لا يكفى العدد الغفير والعتاد الغزير لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لأى حرب. يُستخدم العدد والعتاد لتقدير موازين القوى نظريًا. ولكن فاعليتهما فى قلب الميدان تحتاج إلى خطةٍ واضحة. وبمقدار ما تُفتقد الخطة الواضحة والدقيقة، يزداد التخبط فى الميدان مهما بلغ عدد المقاتلين وعتادهم. يستطيعون فى هذه الحالة قتل أعداد هائلة من المدنيين. ولكنهم لا يقدرون على تحقيق نصر استراتيجى مهما كانت قلةُ عدد من يواجهونهم وتواضع عتادهم بل بدائيته, كما يحدث فى العدوان على قطاع غزة. ولهذا فإن أردنا التعبير عن حالة الكيان الصهيونى فى هذا العدوان بكلمة واحدة فهى التخبط. إنهم يتخبطون فى كل اتجاه ويضربون بطريقةٍ عمياء حينًا، وانتقاميةٍ حينًا آخر، فى غياب خطة واضحة. فإن أصابوا موقعًا يوجد به مقاومون فلسطينيون، فما هى إلا صدفة. وقل مثل ذلك فى حالة العثور على مداخل أنفاق هنا أو هناك. ويبلغ التخبط ذروته الآن بشأن كيفية إنهاء العدوان. نجدُ هذا التخبط مثلاً فى تصورات المُعتدين للوضع الذى يريدونه ويتخيلون أنه يحقق لهم أمنًا فى اليوم التالى لهذا العدوان. يتصورون أن فى إمكانهم تحقيق ما يُسمونها سيطرةً أمنية كاملة على القطاع بعد انتهاء العدوان, ويُعدون فى الوقت نفسه لإقامة منطقة عازلة فى داخله. ولأنهم يتخبطون فهم لا يعون أن تلك السيطرة المُتخيلة تُغنى عن هذه المنطقة، لأنها تمنع عمليات المقاومة من «المنبع». فمن يُنشئ منطقةً عازلةً يتوقعُ هجمات ضده، وهذا يعنى أنه لا يُسيطر على الأراضى التى ستُشن منها هذه الهجمات. وهذا فضلاً عن أن السعى سواء لإقامة منطقة عازلة لتحقيق سيطرة أمنية يعنى اعترافًا ضمنيًا بالعجز عن تحقيق الهدف الاستراتيجى الأساسى للعدوان، وهو القضاء على حركة «حماس» أو حتى على كتائب القسام. ولهذا يصبح استمرار الحديث عن هذا الهدف وتأكيد القدرة عليه خداعًا لجمهورٍ صهيونى متعطشٍ للدماء مثل قادته، وتدليسًا فاجرًا لزوم مواصلة العدوان لإكمال تدمير القطاع، ومحاولة تهجير بعض أهله. كما أن المقاومة ليست «حماس» فقط0 فهى الفصيل الأكبر الآن، ولكنه ليس الوحيد.
مشاركة :