«علي بابا» تفسح المجال للشركات الصينية المنافسة

  • 2/18/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تنتج المصانع الواقعة في طريق «علي» وجادة «جاك ما» بمنطقة شاجي شرق الصين خزانات وطاولات قهوة، وتمت تسمية هذه الشوارع تكريماً لمؤسس «علي بابا»، جاك ما، بعد أن ساعدت شركته في تحويل المدينة الزراعية إلى مجتمع يضم تجاراً على الإنترنت طيلة العقدين الماضيين، لكن يشير مالكو المصانع حالياً إلى أن منصات جاك ما لا تضمن المبيعات، فبدأوا في عرض بضائعهم على متاجر منافسة على الإنترنت، بينها «بيندودو» و«جيه دي دوت كوم»، و«بايت دانس» التابعة لـ «دويين»، للبقاء على قيد الحياة. وقال زو شيان، الذي يدير خمسة مصانع في شاجي: «أجبرتني السوق على الاتجاه إلى «بيندودو»، وإلا لكان قضي علينا»، وتابع «التجار يتخلون عن «علي بابا»، وكذلك العملاء». وأفاد أكثر من ستة تجار بتغير سلوك المتسوقين الصينيين، إذ صار الشراء من منصات متعددة هو الوضع الطبيعي الجديد، ما يجبرهم على أن يحذوا حذو المتسوقين من خلال فتح متاجر عبر الإنترنت في أماكن أخرى. ويسلط تنوع المبيعات عبر الإنترنت الضوء على المشكلة التي تواجه «علي بابا»، وهي عملية إعادة هيكلة طموحة، وفي الوقت نفسه إعادة إحياء أعمالها الرئيسية في فضاء التجارة الإلكترونية. وهكذا أصبحت المصانع التي تبيع منتجاتها على منصات عديدة اليوم، بعيدة كل البعد عما كانت عليه الأحوال في الأعوام الأولى، التي شهدتها شاجي، حينما كانت المواقع الإلكترونية التي وفرتها «علي بابا» هي الخيار الوحيد المتوفر أمام التجار. شاجي، التي تقع دونغ فينغ في وسطها اشتهرت باعتبار أنها «قرية تاوباو» النموذجية، و«تاوباو» هو موقع للتجارة الإلكترونية تملكه شركة «علي بابا»، وروجت الشركة لهذا المصطلح باعتباره مخططاً جديداً للتنمية الريفية. وهناك الآن 7780 قرية «تاوباو»، بحسب الشركة. بدأت قرى كثيرة منها مثل شاجي ببضع تجار ثم نمت، بعد أن حفز نجاحها الجيران والأقارب على الانضمام إلى هذا الركب، فتحولت الحقول رويداً رويداً إلى مصانع. البائعون عبر الإنترنت هم شريان الحياة لأي منصة للتجارة الإلكترونية. وبالنسبة لشركة «علي بابا» فإن التجار الذين يقدمون عطاءات لعرض بضائعهم بشكل بارز على موقعي «تاوباو»، و«تي مول» التابعين لها، والعمولات التي يدفعها البائعون على كل عملية بيع هي التي تحقق الأغلبية العظمى من أرباح شركة التجارة الإلكترونية، لكن حسابات «علي بابا» كشفت عن أن هذه الإيرادات في العام الماضي كانت أقل من الذروة المسجلة في 2021 بنسبة 4%، وتشير تقديرات المحللين لدى مجموعة «بيرنستين» للأبحاث إلى أن حصة المجموعة من كعكة التجارة الإلكترونية في الصين انكمشت من 68% في 2019 إلى 42% في 2023، ويرى روبن تشو، كبير المحللين لدى «بيرنستين»، أن «المبادرات التي نفذتها الشركة حتى الآن لم توقف تراجع حصتها السوقية. وتولى إيدي وو، الرئيس التنفيذي الجديد لدى «علي بابا»، السيطرة المباشرة على كل من «تاوباو» و«تي مول» في ديسمبر الفائت، وأخبر المستثمرين الأسبوع الماضي أن المجموعة تركز على تجديد أعمال التجارة الإلكترونية، وتحسين تجربة المستخدمين وزيادة عدد المنتجات، التي تبيعها المصانع مباشرة. ويعمل وو أيضاً على تنظيم عملية إعادة هيكلة أوسع نطاقا لـ«علي بابا»، في الوقت الذي يعمل فيه على كبح المنافسين. وحلت «بيندودو»، المملوكة لـ«بي دي دي هولدنجز»، في نوفمبر العام الماضي، كأكبر منصات التجارة الإلكترونية محل «علي بابا» لفترة وجيزة، قياساً بالحصة السوقية، وكانت المرة الأولى على الإطلاق. وفي مكتب زو شيان تنقل شاشة بثاً حياً لما يجري في ورش العمل الخاصة به في شاجي، وأفاد بأن نحو 60% من مبيعاته تأتي حالياً من «بيندودو»، فيما تتقاسم «علي بابا»و«جيه دي دوت