بصوت يشوبه الترقب واللهفة، تسأل طفلة سورية لاجئة في رسالة صوتية والدها الذي هاجر إلى أوروبا وانقطعت أخباره، «يا أبي، إنت وين (أين أنت)؟ في تركيا أو في السويد؟ وين إنت؟». الرسالة جزء من فيلم قصير للأردنية تانيا حبجوقة بعنوان «سورية من خلال الواتساب»، يعرض الى جانب أعمال للسوري عمر امام والفرنسية المغربية الراحلة ليلى علاوي، ضمن معرض في دبي بعنوان «إذا رحلت الى أين أذهب؟». ويروي المعرض المستمر حتى السابع من نيسان (أبريل) الجاري، والذي أقيم تكريماً للفرنسية المغربية الراحلة ليلى علاوي التي قتلت في كانون الثاني (يناير) الماضي في هجوم نفذه متطرفون على فندق في بوركينا فاسو، عبر صور وأفلام قصيرة، معاناة اللاجئين، لا سيما السوريين الذين تقطعت أوصالهم جراء نزاع شرد الملايين منهم بين المخيمات ودروب الهجرة. وتجمع حبجوقة بين صور لأطفال سوريين في مخيمات اللجوء وعائلات وأشخاص غادروا إلى أوروبا وتسجيلات عبر تطبيق محادثات «واتساب»، تطبيق المحادثة الفورية عبر الهواتف الذكية، والذي بات من وسائل الاتصال النادرة بين العائلات السورية. اما التسجيلات، فيتبادل فيها الآباء والأبناء أحاديث عادية باتت بحكم البعد القسري والانقطاع عن الاتصال، أكثر عاطفة. ومن بينها طفلة تطلب من والدها أن يشتري لها «فستاناً»، وآخر يبكي وهو ينادي «بابا، بابا». واندفع عشرات آلاف اللاجئين، معظمهم سوريون، نحو أوروبا في الأعوام الماضية في رحلة محفوفة بالمخاطر من تركيا الى اليونان على متن قوارب صغيرة غير آمنة، ما أدى الى مقتل المئات منهم على أمل في مستقبل أكثر أماناً لهم ولعائلاتهم. ويقول مدير غاليري «إيست وينغ» حيث يقام المعرض إيلي ضومط «هذه قصة اليوم، هذه قصة كل الأيام»، مضيفاً أن هدفه هو البحث في «كيف يمكننا المساهمة في ما يجري (...) هذا ليس خطاباً سياسياً، لكننا في سياق خطاب إنساني». ويشارك المخرج السوري عمر إمام من خلال مشروعه «عيش، حب، لاجىء» الذي يركز على الحال النفسية للاجئين، من خلال صور بالأبيض والأسود لسوريين يحاولون التأقلم مع ظروف النزوح. ومن هؤلاء لاجئة تجلس الى طاولة وضعت عليها صحون فارغة، وإلى جانبها شخص يحمل صحنا عليه حشائش. وكتب اسفل الصورة «لم يكن متوافراً سوى الحشيش، لكنني لم أكن قادرة على ابتلاعه. إلا انني أرغمت نفسي على القيام بذلك أمام الأطفال ليتقبلوه كطعام»، في إشارة الى اضطرار العديد من السوريين لتناول الحشيش نتيجة الحصار. ويقدم إمام فيلماً قصيراً بعنوان «تسعة ونصف» يحكي قصة طفلة لم يتبق لها سوى صورة تذكارية مع والديها، ويقول «أردت أن أجسد أشخاصاً حقيقيين يحاولون العيش وتخطي المشكلات الذهنية»، مضيفاً «أُقدم تحليلاً بديلاً لجمهور مهتم بالتعرف أكثر على العالم السوريالي للسوريين». ويتابع المخرج الذي غادر سورية في العام 2012، «تشارك المعرفة ليس ترفاً للمثقفين، بل هو حاجة أساسية لحماية أنفسنا من الجهلة والإرهابيين. هذا ليس خيالاً، انا كنت على وشك ان أفقد حياتي في دمشق، في حين أن ليلى فقدتها فعلاً». ويعرض شريط قصير لعلاوي بعنوان «معابر» تروي فيه الصعوبات التي يواجهها المهاجرون الأفارقة من مناطق جنوب الصحراء الكبرى إلى أوروبا.
مشاركة :