الغموض يكتنف ظروف وفاة أبرز معارض روسي

  • 2/16/2024
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

موسكو - أعلنت روسيا اليوم الجمعة وفاة المعارض البارز أليكسي نافالني، فيما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن مصلحة السجون الروسية تتحرى للوقوف على جميع ملابسات الوفاة الغامضة التي أثارت ردود فعل دولية. ونقلت صحيفة نوفايا جازيتا الروسية عن والدة نافالني قولها إن ابنها كان "على قيد الحياة وبصحة جيدة وسعيدا" عندما رأته آخر مرة في 12 فبراير/شباط. وذكرت نوفايا جازيتا أن ليودميلا نافالنايا كتبت في منشور على فيسبوك اليوم الجمعة "لا أريد أن أسمع أي تعازي. لقد رأيناه في السجن يوم 12 فبراير. كان على قيد الحياة وبصحة جيدة وسعيدا". وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن المعارض الروسي أليكسي نافالني راح ضحية كونه رمزا لروسيا حرة وديمقراطية وهي تصريحات تنطوي على القول إنه قُتل عمد. وقالت بيربوك على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "تفرد أليكسي نافالني بكونه رمزا لروسيا حرة وديمقراطية. وهذا بالتحديد السبب وراء وفاته". وقال وزير المالية كريستيان ليندنر على إكس أيضا "ناضل أليكسي نافالني من أجل روسيا ديمقراطية... ولذلك عذبه بوتين حتى الموت". واعتبر البيت الأبيض اليوم الجمعة أن وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني "مأساة فظيعة في حال تأكدت". وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان للإذاعة الوطنية العامة "إن بي آر" إن تاريخ الكرملين "الطويل والقذر" في إيذاء معارضيه "يثير أسئلة حقيقية وواضحة حول ما حدث". وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم أن روسيا "مسؤولة" عن وفاة المعارض أليكسي نافالني في السجن وقال خلال مؤتمر ميونيخ للأمن إن "وفاته في سجن روسي والتركيز على رجل واحد والخوف منه يسلّط الضوء على الضعف والتعفّن في قلب المنظومة التي بناها بوتين". وأضاف "روسيا مسؤولة عن ذلك". ودفع أليكسي نفالني حياته ثمنا لمعارضته فلاديمير بوتين مع تنديده دونما هوادة بقمع النظام الروسي وفساده وغزوه لأوكرانيا، فتعرض للتسميم وأدخل السجن حيث فارق الحياة اليوم الجمعة. وكان نافالني البالغ 47 عاما مسجونا منذ يناير/كانون الثاني 2021. وقد صدر في حقه في أغسطس/آب الماضي حكم إضافي بالسجن 19 عاما بعد إدانته بتهمة "التطرف". ونقل في نهاية العام 2023 إلى سجن ناء في منطقة قطبية في الشمال الروسي في ظروف بالغة الصعوبة أعلنت سلطاته وفاته الجمعة، فيما اعتبرت محاكماته الكثيرة ذات دوافع سياسية ووسيلة لمعاقبته لمعارضته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد تركت عملية التسميم التي تعرض لها في العام 2020 ونجا منها بأعجوبة وإضرابه عن الطعام وفترات طويلة في الحبس الانفرادي تداعيات وخيمة على صحته، إلا أن ادخاله السجن لم ينل من عزيمته. وخلال جلسات المحاكمة ورسائل بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة محاميه استمر في التنديد ببوتين واصفا إياه بأنه "مسن مختبئ في ملجأ محصن" لأن الرئيس الروسي نادرا ما يظهر للعلن. وأثناء محاكمة بتهمة "التطرف" اعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا "الحرب الأكثر جنونية في القرن الحادي والعشرين". وفي رسائله عبر الإنترنت كان يسخر من العقوبات التي تفرضها عليه إدارة السجون. فكانت تجبره خصوصا يوما بعد يوم على الاستماع بشكل متواصل للخطاب نفسه لفلاديمير بوتين. وكان نافالني يحرص على إبداء دعمه للمعارضين الآخرين المسجونين جراء القمع منددا بقضاء روسي "فاش" ولطالما حرص على بعض التفاؤل. فكتب في يونيو/حزيران 2023 "أعرف أن الظلمة ستتبدد وأننا سننتصر وأن روسيا ستصبح دولة مسالمة ومشرقة وسعيدة". وفي غضون أكثر من عشر سنوات فرض المحامي نافالني الذي كان لفترة قريبا من الطروحات القومية، نفسه المنتقد الأول لفلايديمير بوتين و"حزبه المؤلف من لصوص ودجالين" على ما كان يقول. وبدأ يبرز من خلال المشاركة في تنظيم تظاهرات كبيرة للمعارضة في 2011 و2012 قُمعت في نهاية المطاف. في العام 2013 حل ثانيا في الانتخابات البلدية في موسكو في انجاز عزز من شهرته. وتعرض لمضايقات من قبل السلطات وتجاهلته وسائل الإعلام الرسمية إلا أنه تمكن من تعزيز وضعه بفضل نشره تحقيقات مصورة انتشرت بشكل واسع تندد بفساد السلطة الروسية في المقابل كان الرئيس الروسي يرفض حتى التلفظ باسمه. وتمكن نافالني من تشكيل قاعدة في صفوف الشباب لا سيما في المدن إلا أن شعبيته على الصعيد الوطني وفي صفوف الأجيال المختلفة بقيت محدودة. وفي معسكر المعارضين للكرملين، كان يأخذ عليه البعض قربه السابق من اليمين المتطرف أو غموض موقفه من ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في العام 2014. إلا أن وضعه بات قضية جميع المعارضين والمنظمات غير الحكومية والدول الغربية عندما تعرض للتسميم في أغسطس/آب 2020 في سيبيريا في خضم حملة انتخابات محلية ونقل إلى ألمانيا وهو على حافة الموت حيث عولج، بموافقة الكرملين. ولم يثن هذا الأمر أليكسي نافالني بعد تعافيه من العودة بقوة إلى الساحة في ديسمبر/كانون الأول 2020 عندما أوقع عميلا روسيا وحمله على الاعتراف في اتصال هاتفي بأن أجهزة الاستخبارات تقف وراء تسميمه. وبعد يومين على ذلك وفي تحقيق مصور اتهم فلاديمير بوتين بأنه يبني قصرا فخما مترامي الأطراف يطل على البحر الأسود. وكان لهذا التحقيق وقع كبير دفع ببوتين شخصيا إلى نفي ما ورد فيه، إلا أن ذلك فضلا عن قضية تسميمه، لم يؤد إلى تعبئة الشعب الروسي وقُمعت التظاهرات سريعا. وبدت السلطات مصممة على تعقيد حياة المعارض إلى أبعد الحدود فيما بدا هو عازما على عدم الاستسلام. وأكد أمام المحكمة في سبتمبر/أيلول 2022 بعدما أمضى 12 يوما في الحبس الانفرادي لأنه ندد بالغزو الروسي لأوكرانيا "لن أسكت وآمل ألا يصمت كل الذين يسمعونني".

مشاركة :