وبعد أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، باتت رفح القريبة من الحدود مع مصر، والتي تؤوي أكثر من مليون نازح فرّوا من الدمار والمعارك في باقي مناطق القطاع المحاصر، محور الترقب بشأن المرحلة المقبلة. في غضون ذلك، يبقى القلق على حاله من احتمال التصعيد إقليميا، خصوصا في شمال إسرائيل حيث سقطت صواريخ ليل الخميس بعد تأكيد الدولة العبرية استهداف مسؤول عسكري في حزب الله بضربة جوية في مدينة النبطية بجنوب لبنان، وفي اليمن حيث شنّ الجيش الأميركي ضربات جديدة على مواقع للحوثيين. وأنهى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس جولة إقليمية هي الخامسة له منذ اندلاع الحرب، سعى خلالها للدفع في اتجاه هدنة طويلة تتيح الافراج عن الرهائن لدى حماس وإيصال المزيد من المساعدات. وتواصل واشنطن العمل على التوصل لصيغة اتفاق بالتعاون مع الدوحة والقاهرة. على رغم ذلك، يستمر القصف الإسرائيلي المكثف خصوصا على مدينة رفح حيث يقيم أكثر من 1,3 مليون شخص، وفق الأمم المتحدة. وغالبية هؤلاء هم نازحون من مدينتي غزة وخان يونس خصوصا. وأفاد شهود وكالة فرانس برس بتسجيل غارات جوية مكثفة ليل الخميس الجمعة في وسط القطاع وجنوبه. وأشارت وزارة الصحة التابعة لحماس الى مقتل أكثر من 100 شخص جراء القصف الإسرائيلي في مختلف أنحاء القطاع خلال الليل، بينهم ثمانية في رفح. وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني مقتل ثلاثة أطفال على الأقل في رفح. ردّ إسرائيلي "مفرط" وتدرجت العمليات العسكرية الإسرائيلية بداية من شمال القطاع ومدينة غزة، وصولا الى المناطق الوسطى خصوصا مخيمات اللاجئين، وبعدها خان يونس التي تشهد منذ أسابيع قصفا مكثفا ومعارك ضارية. وعلى رغم تعرضها للقصف، تبقى رفح في منأى نسبيا عن العمليات العسكرية المباشرة والتدمير الواسع. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أكد الأربعاء أنه أمر الجيش بـ"التحضير" لهجوم على رفح، ما أثار مخاوف دولية على مصير المدنيين. وحذّرت الولايات المتحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسيا وعسكريا في الحرب، من وقوع "كارثة" في رفح. وقال نائب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إنّ واشنطن "لم ترَ بعد أيّ دليل على تخطيط جاد لعملية كهذه"، محذّراً من أنّ "تنفيذ عملية مماثلة الآن، من دون تخطيط وبقليل من التفكير في منطقة" نزح إليها مليون شخص، "سيكون كارثة". وبعد ساعات من ذلك، وجّه بايدن انتقادا ضمنيا نادرا الى إسرائيل. وقال بايدن خلال مؤتمر صحافي ردّاً على سؤال إن "الردّ في غزة... مفرط"، مؤكدا أنه بذل جهودا منذ بدء الحرب لتخفيف وطأته على المدنيين. واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية. كذلك، احتُجز في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 132 بينهم ما زالوا في غزة، و29 منهم على الأقلّ يُعتقد أنهم قُتلوا، بحسب أرقام صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتردّ إسرائيل بحملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 27840 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس. وبعيد اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل تشديد حصارها المفروض على غزة. ويشهد القطاع أوضاعا انسانية كارثية مع شحّ المساعدات التي تؤكد المنظمات الانسانية الدولية أنها تبقى أقل بكثير من حاجات السكان. وحذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الخميس من أن حياة مئات الآلاف عرضة للخطر في شمال قطاع غزة ووسطه بسبب نقص الغذاء. وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن آخر مرة سُمح فيها للوكالة بتسليم إمدادات إلى المنطقة كانت في 23 كانون الثاني/يناير. وقال "لقد حددت الأمم المتحدة جيوبا عميقة تعاني المجاعة والجوع في شمال غزة... يعتمد ما لا يقل عن 300 ألف شخص يعيشون في المنطقة على مساعداتنا من أجل بقائهم على قيد الحياة". حراك دبلوماسي بموازاة المسار العسكري، تستمر الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب. وغادر بلينكن المنطقة الخميس من دون إعلان التوصل الى هدنة طويلة، على رغم تأكيده وجود امكانية لتحقيق ذلك. وبدأت في القاهرة الخميس مباحثات جديدة تقودها مصر وقطر سعيا للتوصل الى اتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل، بعد رفض الأخيرة مقترحات للحركة بشأن هذا الاتفاق في وقت سابق هذا الأسبوع. الى ذلك، شدد وزراء خارجية السعودية وقطر والإمارات والأردن ومصر، على ضرورة اتخاذ خطوات "لا رجعة فيها" لإقامة دولة فلسطينية، خلال اجتماع عقدوه ليل الخميس في السعودية. وأفاد وكالة فرانس برس مصدران دبلوماسيان مطلعان على التحضيرات للاجتماع، أن الهدف منه كان صياغة موقف عربي موحّد بشأن الحرب. وأكد المجتمعون "ضرورة إنهاء الحرب على قطاع غزة والتوصل إلى وقف فوري وتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي، ورفع كافة القيود التي تعرقل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع"، وفق وكالة "واس" السعودية الرسمية. وأبرزوا "أهمية اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية"، مؤكدين أن قطاع غزة "جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وعن رفضهم القاطع لكافة عمليات التهجير القسري". الى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ حوالى 30 صاروخاً أُطلقت ليل الخميس-الجمعة من لبنان باتجاه شمال الدولة العبرية بعيد ساعات على إصابة قيادي عسكري في حزب الله بجروح خطرة في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته في مدينة النبطية بجنوب لبنان. وقال متحدث باسم الجيش "بوسعنا أن نؤكّد أنّ نحو 30 صاروخاً أطلقت من لبنان باتجاه منطقتي عين زيتيم ودالتون في شمال إسرائيل"، مؤكدا عدم تسجيل "إصابات بشرية". وأتى القصف بعيد تأكيد الجيش أنّه شنّ الخميس ضربة جوية استهدفت "قيادياً" عسكريا في حزب الله، يتهمه بالضلوع في الهجمات الصاروخية التي يشنّها نحو إسرائيل منذ اندلاع حرب غزة. ولم يعلّق الحزب على الضربة لكنه تبنى لاحقا "استهداف قاعدة ميرون الجوية" بالصواريخ "رداً على الاعتداءات الصهيونية على القرى والمدنيين وآخرها العدوان على مدينة النبطية". وليل الخميس الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة استهداف أربعة زوارق مُسيّرة مفخّخة وسبعة صواريخ كروز كانت "جاهزة للإطلاق ضد سفن بالبحر الأحمر" من جانب المتمردين الحوثيين في اليمن. وقالت القيادة المركزية الأميركية إن هذه الزوارق والصواريخ قد رصِدت "في مناطق باليمن يُسيطر عليها الحوثيّون" وكانت تمثّل "تهديدا وشيكا". ومنذ 19 تشرين الثاني/نوفمبر، نفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، قائلين إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة. شنّت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة ثلاث موجات ضربات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن منذ 12 كانون الثاني/يناير. وتقول واشنطن ولندن إن الضربات هدفها تقليص قدرات الحوثيين على تهديد حركة الملاحة.
مشاركة :