أكد معالي عبد الرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، أهمية جاهزية النظم الصحية لمستقبل النمو الحضاري، مشيراً إلى أنه في منتدى الصحة العالمي الذي استضافته القمة العالمية للحكومات العام الماضي تم الحديث عن المرض (أكس)، إلا أنه خلال عام (منذ الدورة الماضية للقمة العالمية للحكومات)، قد تغيرت كثير من الأمور المتعلقة بالخدمات الصحية. وقال معاليه: «لذلك خلال منتدى العام الحالي للقمة سنتكلم عن الصحة في المدن والمجتمع الحضري، حيث يعيش 55% من سكان العالم في المناطق الحضارية، 68% منهم يسكنون في 50 مدينة حول العالم». وأضاف: المدن أصبحت هي مراكز التحول، وهذا يفيد المجتمعات العمرانية، إلا أن هناك تحديات تواجه الوضع الصحي في المدن حول العالم، فمثلا 40% ممن يعيشون في المدن لا يحصلون على الخدمات الأساسية، و91% يتنفسون هواء ملوثاً». جاء ذلك، خلال افتتاح معالي عبد الرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، لمنتدى الصحة العالمي الذي نظمته القمة العالمية للحكومات 2024. وشدد العويس، على أن التطور العمراني السريع في العالم يجب أن يقابله تحرك صحي سريع وبنفس المستوى، حيث تخلق الأنظمة العمرانية السريعة بعض التحديات الصحية، لافتا إلى أن الوضع الصحي في المدن يتطلب ما يتخطى الرفاه، وهو الجهوزية. وأكد معاليه ضرورة الاستثمار في تطوير الجاهزية الصحية في المدن والتركيز على الاستثمار التكنولوجي، حيث يجب أن تكون مدمجة في كل الحلول الصحية في المدن، مشيراً إلى أهمية الاستثمار إلى الخبراء والمختصين فيما يتعلق بالحلول للتحديات. بعد ذلك انطلقت نقاشات وجلسات منتدى الصحة العالمي، وكانت أولى جلساته عن التحديات والفرص والحلول الصحية للنمو الحضري المتسارع، تحدث فيها حسن النويس، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة (ام 42)، ولجين القدماني رئيس الجمعية الطبية العالمية، وجيف شليغيلميلش مدير المركز الوطني للتأهب للكوارث بكلية كولمبيا للمناخ. كما تحدث اندرو رزيبا شريك ومدير تنفيذي بشركة كول اب، والدكتور سيت بيركلي، كبير مستشاري الصحة الاستراتيجية ومستشار أول مركز الأوبئة بجامعة بروان، و أدار الحوار امانديب بالغهو، مؤسس شركة فويس ميديا لندن. في مستهل الجلسة، تحدث حسن النويس، عن فترة «كوفيد-19»، حيث لم يكن وقتها هناك دليل يمكن الاعتماد عليه، لذلك كان علينا أن نتعامل مع الأمر ونتكيف معه، مما أسفر عن بعض التحديات التي واجهت العالم. وأشار إلى أنه من أبرز هذه التحديات الطريقة التقليدية للتعامل مع الرعاية الصحية، وهي أمر غير مستدام، كما كان هناك نقص في الكوادر الطبية والتمريضية والفنية، بلغ 10 ملايين من الممارسين الصحيين، وبالتالي هناك عجز عالمي في توفير الكوادر الصحية. تحديات الرعاية من جهتها، تحدثت لجين القدماني، عن الأوجه الأخرى لهشاشة الأنظمة الصحية في العديد من دول العالم، مشيرة إلى أن العجز في الكوادر الصحية أبرز المظاهر الدالة على ذلك، وسيكون 50% من نقص الممارسين الصحيين في أفريقيا وحدها. وطالبت بالتوزيع المتكافئ للكوادر الصحية حول العالم وأيضا تكافؤ الفرص، لافتة إلى إشكالية تلوث الهواء وتزايد الإصابة بالأمراض النفسية والأمراض المعدية. بعد ذلك ذكر الدكتور سيت بيركلي، أن 80% من سكان شمال الكرة الأرضية يعيشون في المدن، مقارنة بـ57% من سكان الجنوب، و90% من سكان العالم يحصلون على التطعيمات واللقاحات اللازمة للوقاية من الأمراض، فيما لا ينال هذه الميزة 10%، محذرا من خطورة عدم تكافؤ الفرص والحقوق الصحية. أما جيف شليغيلميلش مدير المركز الوطني للتأهب للكوارث بكلية كولمبيا للمناخ، فركز على أهمية تأطير الخدمات الصحية، في ظل إمكانية حدوث الكوارث بشكل متكرر وربما كثيرا، متناولا أوجه الهشاشة في البنى التحتية الصحية، رغم أنها يجب أن تكون مكوناً أساسياً ومتقدماً في كافة المجتمعات. ونبه إلى ضرورة تجنب خلق نقاط هشاشة وضعف جديدة في البنى التحتية الصحية، فإذا لم يمكن تفادي وإصلاح نقاط الضعف الحالية، فعلى الأقل يحدث وقوف عند هذا الحد من الهشاشة. وتحدثت لجين القدماني، عن النماذج المتقدمة في الرعاية الصحية، مشيرة إلى وجود 37 مدينة حول العالم من بينها أبوظبي ودبي ملتزمة بتوفير هواء نظيف ونظام نقل مستدام، مشيرة إلى أن التقنيات الجديدة والكوادر الجديدة ينبغي أن نتعلم منها استخدام التقنيات الجديدة. وطالبت بالسعي إلى تحسين دورة حياة الناس وانخراط الكوادر الطبية في طرح حلول وجوانب صحية للمجتمع. نموذج أبوظبي رداً على سؤال حول دور التكنولوجيا في تجاوز التحديات الصحية في المدن، أكد جاسم النويس أن التكنولوجيا هي الحل بكل تأكيد، مشيراً إلى أن دولة الإمارات بصفة عامة وإمارة أبوظبي بصفة خاصة أخذت العديد من الخطوات في هذا الجانب؛ لأنهم يؤمنون بأن التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي هي المستقبل. وأشار إلى أن من أبرز المشاريع التي تعمل عليها إمارة أبوظبي لصناعة مستقبل أفضل للخدمات الصحية، مشروع الجينوم وتحليل البيانات، حيث يعطي هذا المشروع خطوة إضافية للتركيز على الدقة والوقاية وأيضاً الوصول إلى توفير العلاج الشخصي للمريض، لتكون أبوظبي من أوائل مدن العالم التي قد تصل إلى هذه النتيجة المتقدمة للغاية في مجال الرعاية الصحية. وأكد أن توفير العلاج الشخصي للمرضى سيكون له دور كبير في تقليل التكلفة الاقتصادية للرعاية الصحية وخفض معدلات الأمراض المزمنة، وتسريع معدلات الشفاء من الأمراض، مشيراً إلى أن أبوظبي تركز في مشاريعها على الأشخاص وليس على المرضى، بمعنى أنها تسعى إلى تحقيق الوقاية تجنباً للإصابة بالأمراض.
مشاركة :