يتعرض سكان المثلث السني في العراق إلى جرائم ممنهجة، تستهدف كل ما يتصل بهم فقد تصاعدت الاعتداءات التي ترتكبها ميليشيات الحشد الشعبي، الموالية للحكومة العراقية ضد سكان المناطق السنية وممتلكاتهم ومساجدهم. وأصبحت العشائر السنية التي تسكن في مناطق يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي أو بالقرب منها، تتخوف من التعرض لممارسات لا تقرها الأعراف والمواثيق. ويعيش السنة في العراق بين خطرين الأول وهو المتمثل في تنظيم «داعش» الإرهابي والثاني الخطر الذي يمثله الحشد الشعبي الطائفي، الذي يريد القضاء على السنة وجعل العراق محافظة تابعة لإيران. وتقاتل ميليشيات الحشد الشعبي مع القوات الحكومية لإخراج «داعش» الإرهابي من المناطق التي سيطر عليها، لكن اعتداءاتها على سكان المناطق التي تخرج منها العناصر الإرهابية تكررت، وكان آخرها إعدام نازحين وتفجير المساجد في ديالى أمام أنظار الأجهزة الأمنية مكررة هذه الجرائم بعد أن ارتكبتها في نينوى والرمادي وتكريت يضاف إليها عمليات النهب والسلب لممتلكات السنة وهي جرائم موثقة بالصوت والصورة. ولعل الحرب على الإرهاب شكلت الذريعة الأساسية لما يسمى الحشد الشعبي، والتي لا تمثل سوى ميليشيات شيعية مسلحة تنفذ خطة فصلت وحيكت خيوطها بتوجيهات القابعين في طهران، بما ينسجم مع المخططات الإيرانية، إذ تتبنى نهجا تدميريا يسعى للتطهير العرقي للمناطق ذات الأغلبية السنية، حيث كانت المعارك التي شهدتها تكريت وصلاح الدين وديالى أبرز دليل على الأهداف الإيرانية المغرضة، إذ تجاهر هذه الميليشيات ذات الصبغة الطائفية بالولاء لطهران التي تؤمن لها الدعم المالي واللوجستي إلى جانب التسليح والتدريب. مما دفع بمطالبة المجتمع الدولي بوضع حد للتصرفات الطائفية البغيضة للحشد الشعبي العراقي ضد مناطق سنية في العراق، وتحديدا تلك التي تجاور إيران، وذلك بعد أن انكشف مخطط هذا الحشد الطائفي في تهجير السنة من مناطقهم وإحلال شيعة مكانهم في تغيير ديمغرافي متعمد مصدره إيران، والداعمة الأولى لهذا الحشد. ومن جانبه طالب النائب العراقي، طارق كردي، رئيس الحكومة حيدر العبادي، ووزير الدفاع خالد العبيدي، إلى التعامل بحزم مع الميليشيات، مؤكدا أن الحكومة تعلم بانتهاكاتها وتتستر عليها وهي بذلك تلحق الأذى بالناس مثل الميليشيات. وأشار إلى أن اللجنة التنسيقية قررت عدم السكوت عن جرائم الميليشيات بعد الآن والتحرك في عدة اتجاهات لحماية أهالي ديالى وباقي مناطق أهل السنة، منها رفع دعاوى قضائية لمقاضاة المسؤولين الأمنيين في بغداد وديالى لتهاونهم في السماح للميليشيات بالسيطرة على عدة مناطق في العراق وارتكاب الجرائم، إضافة إلى التحرك دوليا لعرض حقيقة ما يجري في العراق على يد الميليشيات، وتهميش الحكومة لأبناء المكون. وذكر أنه فعلا بدأ تدويل القضية وتوجه وفد سياسي إلى الأمم المتحدة وسلمه لجنة حقوق الإنسان ملفات ووثائق تكشف الجرائم البشعة التي ترتكبها ميليشيات الشيعية بحق السنة وقد فاقت في بشاعتها الجرائم التي يرتكبها «داعش» الإرهابية. وفي السياق ذاته ، اعتبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: «إن حالة الفشل التي تعاني منها الحكومة العراقية في مواجهة الجرائم الطائفية التي تحدث في العراق هي المسبب الأكبر لانتشار الإرهاب الذي يهدد المنطقة بأسرها». وحملت المنظمة حكومة حيدر العبادي المسؤولية الكاملة عن الجرائم الطائفية التي يعيشها العراق ودعت إلى حل ميليشيا الحشد الشعبي باعتبارها تنظيما إرهابيا، كما دعت مجلس النواب