. وبعد محادثات أجراها في كانون الثاني/يناير مع الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قال بلينكن إنه لا يزال يرى "اهتماما واضحا" بتطبيع العلاقات. غضب حيال الرهائن تأتي زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط في وقت صرّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير لصحيفة وول ستريت جورنال "بدلا من أن يقدم لنا دعمه الكامل، ينشغل (الرئيس الأميركي جو) بايدن في تقديم المساعدات الإنسانية والوقود (لغزة) التي تذهب لحماس". وجاء ذلك في أعقاب فرض واشنطن عقوبات على أربعة مستوطنين في ظل تصاعد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وفضلا عن الانقسامات ضمن حكومته، يواجه نتانياهو أيضا غضبا شعبيا حيال مصير باقي الرهائن. وتظاهر المئات في تل أبيب السبت للمطالبة بانتخابات مبكرة. وفي اليوم التالي، احتشد العشرات في لندن للفت الأنظار إلى النساء والفتيات المحتجزات لدى حماس. وبحسب نائبة رئيس بلدية القدس فلور حسن ناحوم، لا تزال حماس تحتجز ما بين 17 و20 امرأة وفتاة. وقالت خلال التجمع "كل ما نعرفه هو ان كل يوم اضافي يقضينه في الأسر يزداد حالهن سوءا وتتضاءل فرص خروجهن".
مشاركة :