استطاعت البحوث العلمية أن تصل بالإنسان إلى الفضاء، وأن تقضي على الكثير من الأمراض المعدية، لذا فهي قادرة على الخروج بطرق جديدة لجعل البشر أكثر سعادة، وذلك بفضل ظهور علوم متخصصة مثل علم النفس الإيجابي، حيث قام الباحثون خلال العقد الماضي بعدة دراسات، تهدف إلى ازدهار البشرية، وتسليط الضوء على الأساليب التي تجعل الإنسان أكثر سعادة، وخلص العديد من المؤسسات العالمية إلى عدد من الطرق التي اكتشفت مؤخراً، حول كيف يكون الإنسان أكثر سعادة. وتنسجم الدراسات العالمية مع ما كشفت عنه، عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة الدولة للسعادة، مؤخراً، من أن دولة الإمارات العربية المتحدة بنيت من الأساس على السعادة، وجعلت من السعادة والإيجابية أسلوب حياة ومنهج عمل على مستوى جميع القطاعات الحكومية والخاصة لدولة الإمارات، فكل ما قدمته قيادة الدولة في السنوات الماضية، يهدف إلى إسعاد الناس الموجودين لجعل دولتنا موطناً للسعادة. ولفتت وزيرة الدولة للسعادة خلال لقائها الإعلاميين إلى أن العائد المعنوي من تحقيق السعادة للشعوب يعد أكثر أهمية لدى الحكومات الناجحة من تحقيق العائد المادي، مستشهدة في ذلك بموقف المملكة المتحدة عند تنفيذ قرار إغلاق مكاتب البريد التابعة لها، في إحدى المناطق، حيث إنها كانت تكلفها خسارة مادية كبيرة، فامتنعت الحكومة عن تنفيذ الإغلاق، بعدما وجدت أن سكان هذه المنطقة اتخذوا من هذه المكاتب مجلساً للتجمع فيها، والتعارف فيما بينهم، وتكوين علاقات مفيدة على الجانب الترفيهي المعنوي للسكان. وتقدم الدراسة 10 طرق متعددة تجعل الإنسان أكثر سعادة وهي: ممارسة الامتنان وفق الدراسات العلمية يساعد الشعور بالامتنان أو تقدير الأشياء الجيدة في حياتك، على أن يكون الإنسان أكثر إيجابية في حياته، ما يؤثر على أدائه بشكل أفضل، فالشعور بالامتنان يمنح الدماغ الإيجابية، وبالتالي الحافز للعمل، بينما تعمل الشكوى في الاتجاه المعاكس تماماً حيث تؤدي إلى إصابة الدماغ بالكآبة. التركيز على الحاضر نحن نعتقد أن أحلام اليقظة ممتعة، لكن تظهر الدراسات أن السماح لعقلك بالتعمق في هذه الأحلام سيجعلك شخصاً بائساً، في المقابل فإن التركيز والاهتمام بما نفعله في الوقت الحاضر، مهما كان أمراً بسيطاً يعزز فرص نجاحه، فالتركيز على ما تفعله الآن يهدئ العقل ويمنعه من التفكير بالهموم والماضي والمستقبل المجهول. ممارسة الرياضة وفق أحدث الدراسات فإن ممارسة الرياضة من أفضل الطرق المعززة للشعور بالسعادة، حيث إن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يعمل على طرد الشعور بالكآبة من الجسم وتخفيف الاكتئاب، إلى جانب أن إفراز الجسم للعرق أثناء التمارين الرياضية يرفع من نسبة النواقل العصبية التي تدور في أدمغتنا، ما يقلل الشعور بالإجهاد ويبقي الجسم في صحة جيدة. بسبب تطور الحياة ابتعد الناس عن الطبيعة وأصبحوا من سكان المدن، وقد بين الكثير من الدراسات أن الجلوس في الطبيعة والأماكن الخضراء له تأثيرات إيجابية بشكل عميق على أمزجة البشر، كما أن وضع نبته بسيطة على مكتبك أو صورة للطبيعة أمر له تأثير في