العراقي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وسن قانون يمنع قيام ميليشيات أيا كان مسماها. وركزت المنظمة في تقرير لها رفعته إلى الأمم المتحدة، بروايات شهود عيان، كان أبرزهم ضابط في الشرطة العراقية في محافظة صلاح الدين، حيث تحدث عن جرائم عديدة ترتكبها ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية الموالية للحكومة ،بحق النازحين السنة الذين عادوا إلى مدينة تكريت وقضاء الدور في المحافظة بعد استعادتهما من «داعش» الإرهابية لافتا إلى أن هذه الجرائم تشمل: سرقات وعمليات اغتصاب واختطاف. الضابط العراقي قال : إن مئات العائلات عادت إلى مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين، وإلى قضاء الدور بعد أشهر من سيطرة القوات الحكومية وميليشيات الحشد الشعبي عليهما، إلا أن العائدين يواجهون حالات من الاستفزاز يمارسها بحقهم عناصر من هذه الميليشيات حيث يتركونهم في الشمس الحارقة لساعات؛ بحجة البحث في أسمائهم قبل الموافقة على دخولهم إلى المدينة أو القضاء، والاستقرار فيهما. ملايين المثلث .. إلى أين ؟ المثلث السني تسمية تطلق على منطقة وسط العراق شمال وشرق وغرب العاصمة بغداد أكثر ساكني هذه المنطقة من العرب السنة. يتكون المثلث من أربع محافظات عراقية من محافظة ديالى شرقا ومحافظة بغداد جنوبا ومحافظة الأنبار غربا ومحافظة صلاح الدين شمالا، يبلغ عدد سكان هذا المناطق 10 ملايين نسمة. تتكون المدن الرئيسية في هذا المثلث على التوالي من العاصمة بغداد والرمادي وتكريت ومن الجدير بالذكر أن المثلث يتضمن مدن بعقوبة وسامراء والفلوجة. منذ سقوط بغداد في 9 أبريل 2003 والإطاحة بحكم الرئيس السابق صدام حسين أصبح هذا المثلث مركزا رئيسا لنشاطات المقاومة العراقية والجماعات المسلحة ضد القوات الأمريكية. مصطلح المثلث السني كان موجودا قبل غزو عام 2003 ولكن استعماله لم يكن شائعا حيث استخدمه لأول مرة الباحث الأكاديمي العراقي عباس الكليدار في السبعينات ثم استخدمه بعده مفتش الأسلحة التابع لـ «الأمم المتحدة» سكوت ريتر في مقالة كتبها لصحيفة سان فرانسيسكو كرونكل في 14 سيبتمبر 2002 حيث كتب «للوصول إلى بغداد يجب علينا أن نخترق المثلث السني» واكتسب هذا المصطلح شهرة عندما نشرت افتتاحية في صحيفة نيويورك تايمز في 10 يونيو 2003. منظمات: «الشعبي» يذبح السنة وفقا لمنظمات عالمية، فإن جرائم الحشد الطائفي تتمثل باستهداف الأبرياء والتنكيل بالعزل، وفق مذابح ممنهجة يتم فيها إعدام المواطنين السنة في محافظة ديالى، وتفجير المساجد السنية وبخاصة في قضاء المقدادية الذي يقطنه نحو نصف مليون مواطن، وذلك ما دفع تلك المنظمات إلى مطالبة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بوضع حد لتقاعسه عن مواجهة ميليشيات الحشد الشعبي وشددت على ضرورة قيام التحالف الدولي ومجلس الأمن باتخاذ تدابير حازمة مع البلدان الأخرى في المنطقة لإحباط التدخلات الإيرانية في العراق. وأفادت منطمات حقوقية، بأن ميليشيات الحشد الشعبي تشرف حاليا على أكثر من 24 سجنا بطريقة غير شرعية وتمارس بحق المعتقلين أفظع الانتهاكات. وقد برزت بوضوح الأصوات التي طالبت بحل هذا الحشد في الفترة الأخيرة خاصة بعد تفجيرات طالت 10 مساجد سنية في المقدادية وإعدام 90 شابا من أهالي المقدادية أيضا، وهذه المعلومات أكدها تقرير «المنظمة الأوروبية لحرية العراق» الذي طالب المرجعية الشيعية بقيادة علي السيستاني بالتدخل الفوري لحل الحشد على وجه السرعة ومنع أعماله التي وصفها التقرير بالوحشية.
مشاركة :