تتواصل التحقيقات القضائية والأمنية، مع عدد من الموقوفين من ضمن شبكة للدعارة والاتجار بالبشر، وتستغلّ عشرات الفتيات السوريات وترغمهنّ على ممارسة الدعارة مع الرجال بالقوة، وتحت وطأة التعذيب وحجز الحرية والتهديد بالقتل. وكانت وحدة من قوى الأمن الداخلي في لبنان، فككت يوم الجمعة الماضي، أكبر شبكة للدعارة في البلاد وتمكنت من تحرير 75 فتاة معظمهن من التابعية السورية في منطقة جونية (شمالي بيروت)، وألقت القبض على عدد من الأشخاص الذين يشكلون مع آخرين أخطر شبكة للاتجار بالبشر. وأفاد بيان للمديرية العامة لقوى الأمن، أن تلك النسوة «تعرضن للضرب والاغتصاب، كما حملت بعضهن آثار تمزق أجزاء من أجسادهن». وأشار إلى أنه «تم إنقاذ 75 امرأة معظمهن سوريات تعرضن للضرب والتعذيب البدني والنفسي وأجبرن على ممارسة أفعال جنسية والتقطت لهن صور فاضحة تم توزيعها». مصادر متابعة لمجريات هذا الملف، أعلنت لـ«الشرق الأوسط»، أن «مكتب حماية الآداب العام استجوب حتى الآن ما يزيد عن 35 شخصًا، بإشراف النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم، الذي أمر بتوقيف نحو 14 شخصًا على ذمة التحقيق حتى الآن». وأوضحت أن «من بين الموقوفين أصحاب ملهيين استقدموا هؤلاء الفتيات، على أساس تشغيلهن عاملات في مطاعم، ثم حولوهن إلى رقيق، وأشخاص سوريين ممن عملوا على استدراج الفتيات وإيقاعهن في حبائل الشبكة، والحراس الذين كانوا يتولون احتجازهن ويحولون دون خروجهن من أقبية التعذيب والاستعباد». وأشارت المصادر إلى «توقيف طبيب وممرضة يعملان لحساب الشبكة». وقالت «إن الطبيب اعترف خلال استجوابه بإجراء نحو 200 عملية إجهاض للفتيات الأسيرات». وأكدت «العثور على طفل لا يتجاوز عمره الثمانية أشهر، هو ابن إحدى النساء اللواتي تمّ تحريرهن التي حملت به من زبائن الملهى، وعجزت الشبكة عن إجهاضها، لأن حملها اكتشف في مرحلة متأخرة». مصدر قضائي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدد الموقوفين مرشّح للارتفاع في ضوء الاعترافات التي يدلي بها المحتجزون على ذمة التحقيق، ومدى كشفهم عن أسماء أخرى متورطة في هذه القضية». ولفت إلى أن «الجرائم التي ارتكبها أفراد هذه العصابة تتخطى ترويج الدعارة وإجبار فتيات على ممارستها، لتصل إلى جرائم جنائية خطيرة جدًا وتتمثّل في حجز حرية الفتيات الضحايا وممارسة فنون التعذيب معهن، وإجهاضهن إما بالضرب على بطونهن أو بإعطائهن جرعات أدوية تهدد حياتهن، أو بعمليات إجهاض سريرية كان يتولاها أحد الأطباء بالتواطؤ مع الشبكة المتعددة الرؤوس». وتوقع المصدر أن تنتهي التحقيقات الأولية خلال الساعات القليلة المقبلة، ويحال الملف مع الموقوفين على النيابة العامة في جبل لبنان للادعاء عليهم»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن «الفتيات الضحايا بتن في عهدة جمعيات إنسانية لبنانية وأجنبية تعنى بحقوق الإنسان وبحقوق المرأة، وهذه الجمعيات كلّفت عدد من المحامين للادعاء على الجناة، ومواكبة القضية في مرحلتي التحقيق الاستنطاقي والمحاكمة أمام محكمة الجنايات». يذكر أن القضاء اللبناني، سبق له ولاحق عددًا كبيرًا من شبكات الدعارة والاتجار بالبشر التي تستغل فتيات سوريا وعاملات منازل من جنسيات آسيوية، وأنزل أحكامًا مشددة بحق من يديرها ويروج لها، إلا أن أعداد اللواتي استغلتهن هذه الشبكات كان محدودًا، وفي أسوأ الأحوال لم يتجاوز عدد ضحايا أكبرها العشر فتيات، قبل أن تكتشف الشبكة الأخيرة وتحدث فصولها صدمة لدى الرأي العام اللبناني والجمعيات التي تعنى بحقوق المرأة.
مشاركة :