وفي خطوة تفاقم المخاوف حيال نزاهة الاقتراع، أعلنت السلطات تعليق خدمات الهواتف المحمولة عبر البلاد "للمحافظة على القانون والنظام" بعد حملة انتخابية شهدت أعمال عنف دامية بينها انفجاران الأربعاء أسفرا عن مقتل 28 شخصا. وتوقّعت الاستطلاعات أن تكون نسب المشاركة منخفضة في أوساط الناخبين المؤهلين للتصويت بعد حملة انتخابية باهتة خيّم عليها سجن رئيس الوزراء السابق عمران خان والسجالات بين حزبه "حركة إنصاف" والمؤسسة العسكرية. ويُتوقع أن يفوز حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية-جناح نواز" بمعظم المقاعد الخميس، مع إشارة محللين إلى أن مؤسسه نواز شريف البالغ 74 عاما نال رضا الجنرالات. وخارج مركز اقتراع في إسلام أباد، أكدت طالبة علم النفس البالغة 22 عاما حليمة شفيق أنها عازمة على الإدلاء بصوتها. وقالت لوكالة فرانس برس "أؤمن بالديموقراطية. أريد حكومة يمكنها جعل باكستان أكثر أمانا بالنسبة إلى الفتيات". لكنّ ناخبا آخر عبّر عن الشكوك ذاتها التي تراود كثر. وقال عامل البناء سيد تصوّر (39 عاما) "مصدر قلقي الوحيد يتمثّل في مسألة إن كان سيحسب صوتي للحزب الذي أدليت به من أجله. في الوقت ذاته، بالنسبة إلى الفقراء، لا فرق في من يحكم. نحتاج إلى حكومة يمكنها السيطرة على التضخم". فتحت مراكز الاقتراع عند الثامنة صباحا (03,00 ت غ) ومن المقرر أن تغلق أبوابها تمام الساعة 17,00 مع مهلة ساعة إضافية للناخبين الموجودين داخل المراكز. ونُشر أكثر من 650 ألف عنصر من الجيش والقوات شبه العسكرية والشرطة لتأمين الانتخابات التي شهدت أعمال عنف. "إجراءات أمنية" قُتل 28 شخصا على الأقل الأربعاء وأصيب أكثر من 30 بجروح في تفجيرين وقعا خارج مكاتب مرشحين في جنوب غرب باكستان، تبناهما تنظيم الدولة الإسلامية بعد ساعات. وقال ناطق باسم وزارة الداخلية "خسرنا أرواحا ثمينة" في الهجمات الأخيرة في باكستان، مضيفا أن "الإجراءات الأمنية ضرورية للمحافظة على القانون والنظام والتعامل مع أي تهديدات محتملة". وأفاد في بيان "اتّخذ قرار بتعليق خدمة الهواتف المحمولة عبر البلاد موقتا". بدورها، حذّرت منظمة "نتبلوكس" المعنية برصد الإنترنت في أنحاء العالم من أن تعليق الخدمة يهدد نزاهة الانتخابات. وقال مدير المنظمة آلب توكر لوكالة فرانس برس إن "الممارسة بطبيعتها غير ديموقراطية ويعرف عنها أنها تحد من عمل مراقبي الانتخابات المستقلين وتؤدي إلى وقوع تجاوزات في عملية التصويت". وأضاف أن "قطع الإنترنت القائم يوم الانتخابات في باكستان يعد من أكبر (الانقطاعات) التي شهدناها في أي بلد لجهة شدته وحجمه". وذكرت وزارة الخارجية أنه سيتم أيضا إغلاق الحدود البرية مع إيران وأفغانستان المجاورتين أمام حركة السير الخميس كإجراء أمني. ويتنافس حوالى 18 ألف مرشح للفوز بمقاعد في البرلمان الوطني وأربعة مجالس محافظات. تجري المنافسة على 266 مقعدا في البرلمان الوطني (مع 70 مقعدا إضافيا مخصصا للنساء والأقليات) و749 مقعدا في البرلمانات الإقليمية. انقلاب الحال تذكّر انتخابات الخميس باقتراع العام 2018 لكن مع انقلاب الحال. فحينذاك، استُبعد شريف من الترشح بسبب إدانته بالفساد في قضايا عدة بينما وصل خان إلى السلطة بفضل دعم الجيش له وتمتّعه بتأييد شعبي. وقال المدير التنفيذي لمجموعة "غالوب باكستان" للاستطلاعات بلال غيلاني إن "تاريخ الانتخابات الباكستانية مليء باتهامات التزوير لكن أيضا محاباة حزب سياسي معين. شهد العام 2018 ظروفا مشابهة جدا". وأضاف "إنها ديموقراطية موجّهة يديرها الجيش". لكن بخلاف الانتخابات الأخيرة، حُذف اسم حزب المعارضة من بطاقات الاقتراع، ما أجبر مرشحي حركة إنصاف على الترشّح كمستقلين. وحُكم على خان، لاعب الكريكت الدولي السابق الذي قاد باكستان للنصر في كأس العالم عام 1992، بالسجن لفترات طويلة بتهم الخيانة والفساد إلى جانب زواج غير شرعي. ويشير محلّلون إلى أن مساعي تشويه سمعة خان تعد دليلا على حجم القلق في أوساط الجيش من احتمال تأدية المرشحين الذين اختارتهم حركة إنصاف دورا حاسما في انتخابات الخميس. وما لم يحصل شريف على الأغلبية التي تمكنه من الحكم، سيتولى السلطة على الأرجح من خلال ائتلاف مع شريك أو أكثر أصغر، بما في ذلك "حزب الشعب الباكستاني"، وهو حزب عائلي يقوده بيلاوال بوتو زرداري. وأشارت الاستطلاعات إلى أن الانتخابات تركت لدى السكان شعورا "بالإحباط" إلى حد غير مسبوق منذ سنوات. ويؤكد مراقبون أن الفائز سيرث دولة تعاني انقسامات عميقة واقتصادا منهارا. ووصل معدل التضخم إلى نحو 30 في المئة بينما الروبية في حالة انهيار منذ ثلاث سنوات فيما أدى العجز في ميزان المدفوعات إلى تجميد الواردات وعرقلة النمو الصناعي بشكل كبير.
مشاركة :