زيادة نسبة السعادة لدى الأفراد. كن لطيفاً وفق مجموعة من البحوث الحديثة، فإن مد يد العون للآخرين ومساعدتهم وفعل الخير، كلها أمور لها تأثير كبير في تعزيز الشعور بالسعادة. حيث أوضح ريتشارد ديفيدسون، مؤسس مركز العقول السليمة في جامعة ولاية ويسكونسن، أن هناك مجموعة كبيرة من البيانات التي أظهرت أن الإنسان عندما يشارك الأفراد في فعل الخير ومساندة ودعم الآخرين، فإنه يحفز عمل الدماغ بشكل إيجابي، ما يشكل مفتاحاً لزيادة مستوى السعادة في نفوس البشر. تواصل أكثر البشر هم مخلوقات اجتماعية بطبعها، لذا ليس من المستغرب أن التواصل مع الناس يجعلنا أكثر سعادة، حيث كشفت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون يوماً عصيباً، يمكنهم تعديل مزاجهم من خلال الاجتماع مع الأصدقاء بأقرب فرصة ممكنة خلال اليوم، بل إن التواصل مع الناس يجعلنا أكثر سعادة. كما أظهرت بحوث أخرى أجريت في جامعتي فرجينيا وهرفارد أن دعم الآخرين في مسائل الزواج أو المسائل المهنية يجعلنا أكثر سعادة. الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لا شك في أن التواصل مع الأصدقاء يعزز سعادتك من خلال التواجد معهم، ومن المرجح أن يكون لوسائل التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك الذي يجمعك بالأصدقاء تأثير إيجابي على عقول البشر، لكن التصفح لأخبار أشخاص مجهولي الهوية على هذه الوسائل له تأثير عكسي أيضاً، فقد تبين من خلال الدراسات أن هذا التصفح يزيد من مشاعر الحسد والوحدة وانخفاض نسبة الرضا عن الحياة. كما وجدت إحدى الدراسات أن الامتناع عن زيارة موقع الفيس بوك يؤدي إلى حياة أفضل، لذا راقب مدى الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي. ترتيب أمورك المادية قد نظن أن الرغبة بامتلاك الكثير من الأشياء أمر يسعدنا، لكن الواقع أن الدراسات أثبتت أيضاً أن ترتيب أمورك المادية بشكل صحيح ووفق وعيك الكامل باحتياجاتك ومتطلباتك يوفر لك الشعور بالسعادة، وكذلك المحافظة على طريقة الإنفاق الصحيحة والابتعاد عن إغراءات الإعلانات قدر المستطاع. يعتقد الكثيرون أن الإنفاق على شراء الأشياء المادية مثل جهاز التلفزيون سيقدم لنا الشعور بالسعادة، لكن أثبت العلم أن الإنفاق على الخبرات بدلاً من الأشياء هو الذي يساعدنا للحصول على سعادة أكبر، مثل الإنفاق على السفر، الذي سيقدم لنا متعة التخطيط للرحلة وهو الأمر الذي تكشف الأبحاث أنه أكثر إمتاعاً من الرحلة نفسها، كما أن السفر فرصة لتخليد الذكريات السعيدة، لذا فهي سبب للسعادة أكثر من تلك التي نحصل عليها عند التسوق في مركز تجاري. رتب طريقة تنقلك عندما يصنف الباحثون الأنشطة التي تجلب لنا السعادة، يأتي نشاط التنقل في آخر القائمة، خاصة مع ازدياد الازدحام في الشوارع، حيث يعلق عالم النفس في جامعة هرفارد، الدكتور دانيال غيلبرت، على أن القيادة وسط حركة المرور الحالية هو نوع مختلف من الجحيم نمر به كل يوم، لذا تنصح الدراسات العلمية والخبراء بشراء منزل بعيد عن الازدحام، وعن أماكن العمل، والتنقل باستخدام الدراجات أو المترو، الأمر الذي يجنبنا التوتر المستمر.
مشاركة :