جماهير الهلال وكريستيانو ما بين "الفعل" و"ردة الفعل": انعكاس لغياب مسؤولية التثقيف وتطبيق العقوبات

  • 2/12/2024
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أيام وعلى حسابها على منصة (X) دعت الكاتبة السعودية د. وفاء الرشيد إلى الحاجة لوقفة جادة لمراجعة تقييم جماهير الملاعب الرياضية، وقالت نصاً: "بكل حيادية أقولها: نحن بحاجة لوقفة جادة أمام أنفسنا في تقييم جمهورنا! جمهورنا الذي يستفز رونالدو بترديد اسم ميسي، الذي رفض اللعب بالسعودية، وقذفه بالماء والشالات في كل مباراة يواجهه فيها! نحن شعب أصيل يحترم الغريب.. أوفياء مسالمون، فكيف مع آمن بمشروعنا ودافع عن وطننا! فكيف مع من وقف بوجه من شكّك بشبابنا وبرؤيتنا وراهن علينا؟ رونالدو دافع وما زال يدافع في كل محفل عن رياضتنا وفرقنا وشبابنا وهو ليس مضطراً.. أنا اليوم هلالية تتابع النصر من أجل رونالدو.. كونوا سعوديين فقط". وطبعاً من السهل توقّع التفاعل مع منشور كهذا على منصة تتيح الانفلات بكل أشكاله مهما كان المطلب "صافي النوايا"، بل لم تسلم هي ولا حتى من تفاعلوا باتزان مع المنشور، مما دعاها لتسأل عن "محامٍ متمكن" للحصول على بعض حقوقها ممن تسابقوا على القذف والتسفيه والتشويه وغير ذلك. مرحلة مختلفة.. أسئلة أكبر: الأكيد أن الرياضة السعودية تمر بمرحلة مختلفة جداً، وأن المشروع السعودي حديث العالم، وأن هناك جهوداً تُبذل ليل نهار، وبالمقابل وتماشيًا مع من يطالب بالتفهم والموضوعية نحو جزئية "ضبط الجماهير" -بشكل عام كل الأندية- وأيضاً "ردات الفعل" سواء كانت مرفوضة، أو مستهجنة، أو غير مقبولة من اللاعبين أو الإداريين أو المدربين أو غيرهم، وأن ذلك حاصل ويحصل في العالم من حولنا وبغض النظر عن الأسماء تبقى الأسئلة الأكثر حضورًا وتنتظر الإجابات: 1)- من المستفيد من ذلك؟ 2)- هل الأنظمة والقوانين غائبة أم مفقودة أم لم تجد "تنفيذًا شجاعاً" ممن أوكلت إليهم؟ 3)- هل يفتقد جمهورنا الوعي المهم لمواكبة المرحلة؟ 4)- أين هي مسؤولية إدارات الأندية وجهات أخرى تمتلك الأدوات التثقيفية والتوعوية اللازمة ولها حراك ولكن غير "فعال" ويبدو بلا تأثير حقيقي، فنحن نتحدث عن ظاهرة تكررت وتتكرر وستتكرر في ظل بقاء الأوضاع على ما هي عليه. وفيما يخص السؤال الأول فمن السهل استنتاج الإجابة (لا أحد فالجميع خاسر). وفيما يخص السؤال الثاني فهناك جهات نثق بها ولا شك تعمل على معالجة الوضع بطريقة أو بأخرى، وربما يجب أن تنظر في رفع مستوى ما يصدر منها نحو الجهات المفترض أن تقوم بدورها المطلوب منها، وبدون أسماء ولكن "ما بال أقوام....!". سلوكيات الجماهير.. عقوبات لم تطبق! الأكيد أن السيطرة على سلوك الجماهير -ونبدأ بذلك لأن ردة الفعل تأتي بعده ونتيجة له- هو أمر صعب ولكن ليس مستحيلاً في بلادنا التي تمتلك أقوى الأنظمة وأفضلها، لكن تبقى مسألة تثقيف الجماهير هي الحل المشترك لجميع الجهات التي لها علاقة بالأمر، غير أن السلوك الحاد والمتكرر هنا يجب أن يحظى بمزجه بعقوبات متدرجة على الأقل. فعلى سبيل المثال ووفقاً لنظام الرياضة الجديد، فقد نصت المادة الثامنة والسبعون من النظام، على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 7 سنوات أو بغرامة مالية لا تزيد على 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام من الجمهور الحاضرين لمنافسةٍ رياضية أو فعالية رياضية بفعلٍ من أفعال العنف أو الشغب أو الفوضى.. ويعاقب بغرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال كل من أتى -علانيةً وعبر أي وسيلةٍ كانت- بفعلٍ أو قولٍ يحضّ على الكراهية أو التمييز العنصري أو التعصب الرياضي"، هنا يأتي التساؤل على من يجب تطبيق النظام، لو تم تطبيق الأنظمة لما رأينا مناظر مخجلة كما يحدث سواء كفعل متسبب أو ردة فعل أقبح منه ولكنها تظل نتيجة له. إضافة إلى ذلك تطول المسؤولية في ضعف تأثير التثقيف والتوعية كافة أذرع توعية المجتمع؛ مثل التعليم والإعلام والمؤثرين والبرامج الحوارية الرياضية التي