كوم»، وبدرجة أقل «دويين»، النسبة الباقية. بدأ زو في بيع منتجاته على موقع «علي بابا» في عام 2015، إلا أنه انضم إلى «بيندودو» منذ 3 سنوات، فأحضره موظفو الشركة إلى مقرها الرئيسي في شنغهاي، لحضور جلسات عن استراتيجية البيع عبر الإنترنت، ومن حين إلى آخر يتواصلون معه بشأن أنواع المنتجات التي يحتاج إلى توفيرها بشكل أكبر. ويتناقض هذا الدعم المباشر مع نهج «علي بابا» المنطوي على عدم التدخل. وقال زو إن «موظفي «علي بابا» لم يهتموا بنا على الإطلاق»، وتابع «لقد بدأوا يأتون إلى هنا حالياً، لكن ما الذي يمكنهم تقديمه لنا، فليس لديهم أي متسوقين». رغم ذلك قال زو: إن حجم الطلب عبر «بيندودو» يكفي كي تواصل مصانعه عملها، مشيراً إلى أن أرباحه جاءت من بيع سلع ذات هوامش أعلى على موقعي «تاوباو» و«جيه دي دوت كوم»، وأردف «ليس بإمكاننا الاعتماد على منصة واحدة فقط، فنحن بحاجة للتنويع». وتسارع نمو «بيندودو»، المعروفة بأسعارها المخفضة، خاصة مع تعثر الاقتصاد الصيني، وأعلنت مصانع في شاجي أن مستخدمي «بيندودو» يركزون حصرا على الأسعار المنخفضة، وأن محاولة لتقليد تطبيق «علي بابا» في 2020 تحت اسم «تاوباو ديلز»، لم تلق نجاحاً. وقالت إحدى ملاك المصانع، التي تصنع طاولات القهوة وخزائن الملابس «أعداد المتصفحين على بيندودو كبيرة، لذا فنحن لسنا بحاجة لشراء إعلانات كثيرة». وقالت إنها تقسم مبيعاتها حالياً تقريباً بالنصف بين «بيندودو» و«علي بابا»، لكن رفضت ذكر اسمها. ورداً على طلب للتعليق تقدمت به «فايننشال تايمز»، أعلنت «تاوباو» و«تي مول»أنهما مجتمعتان أكبر مزود لخدمات التجارة الإلكترونية في الصين من حيث القيمة الإجمالية للسلع، وأن المنصتين عززتا أعداد التجار لديهما، وكذا المتسوقين المتعاملين، وحجم الطلبات، خلال العام الماضي، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وقال لو زندونغ، الأستاذ في جامعة «نانجينغ»، الذي ألف كتابا عن قرى «تاوباو»، إن المصطلح لم يعد دقيقاً. وأوضح أن «عدداً كبيراً من قرى «تاوباو» لم تعد تستخدم «تاوباو» في الأساس»، وأضاف «إنها قرى تجارة إلكترونية في حقيقة الأمر»، وتابع «انخفضت القوة الشرائية للجميع بعد الجائحة، ومن الطبيعي أن تبلي «بيندودو» حسناً». رغم ذلك ما زال بعض ملاك المصانع في شاجي يقاومون بيع منتجاتهم على «بيندودو»، فمثلاً يصنع لي سو خزانات من الألومنيوم عالية الجودة حسب الطلب، وأشار إلى أن المتسوقين على «بيندودو» مقتصدين للغاية حتى أنهم لا يشترون منتجاته. وقال: «تنخفض الزيارات على «تاوباو وتي مول»، هذا صحيح، لكنهما لا يزالان المكان الذي يوجد فيه أفضل العملاء»، وأشار إلى أنه في ذروة موقع على بابا كانت نحو 30% من الزيارات إلى متجره مجانية، لكنها صارت 15% فقط على الأكثر الآن، وأنه يدفع مقابل البقية من خلال شراء الإعلانات. وقال صاحب مصنع شاب، كان يشرف على نحو 60 عاملاً يقومون بتجميع المرايا، إنه تخلى عن موقع «بيندودو» العام الماضي عندما لم يتمكن من البيع بشكل مربح. وأضاف «تنخفض أعداد الزيارات في موقع «علي بابا» بكل تأكيد»، مشيراً إلى أنه سيركز على زيادة مبيعاته على منصة «جيه دي دون كوم» وخارج الصين العام المقبل، وأضاف رافضاً ذكر اسمه «لا يمكنك الاعتماد على منصة واحدة فحسب، فكلهم غير موثوقين». وعلق ينغ ييوو، الأستاذ المشارك لدى جامعة «هانغشتو نورمال»، إن سوق «علي بابا» الريفية تضررت كثيراً جراء بروز منصات أخرى للتجارة الإلكترونية. ولفت إلى أن «المتسوقين والباعة في المدن الصغيرة والمناطق الريفية لم يعودوا مقيدين إلى منصات «علي بابا» مثلما كانوا قبل عقد». وأضاف «تحتاج «علي بابا» لأن تأتي باستراتيجية جيدة حقاً، في ظل التنافس المحموم بين كبرى المنصات». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :