تواصلت المساعي الدولية من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ودعم جهود الحل السياسي للقضية الفلسطينية، مع التأكيد على حل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء العنف بشكل دائم، وتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، أن هناك «بعض التحرك» إزاء اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، فيما يواصل وزير خارجيته أنتوني بلينكن، خلال جولة في المنطقة، مساعي التوصل إلى أول هدنة طويلة الأمد للحرب الدائرة في قطاع غزة. وأشارت مصادر عدة إلى أن الفصائل الفلسطينية قدمت رداً إيجابياً على مبادرة الهدنة، التي تتوسط فيها مصر وقطر، أملاً في إنهاء الحرب، وتوفير المساعدات وتبادل الأسرى. وقال بلينكن إن الولايات المتحدة تراجع رد الفصائل الفلسطينية على إطار لاتفاق يقضي بإطلاق سراح رهائن مقابل وقف طويل للقتال في غزة. وأضاف أن واشنطن ستستخدم كل الأدوات المتاحة للتوصل إلى وقف مؤقت للقتال، على أن يسبقه إطلاق سراح ما يزيد على 100 رهينة. وذكر بلينكن أنه «لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، لكننا ما زلنا نعتقد أن التوصل إلى اتفاق ممكن، وضروري بالفعل». وأضاف أن الولايات المتحدة عازمة على استغلال أي هدنة في فتح مسار دبلوماسي للمضي قدماً نحو «سلام عادل ودائم» في الشرق الأوسط. والتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، ضمن جولة مكوكية مدتها 48 ساعة تشمل أربع دول سعياً لأول هدنة طويلة الأمد للحرب الدائرة في قطاع غزة. ووصل بلينكن إلى إسرائيل بعد منتصف ليل أمس. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم لا يعلمون ما إذا كان سيتسنى التوصل لاتفاق هدنة خلال الجولة، لكنهم أشاروا إلى أنها أول محاولة جادة منذ بدء الحرب قبل أربعة أشهر لوقف القتال لمدة طويلة. ويأمل الفلسطينيون أن تفضي محادثات بلينكن إلى اتفاق بوقف إطلاق النار قبل أن تقتحم القوات الإسرائيلية مدينة رفح جنوب غزة، حيث يعيش أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في مبانٍ عامة وخيام. ومن شأن اتفاق الهدنة الذي طرحه قبل أكثر من أسبوع رئيسا المخابرات الأميركية والإسرائيلية خلال اجتماع مع مسؤولين مصريين وقطريين، أن يؤدي إلى إطلاق سراح بقية الرهائن المحتجزين في غزة مقابل وقف طويل للقتال. وينص اقتراح وقف إطلاق النار، كما وصفته مصادر قريبة من المحادثات، على هدنة لمدة 40 يوماً على الأقل يجري خلالها الإفراج عن المدنيين من بين الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة، ثم يأتي في مرحلتين لاحقتين تسليم الجنود والجثث، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية. واستمرت الهدنة الوحيدة بالصراع لأسبوع واحد في نوفمبر الماضي. وخلال الأيام القليلة الماضية، سعت دول غربية عدة إلى تأكيد ضرورة التوصل لحل يسمح للإسرائيليين والفلسطينيين بالعيش في دولتين منفصلتين، تتمتعان بالسيادة، وسط دعوات فلسطينية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، لتنفيذ خطة سلام شاملة يتم تنفيذها بضمانات دولية وجدول زمني محدد. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مكالمة هاتفية، أمس الأول، إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لسلام دائم في الشرق الأوسط. كما أكد وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، خلال جولة في المنطقة شملت إسرائيل الأسبوع الجاري، على تأييد بلاده لحل الدولتين. وهو موقف كرره رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز. وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور جهاد الحرازين، على أن حل الدولتين يشكل الأساس الوحيد لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وعودة الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، وأن الحلول الأمنية والعسكرية لن تحق الأمن والسلام لإسرائيل، ولا الحياة الطبيعية بين الدول. واعتبر الحرازين أنه أصبح هناك موقف دولي وأوروبي بأن الدولتين هو الحل الأمثل، ولابد من الضغط الدولي من مجلس الأمن والأمم المتحدة، لدفع إسرائيل للقبول بحل الدولتين، وتستجيب وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية. وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ذكر أن بلاده ستنظر في الاعتراف بدولة فلسطينية للمساعدة في إنهاء الحرب مع إسرائيل. وأضاف كاميرون في حفل استقبال، الأسبوع الماضي، في وستمنستر للسفراء العرب في لندن، أن هذه الخطوة ستساعد في جعل حل الدولتين عملية «لا رجعة فيها» لإنهاء الحرب. من جهته، أشار الخبير في شؤون الشرق الأوسط الدكتور طارق فهمي، إلى إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، أن بريطانيا تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية مع حلفائها والأمم المتحدة، والقبول بحل الدولتين، يشكل خطوة بالغة الأهمية، وربما سيبنى عليه خلال الفترة المقبلة. وشدد فهمي، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أن حل الدولتين هو الأمثل، وتطرحه الدول العربية في إطار حل أشمل للقضية الفلسطينية، معتبراً أن حل الدولتين مقبول الآن وفق الأفكار المطروحة، ويتم التسويق له بصورة كبيرة.
مشاركة :