ينظر لبعضها أنها تمتلك التأثير القوي، ولكنها توجهه بطريق غير متزنة بحثاً عن الاثارة والتشويق. التثقيف والعقوبات.. معاً: وإذا كان من الصعب تطويق الوضع بشكل قوي على منصات التواصل الاجتماعي، أو في عموم الشارع الرياضي، إلا أنه من الممكن تشديد تطبيق الأنظمة داخل أسوار الملاعب الرياضية؛ حيث يمكن مراقبة كل السلوكيات المخالفة ومحاسبتها فوراً، وهو أمر لم نرَ أي حراك واقعي من أي جهة من جهات وزارة الرياضة التي يبدو أنها تكتفي بالفرجة بشكل غير مقبول، فكثير من الأحداث المستهجنة على مرأى من العالم لم يتخذ حيالها حتى مجرد تنويه! وفي تحديد لأسباب التعصب الرياضي نقلت الشقيقة "عكاظ" عن الأخصائي الاجتماعي صالح هليّل الذي طالب الأندية الرياضية بتفعيل حقيقي لأهمية التحلي بالأخلاق الرياضية، وتعزيز القيم الرياضية والأخلاقية بين لاعبيها وجماهيرها، ومطالباً إدارات الأندية بتبني برامج تثقيفية وتوعوية وعقد وتنظيم ورش عمل وندوات وحملات توعوية، وصولاً لضرورة وجود العقوبات ضد المتعصبين رياضياً. واقترح أن "تشمل العقوبات المحتملة حظر المشجعين المتعصبين من حضور المباريات لفترة مؤقتة أو دائمة، وفرض غرامات مالية على الأندية أو المشجعين المخالفين، واتخاذ إجراءات قانونية في حالة وجود أعمال عنف أو تجاوزات خطيرة". الأكثر تسبباً: هذا فيما أبرزت دراسة أن رؤساء الأندية والإعلاميين هم الأكثر تسبباً في "التعصب الرياضي"، الدراسة نُشرت في فبراير 2016م وأجراها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وشارك بها 1044 شخصاً من المهتمين بالمجال الرياضي، وخلصت إلى أن مسببات التعصب الرياضي لدينا 26% يرون أن سببها الإثارة الإعلامية، و50% من العينة يؤكدون إساءة الجماهير للفريق الخصم، و24% يرون السبب هو اتهام الحكام بالتحيز، و36% يؤكدون أن إساءة منسوبي الأندية لمنافسيهم أحد عوامل ظاهرة التعصب، بينما أشارت الدراسة إلى أن الحلول المقترحة التي أبداها الاستفتاء تمثل ما نسبته 90% يؤكدون أهمية إيجاد قوانين لإيقاف الإعلاميين المغذّين للتعصب، بينما يرى 84% من العينة أهمية وضع قوانين تُجرم التعصب الرياضي. هذا فيما يقول الكاتب عبدالكريم الزامل في مقال له نشره في ديسمبر 2023م تحت عنوان "حماية" المشروع الرياضي السعودي: المثير للاهتمام مؤخراً أن هذا المشروع الكبير يُحاول بعض الإعلاميين "المتعصبين" تشويه صورته، والحملات "القبيحة" قولاً وكتابةً في بعض البرامج ووسائل التواصل الاجتماعي ضد أيقونة مشروع كرة القدم السعودية رونالدو بشكل غير لائق، تستدعي جهات الرصد في هيئة تنظيم الإعلام المرئي والمسموع القيام بدورها المنوط بها نحو تقويم ما يحدث على الساحة الإعلامية، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، والأمر ذاته مع وزارة الرياضة التي تتبنى المشروع الرياضي، وعليها حمايته من أي تشويه يطاله. وعلى دروب الخير نلتقي. ثقة متجددة غير بعيد عن ذلك يقول الكاتب عبدالله الحزيمي في مقال له في 10 فبراير 2024م: يقولون إن "موضوع الهجوم المستمر على رونالدو" لا يؤثر على المشروع الرياضي السعودي، الذي يأتي وفق رؤية طموحة لبناء مستقبل رياضي مزدهر، لكن هذا أحد المبررات المساعدة على التعصب، فما يفيد الإساءة إلى رونالدو أو إحباطه أو الهجوم عليه إن لم يخطئ!، ولدينا نماذج كثيرة حول العالم نرى فيها أن العنصرية والإساءة كانت سبباً لإنهاء أساطير. وفي كل الأحوال فتنفيذ العقوبات الرادعة يجب أن يشمل كل مسيء سواء متسبب أو ردة الفعل غير المقبولة، وهو أمر يجب أن يكون ضمن أولويات وزارة الرياضة؛ لحماية أي تطور عالمي للرياضة السعودية من أي تشويه حتى وإن كان من قلة أو فئة تقوم به مدفوعة بحماس غير مقبول أو تعصب منبوذ أو عاطفة غير منطقية تسبب في إساءات وسلبيات، وهذا الدور المؤثر بكل تأكيد وزارة الرياضة وقيادات الأندية مؤهلون جداً للقيام به، ونثق بهم في تقديم حراك قادم يليق بما نعيشه من تحولات على كافة المستويات وخصوصاً في المشهد الرياضي.

مشاركة :